كان السيد رئيس الجهمورية موفقاً جداً عندما أوجد اسماً جديداً للحركة الشعبية لتحرير السودان حيث سمّاها «الحشرة الشعبية لتدمير السودان». وبالطبع كان في السابق مقبولاً أن يسمي الهالك قرنق حركته المتمردة باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان لأنه في ذلك الوقت كان يعتبر جزءاً من السودان ومتمرداً عليه وكان سرطاناً في جسمه السياسي والجغرافي... وقبلنا بهذا الاسم وصبرنا على كل «قلة الأدب» بتاعة الجنوبيين على أمل أن تكون الوحدة جاذبة... وكنا نقول ونظن وبعض الظن إثم أن الوحدة تستلزم أن نصبر على كل الأذى القادم إلينا من هؤلاء «الأوباش» حديثي العهد بالتحضُّر والغارقين في ثقافة الغابة والقتل والسلب والنهب والضرب... وقلنا لعلهم يتعلمون منا عن طريق الاحتكاك... وفي الفترة الانتقالية قبلنا أيضاً أن يستمروا بنفس الاسم «الحركة الشعبية لتحرير السودان» على الرغم من كل التطاول وقلة الفهم وقلة الأدب... وكل ذلك في سبيل أن تكون الوحدة جاذبة وأذكر أنه في فترة الانتقال وقف أحد الجنوبيين وهو يقود سيارة تعمل بالبنزين... وعندما طالبه عامل الطلمبة بدفع القيمة قال إنه فقط سيدفع نصف القيمة لأن اتفاقية السلام الشامل حسب مفهوم نيفاشا تقول بقسمة السلطة والثروة ولذلك فهو سيدفع فقط نصف قيمة البنزين وعندما رفض عامل الطلمبة ذلك قال الجنوبي «والَلاهي وُهدة ولا جاسب» أي أن الوحدة غير جاذبة وحلف بالله على الرغم من أنه ومن المؤكد أنه لا يعرف الله... وكيف يعرف الله من يتمسح بروث البقر وبعر الحمير والرماد... ولهذا فقد جاء هؤلاء القوم من الغابة وإلى الخرطوم مباشرة دون المرور بمحطة وسطى واتجه الجنوبيون كلهم نحو الانفصال والذي كنّا نحن أصلاً في الشمال لا نرفضه بل من دواخلنا نرغب فيه ولكن تدفعنا عقدة نفسية اسمها «تراب الوطن» و«وحدة البلاد» حيث كنّا نخدع أنفسنا أن الجنوب جزء من بلاد السودان... وحاول القائمون على أمرنا بشتى الوسائل أن يظل الجنوبيون باقون حتى لا يقال إن الحكومة فصلت البلاد... ولكن الجنوبيين رفضوا كل «التحانيس» التي أعطتهم كل البترول مقابل الوحدة وأعطتهم ما لم يكونوا يتوقعون... ومع ذلك ذهبوا غير مأسوف عليهم... وصاروا دولة أخرى اسمها «جنوب السودان»... وبالطبع كان لا بد أن يسقطوا من حساباتهم قصة تحرير السودان أو على الأقل يسموا حركتهم باسم تحرير جنوب السودان... ولا يعقل مثلاً أن نقوم هنا في بلادنا بتكوين حركة وجيش ونسميه حركة تحرير إثيوبيا أو ليبيا أو مصر أو حركة تحرير تشاد لأنه لا علاقة لنا بهذا الأمر... ولكن ظل الجنوبيون وعلى رأسهم الدينكا وحركة قرنق أو «الحشرة الشعبية» تصرّ أن اسمها الحركة الشعبية لتحرير السودان... واعتماداً على التسمية الجديدة التي أطلقها عليهم السيد رئيس الجمهورية يجوز لنا في السودان وبنفس المنطق أن ننشئ حركة جديدة شمالية نسميها «الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان»... ونكون قد تعاملنا معهم بالمثل... وهذه الحركة بالطبع تضم كل الأحزاب السياسية السودانية والمنظمات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني والعسكري.. وهذه المؤسسة سيكون لها فرع عسكري وآخر مدني والفرع العسكري هو الجيش الشعبي لتحرير جنوب السودان... ومن أهم أهداف ووسائل حركة تحرير جنوب السودان أن تقوم بتقليص هيمنة الدينكا على جنوب السودان ومنح الفرصة لأن يجد الشلك والنوير والمورلي واللاتوكا والأنواك والزاندي وأي حاجة تانية أن يجدوا فرصة لحكم جنوب السودان وأن يخرجوا عن طاعة سلفا كير وباقان وعرمان الجلابي المنكود... وعلى الجيش الشعبي لتحرير جنوب السودان والحركة الشعبية لتحرير الجنوب أن تستعين بكل البيوتات والمكاتب والمستشاريات الدولية والمحلية للحصول على الأموال والمعلومات وأن تعمل على تسليح كل المناوئين للدينكا إلى أن ينتصروا عليهم في أقرب فرصة ممكنة والعين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم ومن حفر حفرة لأخيه وقع فيها... وجاك الموت يا تارك الصلاة....