تحكي الطرفة أنه وقبل الانفصال وعندما كان الجنوبيون يعيشون عالة على الشمال فيتركون ديارهم ويسكنون في الشمال «الكعب ده» وبلد المستعمرين المندكورو... ويدرسون في جامعاته ويسكنون في داخلياته بينما الحروب يشعلها الأنانيا واحد والأنانيا اثنين والحشرة الشعبية منذ استقلال البلاد في 1956 وحتى هجليج الأسبوع الماضي 2012 فإن السودان لم يستفد ولا «نكلة» من الجنوب إلا إذا كانت الاستفادة ربما تتمثل في بعض عصي الأبنوس... وغير ذلك، فلم يأتِ من الجنوب غير الحرب والقتل بينما ظل الشمال يقدم الأكل والشرب والحماية والأمن والإقامة لكل الجنوبيين رجالا ونساءً وأطفالاً وذوي حاجات وذوي عاهات حتى أن ذوي الاحتياجات خُصِّصت لهم طائرات لنقلهم بعد الانفصال... المهم أن الطرفة تقول إن جيمس الجنوبي أرسله أهله من جوبا ليزور أخاه جون الذي كان يدرس في جامعة الخرطوم نظراً لأنه ظل لمدة خمس سنوات «مرطب» في جامعة الخرطوم في الداخليات ماكل شارب طالع نازل وكمان يطلع مظاهرات وينبذ الحكومة وينبذ الشماليين ويصفهم بالمندكورو أولاد «الإيه»... وقد انزعج أهله ورأوا أن يرسلوا أخاه جيمس لكي يعرف أحواله وينقلها إليهم... وجاء جيمس بحثاً عن أخيه في الجامعة ووجده يدرس «علم المنتك» في كلية المنطق والفلسفة وبالطبع سأله عن معنى كلمة المنطق... وقام جون بتقريب المسألة وشرحها لأخيه قائلاً «هل عندكم كلب؟» قال جيمس «أيوه عندنا كلب»... قال الطالب الجامعي «عندكم كلب معناها عندكم بيت... وعندكم بيت معناها عندكم أسرة وعندكم أسرة معناها عندكم أب وعندكم أم ومعناها أنت ود حلال» وهذا هو علم المنتك.. ورجع جيمس مسروراً إلى أهله بعد أن قضى أسبوعاً يبرطع ويأكل في داخليات الجامعة وبعد أن وجد عملاً يمكن استلامه نهاية الشهر... وهناك سأله خاله ميارديت عن ولدهم جيمس وسأله عن معنى كلمة «المنتك» الذي يدرسه. وعند ذلك فرح جون ورأى أن يستعرض المعلومات التي سمعها من أخيه... وقال لخاله «أيوه أنا نشرح لك المنتك»... وسأله «إنتكم إندكم كلب؟»... يعني هل أنتم عندكم كلب... ورد عليه خاله قائلاً «لا ليس عندنا كلب»... واحتار جون في الأمر ولم يجد غير أن يقول لخاله «إذن أنت ود حرام».... والآن يا جماعة بالمنتك كده... هناك بلد ودولة أجنبية... وهذه الدولة الأجنبية تدخل معنا في عداء وحرب وهذه الدولة يسندها أعداؤنا وهذه الدولة تريد تخريب اقتصادنا وقتلنا في الشمال فرداً فرداً إن استطاعت... وهذه الدولة تحكمها عصابة من اولاد الدينكا اسمها الحركة الشعبية لتحرير السودان... وهذا معناه أنهم ما زالوا يريدون تحرير بلادنا منا حتى بعد أن انفصلوا. طيب بالمنتك كده أليس من الضروري والمنطقي أن نقوم نحن «برضو» بتأسيس مجموعة وتيار سوداني نسميه الحركة الشعبية لتحرير الجنوب... وبالمنتك كده اذا كانوا يريدون أن يحررونا فنحن أيضاً نريد أن نحررهم وإن لم نفعل نكون «أولاد حرام»... أليس في هذا الكلام كل المنتك تاع كلام تاع تحرير تاع جنوب تاع سودان تاع إنتكم تاع باقان تاع عرمان تاع أولاد حرام....