في الحلقة السابقة لرسالتنا لوالي الخرطوم من خلال هذه الزاوية تحدثنا عن معاناة المواطنين في إيجاد المرافق الصحية التي يتوفر فيها العلاج الناجع إن كان في وسط الخرطوم أو عند أطرافها ووضعنا مثالاً لهذه المعاناة مواطني قرية السليمانية شرق الذين عانوا لأكثر من عامين من عدم وجود مرفق صحي، وقال لنا بعضهم في وقت سابق إن أكبر خطأ ارتكبوه هو السماح لوزارة الصحة بصيانة مركزهم الصحي الذي كان يخفف بعض المعاناة رغم سوء إدارته وخدماته، وهذا المركز السيد الوالي توقف العمل فيه كثيراً لأسباب متعددة ولكنها في نهاية الأمر لا تهم المواطن البسيط كثيرًا ولكنها تؤكد مدى عدم المؤسسية المتّبع في إدارة ولاية بحجم الخرطوم، وإلا لكان هذا المركز الآن يستقبل حتى الحالات الحرجة التي تأتي من المناطق البعيدة من السليمانية ناهيك عن توفر العلاج لمواطني هذه القرية البسيطة، ولكم أن تتخيلوا حال والد يبحث عن العلاج لابنه ولا يجده إلا على بعد عشرات الكيلومترات من منزله، وكم سيدفع من المال لترحيل مريضه فقط دون فاتورة العلاج؟وكم من الوقت يهدر وطفل صغير يصارع المرض؟ ومركز صحي السليمانية لا يحتاج لشيء سوى بعض المال ليستقبل مرضى السليمانية وغيرها من المناطق، ولكن عقلية الإدارة في الخرطوم تغض الطرف عن هذا المرفق الحيوي دون حتى محاسبة المقصرين في إتمام هذا المرفق. إن الاهتمام بالصحة والتعليم يجب أن يكون من أولويات حكومة الولاية فمستقبل أجيالنا مرتبط بهاتين الخدمتين فلا يُعقل أن نخطط لمستقبل مشرق وأطفالنا لا يزال بعضهم يجلس على الأرض وغيرهم لا تتوفر له البيئة التعليمية المناسبة، ولا يُعقل أن نفكر في المستقبل وأطفالنا وآباؤهم لا يجدون مرفقًا صحيًا يطرد لهم الداء من الأجساد، وإن كانت ولاية الخرطوم بالفعل تريد توفير الخدمات الصحية فعلى القائمين بأمر الصحة أولاً وكذلك التعليم الطواف على المرافق التعليمية والصحية في أطراف الخرطوم التي تشتكي الإهمال المريع، وعلى والي الخرطوم أن يقف بنفسه على أوضاع المرافق الصحية والتعليمية بولايته ولا ينتظر التقارير المنمقة التي تأتيه في مكتبه ليحكم بها على حال رعيته وأحوالهم، وعليه أيضًا أن يتذكر كيف كان الخلفاء الراشدون يحكمون على رعاياهم وكيف كانوا يخافون الله في ظلم عبد من عباده وليس مناطق بها الكثيرون من البسطاء والفقراء ولا يحلمون بالجلوس على كراسي السلطة الوثيرة وإنما يريدون فقط صحة وتعليمًا ومياهًا و... و... وخدمات كثيرة يفتقرون إليها في مناطقهم.