هل ستقبل الحكومة الرجوع إلى طاولة المفاوضات مجدداً مع دولة الجنوب، حتى إذا كان الأمر على طاولة الصين على الرغم من موقف الحكومة من مبدأ التفاوض بعد الاعتداء على هجليج؟ وماذا يحمل الوفد الصينى الذي من المتوقع أن يصل الخرطوم خلال أيام. جملة من التساؤلات برزت عقب زيارة رئيس دولة الجنوب للصين، مما دفع الأخيرة إلى ابتعاث ممثلها الخاص للشؤون الإفريقية لدولتي السودان وجنوب السودان تشونغ جيان لجهة تعزيز الحوار والمفاوضات بينهما. الوساطة الصينية المزمع عقدها خلال أيام، يرى البعض أنها قد تأتي بجديد ومقترحات جديدة، وذلك لحرص بكين على استقرار البلدين، وذلك لما لها من مصالح ومنشآت. وتعتبر الصين المستثمر الرئيس لبترول المنطقة، رغم أن الحقول أصبحت أخيراً تملكها بالكامل الحكومة، إلا أن المحلل السياسي البروفيسور حسن الساعورى لا يرى أية نتائج إيجابية لهذه الوساطة، فبعد معركة هجليلج لا وساطة ستنجح ولا أية مفاوضات، فالجنوب أخطأ خطأً فادحاً باعتدائه على هجليلج. وتوقع الساعوري في حديثة ل «الإنتباهة» عدم قبول الحكومة التفاوض الآن دون أن تستجيب جوبا لشروط الخرطوم التي أهمها حل القضايا الأمنية وطرد جميع المتمردين، وهذا بمثابة كرت ضغط لن تفرط فيه الخرطوم، والحديث للساعوري الذي يضيف أن الجنوب ربما سيقبل تلك الشروط، وذلك للظروف الأمنية التى يعيشها. زيارة سلفا كير لبكين كانت بغرض الاستنجاد بالتنين بشأن قروض لإنشاء خط أنابيب يربط بين كينيا وجوبا، وتأتي تلك المحاولة منه لتأمين تمويل خط أنابيب ترغب جوبا في بنائه عبر كينيا إلى أحد الموانئ على المحيط الهندي، إلا أن الصين رفضت ذلك المطلب بحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية التى أكدت أن الصين رحبت برئيس جنوب السودان ووافقت على تقديم قروض مصرفية ومساعدات إنسانية لجوبا، إلا أنها أحجمت عن المضي قدماً في مشروع خط أنابيب النفط الذي تبلغ تكلفته حوالى 3 مليارات دولار، مما يعتبر دليلاً على الموقف الدقيق الذى وجدت بكين نفسها فيه بوصفها أكبر مستثمر في مجال الطاقة بالنسبة لدولتى جنوب وشمال السودان. وبحسب شين فينغ وهو باحث في الشؤون الإفريقية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية وفقاً لتقرير نشر في الصحيفة، فإن الصين إذا استطاعت ممارسة بعض نفوذها على الجنوب والدفع من أجل السلام، يمكن أن تقول لسلفا كير إنه إذا لم يحدث سلام فلن تكون هناك تنمية. ويشكل النفط السوداني حوالى 3 إلى 4 بالمئة من واردات الصين النفطية الإجمالية، كما أن الصين عادة ترفض التورط في النزاعات الخارجية، ولكن الآن تجد نفسها في مركز الاهتمام فى صراع يبدو مستقبله غير واضح المعالم في ظل رفض الحكومة التفاوض طالما لم تحسم القضايا الأمنية بين البلدين، وقد ظلت الصين بعيدة عن الساحة السياسية والتوترات التى شهدها السودان قبل الانفصال، وظلت محائدة ولم تغامر بمصالحها في السودان، وهي مصالح توصلت إليها عبر أكثر من عشرين عاماً، كما أن القيادات السياسية والتنفيذية فيها لا تفرط أبداً في السودان، بل إنها دخلت في استثمارات زراعية ضخمة في السودان، وكان هدفها واضحاً ومعلناً بأنها ترغب في تعويض السودان ما فقده من عائدات البترول، ووعدت بالدخول في استثمارات نفطية جديدة، وقدمت قروضاً ميسرة لتغطية عجز الموازنة. يذكر أن الصين تسهم بما يقارب خمسين في المئة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي يستوعبها السودان على نحو سنوي، وكانت غالبية الاستثمارات الصينية قد تركزت في السابق على تنقيب النفط وصناعته، وذلك بالشراكة مع مؤسسة البترول الوطنية الصينية «سي. أن. بي. سي» التي تعد لاعباً دولياً رئيساً في هذا المضمار. وكان وجود الصين في السودان منذ مطلع عام 1993م يهدف إلى تأمين احتياجات الصين من النفط لضمان استمرارية عملية التنمية الدائرة فيها. وتجدر الإشارة إلى أن مجمل صادرات السودان من النفط إلى الصين يبلغ نحو 7% من الاستهلاك الكلي للصين. وبعد الانفصال تأثر الجنوب بأكثر من 4% من تلك النسبة إلى الصين التي تمثل 80% من الصادرات النفطية للسودان إلى الخارج، لذا فقد شرعت الصين في إيجاد مجموعة من المصالح المشتركة مع دولة الجنوب، حيث أسهمت في بعثة الأممالمتحدة في واو.