إن العملية التي سيطرت بموجبها القوات المسلحة على هجليج يطلق عليها في العسكرية «العمليات الخاصة» والتي تكون في إطار محدد في العمليات القتالية حيث تقوم بها قوات خاصة تتميز بتدريب عالٍ وتستخدم أسلحة متطورة ومتقدمة وتقوم هذه القوات باختصار شديد بعمليات خلف خطوط العدو وهي من أخطر العمليات العسكرية وأكثرها دقة وتعتمد على مدى صحة المعلومات الاستخباراتية المتوفرة ومدى دقتها، وقطعاً ذلك يتطابق تماماً مع ما قامت به القوات المسلحة على الأرض بهجليج خلال الأيام الماضية، حيث قامت بعمليات إنزال وإسقاط لأفراد القوات الخاصة الذين تفاجأت بهم قوات الجيش الشعبي ودخلت معهم في معارك مباشرة. ولعله ليس سراً أن عملية تحرير هجليج وانتصار القوات المسلحة فيها كان العمود الفقري له هو العمليات الخاصة التي نفذتها قوة من النخبة الخاصة المحمولة جواً حيث تطلب في تلك المعركة أن تدخل قوة من «المظليين» تحدث المفاجأة داخل «الصندوق العسكري» لقوات الحركة التي قطعت طرق إمدادها وتشوينها العمل على تشتيته إضافة إلى تأمين المنشآت النفطية.. وأن تمهد الطريق لدخول بقية القوات لتقوم بالاستلام الكامل لهجليج لتبدأ بعدها المعركة الحقيقية والتي وقعت خارج حدود منطقة هجليج هذا الأمر تم بالفعل قبل ثلاثة أيام وأنه بعد إجلاء قوات الجيش الشعبي اتجهت القوات المسلحة لتأمين المنطقة التي بعد هجليج حتى حدود ولاية الوحدة.. إن المعركة التي وقعت في تلك المنطقة قد خطط لها بتأنٍ وحرفية عسكرية غاية في الدقة حيث توزعت القوات المسلحة على ثلاثة محاور متقدمة إلى هجليج تساندها قوات الدفاع الشعبي إضافة إلى قوات من قبائل المسيرية التي خبرت المنطقة بكل تفاصيلها.. ليس ذلك فحسب بل كان هناك استهداف دقيق لبعض الدفاعات.. وخلال الأيام الماضية التي سبقت ملحمة هجليج تم أسر العديد من أفراد الجيش الشعبي وبعض الضباط الذين ابتعدوا في قوات صغيرة للاستطلاع لذلك سهل «صيدهم» وهم بالتأكيد شكلوا مصدراً جيداً للمعلومات عن واقع المدينة المحاصرة «هجليج» وأيضاً فإن القوات الخاصة قد خاضت المعركة الأولى واستطاعت التسلل بطريقة نوعية مكنتها من إحداث إرباك الضربة الأولى وتحديداً في ناحية البوابة الشرقية للمدينة وهذا تم بعد الاستيلاء على حقل بامبو النفطي وهو على مسافة سبعة كيلو مترات من هجليج. ولكن المعركة الأعنف كانت حول مطار هجليج والتي أدت لانسحاب الجيش الشعبي نحو منطقة محطة الكهرباء وبعدها لعمق ولاية الوحدة بدولة الجنوب. عملية هجليج التي كان عمادها القوات الخاصة يقوم في الأساس تدريبها لأغراض خاصة وهو تدريب رفيع المستوى يؤهلهم للقيام بمثل هذه المهام وواجبات تتطلب حجماً أكبر بكثير من القوات والوحدات عادية التدريب لتنفيذها، ويمكنها العمل في جميع الظروف الجوية والجغرافية الموجودة في مسرح العمليات بكفاءة عالية وبدون حدوث أي تقصير في المهام.. ويتركز تقسيم القوات الخاصة التي تقوم بالعمليات النوعية والخاصة على مجموعة استطلاع وتكون مهمتها تحديد نطاق أرض المعركة وأماكن تمركز القوات المعادية وكثافتها وكذلك تقدير رد الفعل المتوقع من العدو أثناء الهجوم.. وتقوم أيضاً مجموعة الاستطلاع بتحديد نقاط الضعف في المنشأة وترشيح مجموعة منها ليتم الاقتحام من خلالها.. وكذلك تحديد أنسب الطرق والطرق البديلة للانسحاب بعد إتمام المهمة، وتأتي بعدها مجموعة الاقتحام والتي يقع عليها عبء القيام بتنفيذ الشق الرئيس من المهمة وهو اقتحام الموقع وتدمير الأهداف المحددة في جدول أهداف العملية.. بعدها تأتي مجموعة التأمين وتتولى هذه المجموعة تأمين محيط منطقة العمليات ضد أي تدخل معادٍ غير متوقع قد يفسد خط سير العمليات كما تتولى تأمين خط سير العودة للقوة المهاجمة، ونجد أيضاً في تصنيف هذه العمليات التي تتم خلف خطوط العدو وتعتمد على إدخال قوات داخل خطوط قوات العدو في المناطق التي لا يمكن التعامل معها بنشاط قتالي مباشر وفي هذه الحالة تعمل عناصر القوات الخاصة بالاعتماد الكامل على إمكاناتها المتوافرة دون الاعتماد على أي نوع من أنواع الدعم أو الإمدادات وتُستخدم في هذه العملية تكتيكات الإسقاط الجوي «بالمظلات» وعن طريق طائرات الهليوكوبتر. خسائر العدو وكشفت المصادر العسكرية بهجليج عن مصرع «90%» من مجموع قوات حركة العدل والمساواة المشاركة في احتلال هجليج، وأوضح أن القوات المسلحة أسرت أكثر من «200» جندي في العملية الهجومية الأخيرة التي تمت في تمام الساعة الواحدة والنصف من ظهر يوم الجمعة الماضي بالتقدم من الجانب الشمالي الشرقي والجانب الجنوبي الغربي في آن واحد، لافتًا إلى أن المتحرك على المنطقة الشمالية الشرقية للمدينة استولى على «46» سيارة عسكرية بكامل عتادها الحربي تحمل لوحات دولة الجنوب بحالة جيدة، وأضاف أن المتحرك قضى على دبابتين واستولى على واحدة بحالة جيدة، وزاد أن القوات المسلحة استعادت «16» سيارة تتبع للشركات العاملة بحالة جيدة واستولت على «45» سيارة لاندكروزر، ونوَّه بأن القوات المسلحة واصلت عمليات تمشيط واسعة مرورًا بموقع الشهيد الفاضل حتى موقع الكهرباء على الحدود وأمَّنت المنطقة تمامًا.