الضوابط الجديدة القديمة التي اتخذت ضد التهريب والمهربين، قرار جاء في وقته وفي مكانه.. فالتهريب جزء من نزيف الاقتصاد السوداني، فالتهريب موجود فمنذ زمان بعيد بسبب طول الحدود ومجاورة أكثر من تسع دول معظمها يعاني نقص الموارد الغذائية، مما أدى إلى خلق الكثير من المشكلات للإنسان السوداني.. فنحن من أكبر الدول المنتجة للسكر ونعاني النقص فيه باعتباره سلعة ضرورية بسبب داء التهريب.. والدولة ظلت تدعم الكثير من السلع الضرورية كالزيت والبترول والحبوب.. ولكن التهريب لم يترك لنا سلعة واحدة تنتج في بلادنا لنستمتع بها ونحقق الكفاية منها ونصدر ما زاد عن حاجتنا مثل الدول التي تضطر الحكومات السودانية أن تستورد منها.. فهل يعقل ذلك؟ هل يعقل أن نستورد الطماطم والبيض ولدينا كل سبل توفيرها وتصديرها.. وهل يعقل أن نقبل بتهريب البترول الذي تستورده الدولة بالعملات الصعبة جداً.. وفي ظل الحصار الشامل الذي تفرضه علينا أميركا والدول الغربية برمتها دون ذنب ارتكبناه؟ وهل يعقل أن يتم تهريب السمسم والصمغ العربي.. بل أمهات الماشية لإشباع رغبات بعض الباحثين عن الثراء السريع والسهل على حساب السودان وشعب السودان؟.. بل إن التهريب طال حتى الذهب وهو من المقتنيات النفيسة والغالية. كما سكتنا عن تهريب تراثنا التاريخي من الآثار ومقتنيات الملكات من الحلي التاريخية الذهبية وغير الذهبية، ليبقى السودان صاحب أقدم حضارة قامت على النيل بلا تاريخ يبحث عن هويته، ويتشكك فيها كما يراد له من قبل الصهيونية العالمية. وأنا مع القانون الصارم والعقوبات الصارمة ضد التهريب والمهربين بصفة عامة، والتشديد في حربنا ضد أعداء السودان الذين يبحثون عن أية ثغرة أو نقص أو ضعف في السودان، لكي يتسربوا إلى أعماق أمننا القومي، فلا بد من ردع المهربين خاصة إلى حكومة عصابة الحركة الشعبية التي لا شعبية لها، وهي لا ينطبق عليها هذا الاسم، لأنها لا تمثل شعب جنوب السودان، وهي نفسها هربت أموال شعب الجنوب من عائدات النفط إلى حسابات أفرادها بالخارج واستثماراتهم في يوغندا وكينيا وأميركا وأوروبا.. والأدلة كثيرة وواضحة ولا تحتاج إلى أي قدر من الجهد للتحقق منها.. والمواد البترولية مدعومة من قوت المواطن السوداني.. فكيف يقبل ضمير مواطن سوداني أن يمنحه لأعداء السودان لكي يحركوا بها العربات والدبابات لتدمير منشآتنا وقصف مواطنينا في النيل الأزرق وجبال النوبة وتلودي الصامدة وهجليج جوهرة السودان النفيسة.. كيف تسمح ضمائر هؤلاء بأن يمكنوا هذا العدو اللعين من العيش على حسابنا ويصوب مدافع أسياده من الصهاينة والامبرياليين والمرتزقة الذين يعيشون على فتات دولاراتهم، نحو سيادتنا الوطنية ومصادر نفطنا الوطني؟.. كيف نوفر السكر السوداني لكي يصنعوا به الخمور التي تذهب بعقولهم فيشنون علينا الحروب الاستنزافية ويستمرون في إشانة سمعتنا بأكاذيبهم عبر أجهزة الإعلام الغربية وحتى العربية وبعض أجهزتنا التي تنقل عنها أحيانا دون وعي؟.. فلا بد من وقف تلقائي لهذا العمل بتحكيم الضمير الوطني قبل إنفاذ القانون.. ولا بد من ضبط ذاتي لكل منتجاتنا حتى البصل الذي ترتفع أسعاره عندنا بسبب التهريب.. ولا بد من احترام هذا الشعب الذي سبق شعوب العالم في عظمته ووحدته ووعيه الوطني، بالاصطفاف خلف القوات المسلحة والنظامية والدفاع الشعبي.. وهؤلاء المتاجرون بالسلع عبر حدودنا لا يتجاوزون الحدود بين الدولتين بهذه الأفعال، وإنما يتجاوزون الخطوط الحمراء للأمن القومي السوداني الذي ندفع من أجله الأرواح والشهداء والأموال.. ولذا فإن عبارة (shoot to kill) قليلة وأكثر رأفة في حق هؤلاء.. وحق الوطن.