دخل إلى قاعة وزارة النفط مرتدياً الزي العسكري، وتبدو علية آثار الإرهاق والتعب جراء المكوث لأيام في حقل هجليج جنباً إلى جنب مع العمال والمهندسين يستعجلهم الإسراع لضخ النفط مرة أخرى في أسرع وقت. وقد أتى مباشرة من مطار الخرطوم إلى الوزارة، ألا وهو رجل المهام الصعبة وزير النفط د. عوض الجاز، وهو لقب أطلقه عليه وميزه به الرئيس البشير، وهو لقب استحقه الرجل عن جدارة، وكان حريَّاً به أن يكون عند حسن ظن السودان الوطن والرئيس والشعب، بعد الإنجاز الذي تحقق بعودة نفط هجليج بعد «20» يوماً من دمار المنشآت النفطية بالحقل جراء الاعتداء الغاشم من الحركة الشعبية. وفي مؤتمر صحفي عاجل عقده أمس بوزارته أعلن وزير النفط د. عوض الجاز بدء ضخ النفط من حقل هجليج، وقال إن هجليج واحدة من محطات التآمر على السودان الذي قبل اتفاقية السلام الشامل واعترف بدولة الجنوب وقدم العون. وكان أن رد الأخير التحية بصورة معاكسة لكرامة أهل السودان وسماحتهم، مبيناً أن السودان فتح أراضيه لمرور نفط الجنوب وتفاوض حول تكلفة العبور. ولكنه وجد كثيراً من اللاءات المتكررة، وأن البلاد تعاونت وتفاوضت ليس من منطلق ضعف وإنما سعياً لاستدامة السلام وحسن الجوار. وأضاف أن الجنوبيين دُفعوا لقفل أنابيب النفط رغم علمهم التام بأنه المورد الوحيد. وأكد استجابتهم للإغراءات كيداً للسودان وشركائه، واصطياد عصفورين بحجر واحد، على حد تعبيره، بزوال الحكومة وتدمير الإمكانات. وظهر ذلك جلياً في تدميرهم للمنشآت ووسائل التحكم والنقل بهجليج. ووصف الحرائق التي شبت في الحقل بأنها من أصعب الحرائق، مما دعا إلى استعجال إصلاح ما خربه الجيش الشعبي، بكوادر سودانية خالصة اضطروا لمواجهة لهب النيران واقتحموها للبحث عن صمام قفل الأنبوب الرئيس، ودعموا بخراطيم المياه لمسافة امتدت لثلاثة أمتار لإخماد النيران. وقال الجاز إن الدمار الذي حدث ليس عارضاً ونفذ بخبرات عالية من أشخاص ذوي خبرة لتعطيل المنشآت، والدليل على ذلك إلقاء القبض على الأسرى الأجانب في هجليج، مؤكداً قفل المداخل الرئيسية ومحطتي التحكم والكهرباء والآبار الخارجية وتدميرها بالكامل، لافتاً إلى أن الجنوب يسعى للكيد للشمال وإزالة حكومته وإدخال الشعب السوداني في ضائقة اقتصادية، مشيراً إلى الدمار الذي تم، وقال إنه لم يبق من الآليات العاملة سوى حفار واحد وكريل، وتم احراق كل الآليات، وقال إن السيارات إما أخذت أو أحرقت من قبل الجيش الشعبي، وتم نهب المنازل ومخازن قطع الغيار، وطال الدمار المنطقة بكاملها. وقال إن حجم الدمار كبير جداً وقطع بتمكنهم من تغيير مسار الخط الناقل للنفط لميناء بشائر وعودة النفط للأنبوب، مبيناً أن الشركاء أكدوا استحالة إعادة تشغيل الخط، ولكن الكوادر السودانية استطاعت تشغيل الأنبوب في اتجاهين معاكسين «صادر ووارد»، وتعهد الجاز بعدم الاكتفاء بعودة الضخ وقبول التحدي لتحقيق غايات الشعب. وقطع الجاز بعودة النفط لمساره الطبيعي، وتمت إعادة الطاقة الكهربائية ومراجعة مناطق التحكم والتجميع والتخزين والمستودعات والأنابيب، وإصلاح كافة الوسائل التي تعين على استمرار ضخ النفط، وأكد البدء بحصر الأضرار والخسائر عبر لجان في مسارات مختلفة بالتعاون مع الشركاء من الصين والهند وماليزيا الذين يملكون منشآت ومصالح بالحقل، بالإضافة لشركات التأمين. وقلل من الإسراع في اتخاذ إجراءات قانونية في الوقت الراهن. وقال: «لا نريد الاستعجال ولكن المسألة مست مصالح مقاولين لهم ممتلكات». وأعلن الجاز عن الاتجاه لتقديم كشوفات بحجم العدوان والخسائر للمجتمع الدولي والمنظمات التي أقرَّت بالعدوان، وأضاف قائلاً: إننا نريد أن نختبر صدق نواياها طالما أن الاعتداء كان الاعتراف به بشهادة المنظمة الدولية، وهو اعتداء على دولة، ولا بد من تقديم البينات وحجم الخسائر التي مست جسم المنشآت الموجودة بشواهد وصور لا تقبل الجدال. وفي ما يتعلق بتأمين وحماية المنشآت النفطية قال الجاز: «نحن حدنا بلدنا، وحيثما كان الحد فمن يمد يده ستقطع، ولا تراخي أو ضعف من بعد ذلك»، مشيراً إلى عدم الاتجاه لتغيير مواقع المنشآت النفطية التي أكد قيامها بحسب المتطلبات الفنية، مؤكداً تلقي المنشآت لثلاث هجمات سابقة ولم يتوقف إنتاج أو ضخ النفط في الأنابيب، منوهاً بأن عودة ضخ النفط بهجليج كانت بعد أسبوع بعد الاعتداء بدلاً من استغراق العملية ستة أو أربعة أشهر كما كان متوقعاً، ونفى أية علاقة لزيارة رئيس الجنوب سلفا كير للصين بما حدث، مبيناً أنها كانت مرتبة سابقاً. والصين لها رأي واضح في الممارسات السالبة التي قام بها الجنوب، مبيناً اتخاذ تحوطات والإسراع حتى يعود الوضع لطبيعته بالحقل. وقطع بعدم تضرر البلاد والعملية الاقتصادية بمواجهة نقص في المشتقات البترولية والمحروقات، ووضع الدولة لترتيبات في هذا الصدد، والإسراع في العمل بحقول كيكان ونيم وبامبو وهجليج وحقول أخرى. وأكد عدم حدوث أي اعتداء على الحدود السودانية باعتبارها ضمن مسؤوليتهم، وطمأن الجميع إلى أن النفط السوداني دخل الأنبوب السوداني ليستخدمه إنسان السودان.