ضحك مرافقي في العربة وهو يرى الدهشة ترتسم على وجهي ونحن نتجه شمالاً صوب مدن الفتح بأمدرمان، ودهشتي تعددت أسبابها ولكن أكثر ما لفت نظري هو البيئة التي تعيش فيها تلك المناطق والتي تبدو في غالبها بسيطة جدًا، فقال لي مرافقي إن المسافة بين قلب أمدرمان وهذه المدن ليست بالبعيدة مع وجود الطرق المعبدة التي أكثرت الدولة منها إن كان في الخرطوم أو غيرها من ولايات السودان، ولكن معاناة المواطن في تلك البقاع يجعل الإحساس يتسرب إليك بأنك في أحد أرياف الولايات البعيدة وليس على بعد بضعة كيلومترات من مركز الحكم في الخرطوم، وعلى الرغم من شح الخدمات إن كان في الفتح أو غيرها من تلك القرى المتناثرة في فيافي أمدرمان إلا أن المواطن يجد بعض الارتياح من الاهتمام الكبير الذي بدأ في مستشفى تلك المدن، فعلى الرغم من حرمان المواطن من نعمة الكهرباء إلا أن المستشفى يعمل في بيئة جميلة تتوفر فيها الكهرباء والمياه والنظافة، والثالوث هذا تفتقر إليه الفتح وما جاورها من قرى، وإن كانت هناك مدارس رائعة البنيان إلا أن المواطن يحلم بمياه «المواسير» والأطفال هناك يمنون النفس بمذاكرة دروسهم بتيار كهربائي يشق طريقه من مروي القريبة إلى مدنهم «البعيدة» عن الحضر. إن اهتمام حكومة الولاية بأطرافها يجب أن يكون أكثر مما هو عليه الآن، فهناك أيضًا رعية يحتاجون للصحة والتعليم والمياه والكهرباء و... و... والكثير من الخدمات التي تجدها المناطق القريبة جدًا من الخرطوم. ونرجو أن يستقطع الأخ وزير الصحة بعضًا من وقته لزيارة مناطق طرفية أخرى ويسعى لتوفير الخدمة الصحية فيها، فما شاهدته شخصياً في مستشفى الفتح جعل بعض الأمل يشع في نفسي بأن يحول دكتور مأمون حميدة أطراف الولاية إلى مناطق صالحة لتلقي الخدمة الطبية خاصة بعد أن تحول مستشفى الفتح إلى مرفق صحي راقٍ يقدم خدماته العلاجية بواسطة اختصاصيين كانت تفتقر لهم في وقت سابق، بل حتى الأطباء العموميون كانوا يمثلون عملة نادرة في أوقات سابقة حسب إفادات بعض المواطنين الذين استطلعناهم داخل المستشفى، ونرجو أن تكون زيارة الأخ الوزير المقبلة إلى السليمانية شرق والتي لها مركز صحي يمكن أن يتحول بقليل من الاهتمام إلى مركز تشخيصي أو مستشفى ريفي يخدم قطاعات كبيرة من مواطني جبل أولياء، ونرجو أن تتواصل الزيارات الميدانية لوزير الصحة وغيره من الوزراء للوقوف على حال الرعية وتوفير الخدمة لهم من أجل عاصمة متحضرة.