توفي أحد أهلنا الجعليين إلى رحمة مولاه في المستشفى بعد معاناة مع المرض.. ولأن أهله كانوا مستعجلين عليه بعد أن قضوا أياماً وليالي وهم «يزحُّون» في الاسبتالية فقد خطفوهو و«قاموا جارين» إلى منزله وغسلوه في أقل من خمس دقائق و«برضوا» قاموا جارين إلى المقابر لدفنه وتركوا العنقريب وعليه الجنازة على مسافة ليست بعيدة وانهمكوا في تجهيز القبر.. ويبدو أن أحد أولاد المرحوم كان يجلس باكياً جوار العنقريب عندما لاحظ أن الجنازة تتحرك.. وهب واقفاً واتجه نحو خاله الذي كان مشغولاً مع الآخرين في إعداد القبر.. وتحدث له في أذنه بصوت غير مسموع للآخرين وأخبره أن والده يتحرك وأنه ليس بميت.. وفعلاً ذهب الخال مع الولد ليجد أن جثة نسيبه المتوفى بها بعض الحركة وأن الرجل حي يُرزق.. ومع ذلك فإن الخال قال للولد «عليّ الطلاق أبوك ده كان قام عرض صقرية حندفنو إنت عايز الناس يقولوا علينا ما بنعرف الموت؟!» وفعلاً قاموا بدفنه بباقي روحه وهو يفرفر.. خوفاً من الفضيحة.. وما جاء في الطرفة ربما يصح في قصة «فكرتنا» البائسة عن الجنوب وعن الحركة الشعبية وحيث كنا نعتقد أن فكرتنا هي أن الجنوبيين يرغبون في السلام وأن الجنوبيين سوف يردون الجميل بعد أن تركنا لهم وطناً ببتروله.. وبنيته الأساسية.. وفكرتنا البائسة المهزومة «الميتة» اعتمدت على أن الجنوبيين سوف يهتمون ببلادهم ويخرجون عن بلادنا ويقومون بتعمير وطنهم بعيداً عنا.. وكانت فكرتنا «الميتة» أن التفاوض مع الجنوبيين والتساهل معهم سوف يجعل منهم أولاد ناس ونسينا أن هؤلاء قوم لا أخلاق لهم وليس لديهم كريم أديان ولا كريم معتقدات إلا القلة المقهورة، أما الأكثرية فهي لا تؤمن بشيء ولا تعرف شيئاً اسمه العهود والعقود والأديان والاعتقاد الروحي. وهذه الفكرة وأمثالها قد ماتت منذ أحداث الهالك قرنق في يوم الإثنين الأسود.. وماتت يوم كشر قادة الجنوب عن أنيابهم في أيام انتخابات تقرير المصير وجاءت نتيجة التصويت بالانفصال 99.9 % والذي سموه استقلالاً.. ومنذ ذلك التاريخ كان يجب أن نعرف أن تلك الفكرة قد ماتت وأن ذلك المفهوم قد انتقل إلى رحمة مولاه.. وكان يجب أن نتخذ الحيطة والحذر وأن نحسب كل خطوة يخطوها الجنوبيون ونضعها في خانة التحرش والخيانة والعمالة والارتزاق ورهن الإرادة وكان يجب أن ندفن مفاهيم «الانبطاح» و«التساهل» والنظرة الأبوية أو الأخوية للجنوبيين يوم أن أغلقوا أنابيب النفط الذي يرتزقون منه بإيعاز من أسيادهم الخواجات.. وكان يجب علينا أن نهيل التراب على هذه الاعتقادات مهما جاءنا المفاوضون الذين أرسلناهم إلى أديس أبابا والذين طلب منا بعضهم أن «نخلف كراعنا» وننتظر نتيجة المفاوضات.. وتصوروا معنا لو كنا فعلاً خالفين كراع فوق كراع مثلما قال لنا المفاوضون وتم احتلال هجليج ومازلنا نخلف كراعنا.. تصوروا ما كان يمكن أن يحدث لو أننا كنا سمعنا كلام المفاوضين وأعطينا الجنوبيين الحريات الأربع فكنا لن نجد مكاناً نقيم فيه في القبل الأربع ونقعد خجلانين طول أيام السنة تسعين في أربعة أو كما قال شيخنا البرعي رضي الله عنه. ودعونا نقول الآن إنه لا صوت يعلو فوق صوت البندقية والجهاد والدفاع عن الأرض والعرض وليصمت أهل التخذيل وعملاء الحركة الغبية ودعاة السودان الجديد ومؤيدو باقان وعرمان وخلاياهم النائمة وأبواقهم المساعدة. ولنقم بدفن المفهوم القديم والاعتقاد الخاطئ في أهل الجنوب ودولتهم ولندفن ذلك الفهم المغلوط حتى لو قام يعرض صقرية.. ولنتذكر الشعار المرفوع Shoot to Kill.