حالة التعبئة والاستنفار التي تشهدها البلاد هذه الأيام أعادت ذاكرة الشعب السوداني لأيام الحرب في سنوات الإنقاذ الأولى حيث التفَّت جميع فئات الشعب في ذلك الوقت مع القوات المسلحة عقب احتلال توريت إلى أن عادت، والآن بعد احتلال دولة الجنوب لمنطقة هجليج أبدت كافة قطاعات الشعب مساندتها ووقفتها مع القوات المسلحة لاسترداد المنطقة وطرد الجيش الشعبي منها، ولم يكن وقوف المواطنين فقط بل حتى المؤسسات والأحزاب المعارضة أكدت وقفتها مع الجيش في خندق واحد، وكذلك الحال في ولايات السودان المختلفة حيث انتظمت في كل الولايات حملات الاستنفار والتعبئة، وفي النيل الأزرق التي تعتبر هي أيضًا واحدة من الولايات التي شهدت عدوانًا من الحركة الشعبية في وقت سابق كانت الوقفة قوية ويمكننا القول أن بحر أزرق في حالة استنفار دائم بعد تحرير أراضيها من قوات الحركة الشعبية، وشهدت الأيام الماضية عاصمة الولاية الدمازين حالة من التعبئة والاستنفار والحراك السياسي على كافة قطاعات المجتمع وفصائله السياسية والأجهزة التشريعية والتنفيذية والتي ظلت في حالة تناقم تام واستجابة لهذا الوضع؛ فقد أصدر مجلس تشريعي الولاية بياناً حول احتلال دولة الجنوب لمنطقة هجليج وتداعيات الوضع بالبلاد كافة، وقد أكد المجلس في بيانه الذي مهر بتوقيع البروفيسور محمد الحسن عبد الرحمن رئيس المجلس أكد على ضرورة تحرير كل شبر من أراضي البلاد من دنس الحركة الشعبية وعملائها مؤكداً على شمالية مدينة هجليج، وأوضح البيان وقفة رواد المجلس التشريعي بالنيل الأزرق خلف القوات المسلحة ودعمها، وعلق المجلس جلساته ليتوجه جميع النواب إلى دوائرهم الجغرافية لقيادة حملة التعبئة والاستنفار ودعم المجهود الحربي، هذا وفي تداول النواب حول تداعيات الأوضاع أبدا عدد منهم حماساً كبيراً ولهجة مليئة بالغضب جراء تصرفات الحركة الشعبية وطالب الأستاذ جلال عبد الله رئيس لجنة التخطيط العمراني بالمجلس على ضرورة تحرير جميع أراضي ولاية النيل الأزرق وجنوب كردفان من قبضة الحركة الشعبية قبل بداية فصل الخريف، وقال جلال إذا لم يتم تحرير الأراضي فلن يكون هنالك موسم زراعي، وفي ذات الصعيد تحدث الأستاذ صبري خليفة رئيس لجنة الإعلام بالمجلس وعضو لجنة التعبئة والاستنفار بالولاية على ضرورة توحيد الجهود واستقطاب الدعم والوقوف صفاً واحداً خلف القوات المسلحة وإسنادها حتى تتمكن من القيام بمهامها وتحرير كل شبر من أرض الوطن، وقد طالب الأستاذ عبد الرحيم شرف الدين رئيس لجنة الخدمات بالمجلس بطرد قوات الاتحاد الإفريقي من منطقة أبيي مؤكداً مقدرة القوات المسلحة والمجاهدين والقوات النظامية الأخرى على حماية البلاد، وعلى ذات المعاني جاء حديث العضو محمد الناير، وقد قرر المجلس بجميع نوابه استقطاع نصيب مقدر من مرتباتهم لدعم القوات المسلحة، وقد أبدت عضوات المجلس اللائي تحدثن في الجلسة حماساً بالغاً لقيادة حملة التعبئة والاستنفار وسط قطاعات المرأة وإعداد زاد المجاهد والوقوف خلف القوات المسلحة حتى تسترد الأراضي المغتصبة، هذا وقد وجد توجه المجلس التشريعي وبيانه الضافي حالة من الارتياح والاستجابة وسط المجتمع الولائي بشقيه المدني والعسكري مما سيكون له أثر طيب في إنجاح حملة التعبئة التي يقودها النواب وسط ناخبيهم في أجواء لا تخلو من التقدير والاحتفاء بدور القوات المسلحة البطولي في الولاية خاصة بعد استعادتها في الأيام الفائته منطقتي«مقم ومدا» وسط جبال الأنقسنا مما يعني انهاء التفلتات وحالات قطع الطريق والاعتداءات على العزل التي كانت تقوم بها فلول الحركة الشعبية، والتي كانت تتخذ من المنطقتين مخباءً لها وإمداد ومنطلق لعدائياتها، وقال عبد الله الجيلي منسق عام الدفاع قوات الدفاع الشعبي: إن اللجنة العليا للتعبئة والاستنفار ستزور المقاتلين من القوات المسلحة والقوات النظامية وقوات الدفاع الشعبي في مسارح العمليات، وفي الخطوط الأمامية بمنطقة هجليج قريباً. وقال عبد الله في تصريحات صحفية عقب الاجتماع الثاني للجنة العليا للتعبئة والاستنفار إن النفرة شكلت دفعة معنوية للمقاتلين في الصفوف الأمامية بمناطق العمليات لافتاً لإمتلاء معسكرات الدفاع الشعبي بالمجاهدين على مستوى الولايات والمحليات.. وأشار إلى أن اللجنة العليا للاستنفار والتعبئة قد وجهت بزيارة جرحى العمليات وأسر الشهداء وتوفير الدعم الاجتماعي اللازم لهم. ولفت إلى إشادة اللجنة العليا للاستنفار بمواقف الدول الشقيقة والصديقة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني التي تساند السودان وتدين العدوان الذي شنته دولة الجنوب على الأراضي السودانية. وكانت الجامعة العربية قد جددت مطالبتها بالانسحاب الفوري لقوات جنوب السودان من منطقة هجليج.. ودعت إلى الاحتكام إلى لغة العقل والعودة إلى الحدود الدولية لعام «1956م» والاحترام الكامل لقواعد القانون الدولي والاتفاقات الموقعة بين الدولتين.