ما يزال مسلسل القطوعات وتذبذب التيار الكهربائي بالمناطق الواقعة جنوب محلية القطينة بولاية النيل الأبيض تتواصل حلقاته في الوقت الذي تقف فيه جهود المواطنين المقتصرة على البلاغات المتكررة، حائرة أمام «طناش » إدارة الكهرباء بالمحلية طالما مثلت الجهة المسؤولة عن معالجة الخلل الذي تفاقمت حدته خصوصًا مع بداية الخريف الذي استبشر الناس به خيرًا، فتأزم الوضع الكارثي المتزايد يومًا بعد يوم يكشف عنه سيل البلاغات المنهمر على موظفي بلاغات الكهرباء الذين ملوا من سماعها وحفظوها عن ظهر قلب، وللحقيقة لم اكن بعيدًا عن تلك الوقائع التي حفظتها ذاكرتي بحكم المعايشة مع حلول كل مساء اتلمس فيه طريقي الى الشارع العام أو في ردهات المنزل، وتعود تفاصيل المسلسل الذي أشرت إليه الى قصة حقيقية بطلها «الظلام » وتعرضه ادارة الكهرباء على فترات متقطعة برؤية اخراجية ضعيفة ودون ما اعتذار للتقديم او التأخير في وقت العرض، نتج عنه استياء بالغ ارتسمت ملامحه بصورة لاتدع مجالاً للشك في تلك الانفعالات التي صاحبها الكثير مما لا يصلح ذكره خاصة في هذه الايام المباركة، فضلاً عن «الطامة» التي المت بالبعض منهم بعد تلف الاجهزة الكهربائية خاصتهم وتوقفها عن العمل بسبب تذبذب التيار الكهربائي وضعفه في احيان كثيرة في وقت ما تزال فيه المشكلة قائمة على اصولها، الا ان ادارة الكهرباء وبحسب ردود موظفي البلاغات ارجعوا الامر الى ضعف يعتري التيار الكهربائي في بعض المناطق مما يتطلب «محولات» اضافية لتقوية وتوزيع التيار بشكل صحيح، وجرت محاولات في هذا الاتجاه الا انها قصرت عن تحقيق هدفها بالشكل المطلوب. فالإحساس بأن المسؤولية في ضمان وصول الخدمة الى جميع المشتركين تقع على عاتق الهيئة القومية للكهرباء، دفع البعض لتوجيه رسائل تحذيرية برغبتهم في ترك الخدمة نهائيًا والنظر في بدائل اخرى ان لم يكن ذلك امرًا في غاية الصعوبة. ففي منطقة الجمالاب المحاذية للنيل الابيض ذات الكثافة السكانية العالية والتي تبعد حوالى اكثر من ثلاثين كيلو مترًا جنوب محلية القطينة، تبدو القضية على صفيح من اللهب باعتبارها اكثر المناطق تضررا من تلك القطوعات اذا تم الأخذ في الاعتبار الخلل الفني الذي صاحب ادخال الكهرباء اليها، فالمنطقة التي تم توزيعها الى ثلاثة احياء كبيرة بها ثلاثة محولات كهربائية يفترض ان تغذي مايقارب ال «630» عدادًا كهربائيًا بشكل متوزان، الا ان خللاً فنيًا لم يعرف ان كان مقصودًا ام لم يكن كذلك صَاحَب العملية في مراحلها الاولى والمتأخرة، وصفه مسؤولو اللجان الشعبية بالتلاعب في توزيع الكهرباء بعدم توزيعها بطريقة عادلة لجهة ان بعض الاحياء تستمتع بالخدمة على حساب الاخرى، حسب تفسيراتهم، ويبدو الامر بشكل جلي لايحتاج الى اثباتات تدعم صحة تلك الاقوال، فالحي الشمالي للمنطقة يبدو انه وقع ضحية ذلك الخلل حيث يلاحظ الضعف البائن في الكهرباء الداخلة الى عداداته حال وجودها، فضلاً عن انقطاع التيار عن اغلب المنازل حتى في الاوقات التي تتوفر فيها الكهرباء وترددها في منازل اخرى، فيما تبدو تلك التأثيرات قليلة في الأحياء الأخرى الا انها تجتمع في شأن «القطع الجائر» وغير المنظم في اوقات الحاجة الماسة قبل موعد الإفطار الرمضاني مثلاً بساعتين او اقل ولا تعود الا بعد نسيان امرها، ولعل الجهود التي تقوم بها اللجان الشعبية بالمنطقة لم تفلح حتى وقت قريب في اقناع المسؤولين عن ادارة الكهرباء لوضع حل جذري للمشكلة مع ادارة الكهرباء بالمحلية لأسباب قد تكون غير موضوعية من بينها الاعتراف بضعف في التيار وان الامر من اختصاص الهيئة القومية للكهرباء وليس لهم فيه اليد الطولى، في الوقت الذي لزم فيه اغلب المواطنين الصمت والاستسلام لليأس المختلط بمشاعر الحزن على اموالهم المسكوبة مقدمًا في جيب الخدمة التي لا تتوفر لهم حسب الطلب.