على عكس ما هو متوقع من تحقيق وفرة في إنتاج وتسويق سلعة السكر نعاني الآن أزمة حادة في السلعة بالرغم من قيام عدد من المصانع سواء القديمة والتي عملت على مدى الأعوام السابقة والمنشأة حديثًا، وبعضها قيد الافتتاح ساند ذلك توفر المقومات التي تساهم في نجاح الإنتاج بصورة كبيرة، ولكن بكل أسف تبرز في كل عام إلى السطح أزمة السكر مع اقتراب حلول شهر رمضان المعظم حيث تتبادل مختلف الجهات الاتهامات حول مَن صنع الأزمة؟ والمتسبب الرئيسي فيها في وقت تسعى الدولة ووزارتها المتخصصة بالصناعة وكل الجهات ذات الصلة لمعالجة المشكلة وإطلاق الوعود لحلول جذرية بيد أن الأزمة ما زالت قائمة، فخلال الأيام الماضية برزت المشكلة إلى السطح مرة أخرى حيث اشتكى عدد كبير من المواطنين من عدم توفر السلعة بجانب ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة وتخوف عدد كبير من التجار من انعدام السلعة وسجل سعر الجوال زنة «10» كيلو «49» جنيهًا بدلاً من «45» جنيهًا مع العلم أن السعر الرسمي للمستهلك «35» جنيهًا فقط، فيما أرجع التجار المشكلة لعدم عدالة توزيع الحصص من الجهات المعنية بجانب مشكلة الضرائب والرسوم المفروضة على السلعة، فيما أعلنت ولاية الخرطوم وضع ضوابط لضمان وصول السكر للمواطنين بالأسعار المعلنة وأن تتسلم مصانع التعبئة حصتها المقررة من شركة السكر السودانية وشركة سكر كنانة. وفي العام الماضي اتجهت الدولة لحل المشكلة عبر قيام مصانع لتعبئة السكر بحجة تخفيف المعاناة على المواطن إضافة إلى محاربة التهريب عبر مافيا السكر والتي كانت من الأسباب التي يعتبرها البعض من أكبر العوامل في ارتفاع السلعة وإحداث مشكلة حيث بلغ عدد المصانع المنشأة «104» مصنعًا، وحمّل البعض المسؤولية إلى مصانع التعبئة وصدر قرارًا خلال العام الماضي قضى بإيقاف بيع جوالات السكر زنة «50» كيلو واتجهت العديد من المصانع لتعبئة السكر في جوالات زنة «10» كيلو مما ساهم في زيادة تكلفة السكر للمواطنين بنسبة «15%» والتي وصفها مراقبون بأنها صناعة لا توجد بها قيمة مضافة، ويرى الخبراء أن تلك التجربة ساهمت في تصعيد الأزمة في السلعة بعد شهر رمضان مباشرة واختفاء السكر بصورة واضحة.. وأوضح الخبير الاقتصادي د. محمد الناير أن تجربة عبوات السكر لم تحقق النجاح المطلوب، وتساءل لماذا تستمر الدولة في هذه التجربة عبر عشرات المصانع والتي تقدم التعبئة فقط للسلعة؟ وأضاف نظريًا من المفترض أن تساهم تلك العبوات الصغيرة في تقليل التخزين والاحتكار وتحل مشكلة التهريب، وقال وفقًا لطبيعة السودان التجربة أثبتت عكس ذلك فبسبب وجود الاحتكار والتهريب والتخزين ما زالت قائمة، مؤكدًا أفضلية الوضع السابق عندما كان التعامل بزنة «50» كيلو والتي عملت على استقرار السلعة. وتساءل لماذا الإصرار على شركات التعبئة؟مضيفًا أن القضية تحتاج لقرار جريء لإلغاء العبوات تمامًا بجانب شركات التعبئة وتوكيل المهمة لمصانع السكر الكبرى، وإن كان لا بد من طرح عبوات صغيرة يجب أن يتم البيع من المصانع إلى مواقع الاستهلاك مباشرة من خلال فتح منافذ بيع كبيرة تنتشر في مختلف المناطق ومحاربة الوسطاء والتجار للمساهمة في استقرار السلعة، مبينًا عجز القطاع الخاص في عدالة توزيع السكر مما أدى لتضرر المواطن بصورة واضحة بإحداث خلل في ميزانيته بسبب سلعة واحدة.. وأضاف الناير في حديثه ل «الإنتباهة» واجب الدولة ضمان عدم حدوث فجوات بالسلعة وذلك عبر الاستيراد أو زيادة معدلات الإنتاج أو الإسراع في تنفيذ مشروع سكر النيل الأبيض لوقف الاستغلال والجشع من قبَل التجار الذين سيطروا على السكر. وأكد عدد من المواطنين الذين تحدثوا ل «الإنتباهة» أن العبوات الصغيرة ساهمت في أزمة السكر وأضافوا أن اتجاه الدولة لإنتاج العبوات الصغيرة زاد الأسعار بصورة كبيرة بجانب عدم مراعاة الأوزان المطلوبة من الجهات العاملة بالتعبئة. ويرى المراقبون أن تطبيق القرار زاد من حلقات توزيع السكر التي كانت تبدأ بخروج السكر من المصنع لوكلاء التوزيع ثم تجار التجزئة والقطاعي والتي ساهمت في دخول السماسرة والوسطاء إضافة إلى استهلاك عملات أجنبية باستيراد جوالات البلاستيك وقطع الغيار وغيرها دون تحقيق أي قدر من القيمة المضافة والقرار لم يراعِ أصحاب الدخل المحدود باعتبار أن معظم المواطنين من الفقراء ذوي الدخل المحدود.. ودعوا إلى قصر عملية تعبئة السكر في جوالات وعبوات ورقية صغيرة على مصانع السكر بحيث تقل تكلفة تعبئة السكر التي يدفعها المواطن.