التفتت الحكومة أخيراً لأهمية التدريب، وقامت بإنشاء وزارة تنمية الموارد البشرية التي وضع وزيرها الأسبق كمال عبد اللطيف اللبنات الاولى لها، وأرسى قواعد الوزارة المناط بها الاهتمام بتدريب وتطوير وتنمية قدرات منسوبي الخدمة المدنية من موظفين وعمال، واقتفت حكومة الخرطوم أخيراً أثر المركز وأسست مجلساً أعلى لتنمية الموارد البشرية أسندت مهامه للوزير محمد يوسف الدقير الذي عقد مؤتمراً صحفياً نهاية الأسبوع الماضي طاف من خلاله على مهام عمل مجلسه، ولكن من تابع المؤتمر يلحظ أن ملف التدريب يبدو شائكاً ومعقداً، سيما في ظل وجود أعداد هائلة من مراكز التدريب الخاصة. ولم يخف الوزير وأركان حربه غضبهم على المراكز، ووجه لها اتهامات بتبديد أموال حكومية ضخمة من خلال تنفيذ دورات دون أن يكون لها أثر، وأقروا بأن العملية التدريبية كان بها مشكل. وكشف الدقير عن وضع مجلسه لشروط وضوابط تنظم عمل مراكز التدريب، وشدد على عدم سماحهم لأي موظف أو عامل بالانخراط في التدريب ما لم يستوف المركز الشروط التي حددها في تهيئة المقر والاستعانة بمدربين أكفاء، ولعل هذه واحدة من المشكلات التي ظلت تعترض مسيرة التدريب، ولذلك كانت سخرية الأمين العام للمجلس عبد العاطي محمد خير من المراكز الخاصة في محلها، عندما أكد أن تلك المراكز بها خلل وبعضها يتكون من غرفة واحدة، وهدد بعدم تقديمهم يد العون لأي مركز ما لم يلتزم بموجهات المجلس. وفي ما يبدو أن حكومة الخرطوم تحاول ان تضبط عمل مراكز التدريب الخاصة بعد أن فشلت الوزارة الاتحادية في ذلك، ويدور حديث كثيف عن وجود إشكالات إدارية ومالية في عدد كبير من المراكز، ووجود تقاطعات بين تلك المراكز والوزارة، والأمر ليس بعيداً من وزير الدولة بالوزارة هبة محمود. وحكومة الخرطوم كشفت عن نيتها إنشاء مركز للتدريب على أسس علمية ومنهجية، ما يعني اعتزامها بسط سيطرتها بالكامل على ملف التدريب بالولاية ذات العددية الهائلة من العاملين. وأجاز المجلس خطة تستهدف تدريب «29» الف موظف هذا العام، لكن الوزير محمد الدقير طمأن مراكز التدريب التي تقارب ال «300» مركز إلى أن المركز المزمع إنشاؤه لن يكون خصماً عليهم. حكومة الخرطوم لديها مساحات كبيرة يمكن أن تتحرك فيها، وهي عبارة عن مراكز التدريب المهني في بعض محليات الولاية، وقد باهى الدقير ببعضها مثل مركز كرري الذي صرفت عليه الحكومة ملايين الدولارات .. على كل تبدو مهمة التدريب عسيرة في ظل التقاطعات بين الحكومة والقطاع الخاص، وفي ظل عدم إيمان مسؤولين بأهمية التدريب، وربما مسؤولو حكومة الخرطوم ليسوا من تلك الفئة عندما كشف الدقير عن تدريب نظرائه من الوزراء بالخرطوم بل الوالي نفسه.