فرح أهل الثقافة جميعاً بقيام الدورة الثانية لهذا المهرجان لأنه يحرك في بحيرة الثقافة الساكنة ويعود بالخرطوم إلى لياليها الثقافية الماضية، وكان أولى بالقائمين على أمره أن يتداولوا المآخذ والأخطاء السابقة والتي تناولتها الصحف مراراً وتكراراً وإذا بنفس الأخطاء تتكرر بل تتضاعف في هذا المهرجان بحيث إنه من أولى الاخطاء المتكررة هي اختيار شعراء عرب مغمورين لا يعرفهم القارئ السوداني والسؤال الكبير لماذا تتكرر أسماء بعينها كأن حواء لم تلد غيرهم فهناك أربعة شعراء تكرروا واعتذر واحد منهم وهناك من الشعراء الكبار في العالم العربي كان يمكن أن يعطروا ليالينا الثقافية؟ ثم كان اختيار الشعراء السودانيين خاضعاً للمحاباة الشخصية وتم تجاهل شعراء كبار كان يمكن أن يرفعوا شعرنا عالياً وتكرر نفس الخطأ وهو أن الضيوف لم يطلعوا على الشعر السوداني خاصة الكبار الذين رحلوا أمثال «المجذوب وجماع والنور عثمان أبكر وحمزة الملك طمبل وغيرهم» وحتى الشعراء الأحياء الكبار غابوا عن حضور الجلسات وضاعت فرصة تقديمهم للضيوف، ومما يؤخذ على جلسات القراءة والليالي الشعرية هو التأخير الممل والقاتل في البداية ثم هذا الحشد الطلابي الذي تكرر منذ العام السابق حيث طالبات صغيرات في السن في زي واحد مما جعل الضيوف يتساءلون أين جمهور الشعر السوداني؟ وهذا ما يدل على ضعف الإعلانات والدعاية الإعلامية لهذا المهرجان الذي من المفترض أن يكون بقوة وسمعة الخرطوم كواحدة من قلاع الثقافة العربية.. ثم كانت الطامة الكبرى هى الأواراق المقدمة في المهرجان حيث ضعف الحضور وضعف المادة المقدمة واستحوذ بالتقديم أعضاء اللجنة المنظمة للمهرجان بل كان الواحد منهم يعد الورقة ثم يعقب على ورقة أخرى «مناشير».. وايضاً قدمت هذه الأوراق في زمن جد متأخر وكان مسرح خضر بشير يثير الشفقة من قذارة المكان والكراسي والدروب المؤدية الى مداخله فكان أجدى للجنة أن تزور هذه الأماكن قبل بداية الحفل بزمن ومما يلفت الأنظار ضعف خدمات وضيافة الضيوف الكرام اثناء الجلسات هذا اذا لم تكن منعدمة ناهيك عن الحضور الذي كان يتضور عطشاً وتجاهلاً.. وهناك من أعضاء اللجان من كان يتجاهل أهل الثقافة من الحضور ويتجاهل أهل الإعلام لذلك كانت التغطية الاعلامية لهذا المهرجان في غاية الضعف والإهمال المتعمد من أهل الصحف ولهم الحق في ذلك فما كان البرنامج معروفاً من سيقرأ ومن سيقدم من الشعراء بحيث يدل ذلك على أن اختيار الشعراء من الضيوف ومن شعراء الوطن كان يخضع للمزاج الشخصي لعضو أوعضوين من اللجنة وهذا المزاج الشخصي هو الذي أضر بالثقافة السودانية فهي صفوية إقصائية نخبوية... ومن المضحك اختيار بعض الأصوات الشعرية السودانية والتي حظها من الشعر أغان تغنى بها بعض الفنانين.. كما افتقد الحضور نبذة تعريفية موجزة مع بعض النماذج الشعرية لكل ضيف وهذا ما يدل على أن أعضاء اللجنة يجهلون أغلب الضيوف من الشعراء ويبدو ان اللجنة لم تكن منسجمة بين أعضاءها بحيث ترى الغضب في الوجوه بل الحرد والانسحاب أو الغياب المتعمد من حضور الليالي الشعرية والجلسات النقدية فلو حضر أعضاء اللجنة وحدهم بكاملهم لأثروا الحضور المظهري في هذه الجلسات.. وقد كان غيابهم مخجلاً وظاهراً.. كان يمكن أن يصاحب المهرجان عرض لدواوين الشعراء السودانيين والتعريف بهم وتنظيم جلسات نهارية مع الضيوف وكل هذا لم يحدث مما يدل على الكلفتة والإحباط الثقافي والغيرة والاختلاف حيث إن البعض كان يعترض على الكثير من أسماء الشعراء والشاعرات السودانيين وهم أولى من غيرهم بمثل هذه المهرجانات.