للكاتب الذائع الصيت إسحق أحمد فضل الله الذي ما انفك يُخبر عن طابور خامس يتسنم مواقع رفيعة في الحكومة قصة أثيرت عن انهيار الاتحاد السوفيتي بطلها أحد المدسوسين على حكومته آنذاك خلاصتها أن مهمته انحصرت في وضع المسؤول الخطأ في كل موقع بالدولة وفي خط موازٍ دفعت اعتداءات دولة الجنوب المتكررة على البلاد مؤخرًا وازدياد وتيرة هجوم جبهة التحالف الثوري بولاية جنوب كردفان دفعت نائب الرئيس لشؤون الحزب نافع علي نافع للتصريح علنًا بتكليف الأمانات ورؤساء القطاعات بوضع خطة تفصيلية تتحدث عن الطابور الخامس بالاسم وبعض ما تسمى بمنظمات المجتمع المدني التي وصفها بربائب الدوائر الغربية في الداخل والخارج وليست هذه هي المرة الأولى التي تشير فيها قيادات الحكومة والمؤتمر الوطني لمن تصفهم بالعملاء المأجورين فقد سبق لرئيس جهاز الأمن السابق صلاح قوش في فبراير «2008» أن اتهم عددًا من الكتاب الصحفيين بتلقي رواتب منتظمة من منظمات وسفارات بالخرطوم، وعلى ذات الدرب سار رئيس المجلس الوطني أحمد إبراهيم الطاهر الذي توعد في أواخر ديسمبر الماضي بكشف أسماء العملاء من الصحفيين والسياسيين ممن تدربوا وتلقوا أموالاً من جهات خارجية في جلسة مغلقة بالبرلمان عُقدت في نهاية ديسمبر الماضي على إثر اندلاع الحرب في النيل الأزرق. التصريحات السابقة ركزت على الصحفيين بينما اتسع حديث نافع ليشمل «الكل» صحفيين وأحزابًا وكيانات، وأضاف مساعد الرئيس أن حزبه بصدد تدشين حملة شرسة تهدف لتوضيح الفرق بين السودانى الأصيل وبين العميل الذى باع نفسه للوبيات الغربية ووكلائها في الجنوب، ولدعم الذين سقطت عنهم الوطنيه بدعم الحلو وتمرد دارفور، وتتالت أحاديث المسؤولين التي تكثِّف فيها الحكومة هجومها على من تصفهم بالخونة والعملاء في الملمات الكبرى التي تجابه البلاد ومن ذلك هجوم حركة العدل والمساواة على أم درمان «مايو 2010» فقد كانت أحاديث القيادات بالحكومة آنذاك تذهب إلى أن نجاح الضربة كان يعتمد على الطابور الخامس بنسبة تصل إلى «70%». وبالرغم من أجواء الحرب التي تخيم على البلاد الآن سواء في هجليج أو بقية أنحاء جنوب كردفان وكذا النيل الأزرق يعزز من الاتجاه الذي يجَرم أي بادرة أو عمل لا يصب في صالح الوطن إلا أن هذه الوقائع من الممكن تفسيرها بأنها محاولة من الحكومة أو المؤتمر الوطني لاستغلال الظرف لحرق الخصوم معنويًا أمام الرأي العام، وكما أبدت أحزاب المعارضة خشيتها من أن قانون التجسس الذي يعتزم البرلمان إعداده المقصود منه التضييق عليها رفضت اتهام الحكومة لها بأنها هي التي أوعزت لأنصارها للاصطفاف في طلمبات الوقود للإيحاء بوجود أزمة وقود وذلك على خلفية احتلال دولة الجنوب لمنطقة هجليج النفطية الأسبوع الفائت. من جانبه استبعد د. حسن الحاج علي عميد كلية الاقتصاد والدراسات الاجتماعية بجامعة الخرطوم أن تستغل الحكومة الأوضاع الراهنة للتنكيل بالمعارضة باعتبار أن الوضع العام في البلاد يتطلب لم الشمل لاسيما وأن هناك أحزابًا أبدت دعمها للقوات المسلحة كالأمة القومي وعزا في حديثه ل «الانتباهة» كثافة التصريحات عن العملاء بالتحديات التي تواجهها البلاد حاليًا من عدوان دولة الجنوب وتحالف الجبهة الثورية، وفي المقابل يقول نافع إن برنامج محاربة العملاء سيكون شاملاً لكل القوى الوطنية حتى يحكم أهل السودان بالفناء السياسي على العملاء الذين لايفرِّقون بين القضايا الحزبية والوطنية ولم يكتف بتلميحه ذاك بل أعلنها صراحة في صحف الأمس بوصفه لحزبي المؤتمر الشعبي والشيوعي السوداني بالخيانة الوطنية باعتبار أنهما لم يدينا الهجوم على هجليج في الوقت الذي جرد فيه القيادي بالشعبي محمد الأمين خليفة في صالون سيدا أحمد خليفة من يكشف ظهر القوات المسلحة وهي تدافع عن الوطن بأنه لا وطنية له ولا دين ولا عقل، بينما قال الناطق الرسمي للشيوعي لصحف الأمس إن حزبهم يدعو الجيش الشعبي للخروج من هجليج ووقف إطلاق النار بين الطرفين، يبدو أن نافع يشير للأمين العام للشعبي د. حسن الترابي ومركزية الشيوعي. وعن ماهية العملاء يرى الحاج أن العملاء محدودون ومدسوسون في مراكز مختلفة وأنهم ليسوا حكرًا على حزب بعينه وذهب إلى أن الوطني نفسه لا يخلو منهم ولكنه استبعد وجودهم في مستوى القيادات العليا أو الوسيطة للقيادات مقرًا بوجودهم في المستويات القاعدية. على كلٍّ ستكشف الأيام القادمة مدى صدقية الحكومة في إشهار قوائم العملاء للملأ كما قالت أم إن أحاديثها تلك لا تعدو كونها كلمات للاستهلاك الإعلامي ليس إلا.