«يبلوهو ويشربوا مويتو» «الخارجية ترحب بقرار مجلس الأمن وبخارطة الطريق التي أجازها مجلس السلم والأمن الإفريقي»، هكذا قابلت أجهزة الدولة السياسية أولاً قرار مجلس الأمن بشأن تطورات الوضع بين السودان ودولة الجنوب، وثانياً مارست الدبلوماسية عبر وزارة الخارجية ترحيباً حارًا بالقرار وفق ما سرده بيانها أمس، وما بين هذه وتلك أظهرت الدولة السودانية قمة التناقض في المواقف بين ساستها ورجالها على السلك الدبلوماسي، وبحديث نقلته وسائل الإعلام للأمين العام للمجلس الأعلى للحكم اللامركزي ورئيس لجنة الإسناد المحلية لجنوب كردفان والنيل الأزرق الأمين دفع الله أكد جازماً أن قرار مجلس الأمن وتهديده بفرض عقوبات على السودان «لا يساوي الحبر الذي كتب به وعليهم أن يبلوهو ويشربو مويتو» فيما أعلنت وزارة الخارجية ترحيب حكومة السودان بقرار مجلس الأمن الصادر الأربعاء الماضي، وبخارطة الطريق التي أجازها مجلس السلم والأمن الإفريقي، وأكدت الخارجية التزام الحكومة بما جاء في القرار بوقف العدائيات مع دولة جنوب السودان وفق الفترة المحددة وأشارت الوزارة حسبما نقل بيان رسمي للمتحدث الرسمي باسم الخارجية السفير العبيد مروح إلى أنه في ظل الهجمات والاعتداءات المتكررة التي يقوم بها جيش دولة جنوب السودان على الأراضي السودانية حتى اليوم كما في أم دافوق وتلودي وسماحة أو هجماته واحتلاله للمناطق المتنازع عليها في كافيا كنجي وكافيا دبي أو تهديده بإعادة مهاجمة هجليج، فإن القوات المسلحة السودانية ستجد نفسها مضطرة لاستخدام حق الدفاع عن النفس، وذكرت الخارجية حسبما يتعلق بمنطقة أبيي تود أن تجدد التزام حكومة السودان بالبرتكول الخاص بالمنطقة الموقع في يناير 2005 ، والتزامها في ذات الوقت بالتنفيذ الناجز لكل الخطوات الإدارية والعسكرية المترتبة على اتفاق الترتيبات المؤقتة لمنطقة أبيي والذي تم توقيعه بين طرفي اتفاق السلام الشامل في العشرين من يونيو 2011 م. وبإعلان الرئيس البشير الأسبوع الماضي المناطق الحدودية مع دولة الجنوب مناطق طوارئ مما يعني أن السودان يضع نصب أعينه تأمين بلاده من هجمات الجيش الشعبي يرى الباحث الجنوبي جونسون تانج سعي جوبا إلى تأمين نفسها من خلال التواري خلف مندوبة الولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة «سوزان رايس» لتنقذهم من براثن غضبة السودان التي أعلنها البشير في خطابات حاسمة ومتتالية وصريحة بأن الخرطوم لن يهدأ بالها حتى تريح مواطن دولة الجنوب من نظام دولة الجنوب الحركة الشعبية، ويعتقد تانج أن جوبا ووسط قراءتها للأوضاع على واقع الحقيقة توقن استحالة مواجهة السودان عسكرياً خاصة في ظل حالة الشارع الجنوبي الذي يغلي من تصرفات قيادات الحركة الشعبية واحتلال هجليج سابقاً يعتقد أن جوبا عادت ل«عادتها» القديمة باستعداء النظام العالمي على الخرطوم عبر الحلفاء والضغط بالمنظمات الدولية بغية إرغام أنف الخرطوم على قبول شروطها المستقبلية حول القضايا العالقة وإزالة رغبتها من إمكانية الإطاحة بها من سدة الحكم في جوبا، ويكشف تانج عن معلومات مثيرة تتحدث عن خلافات كبيرة انتشرت في الفترة الماضية بين صفوف قيادات النظام في جوبا تتعلق بملفات الخلاف مع الخرطوم خاصة فيما يلي شأن النفط والأزمة التي فجرها قرار إيقاف تصديره عبر الأراضي السودانية، ويلفت إلى ما وصفه بلقاء سري جمع نائب رئيس دولة الجنوب رياك مشار مع الدبلوماسية سوزان رايس قبل أقل من شهر، ويضيف:«مشار وضع كل الأحرف على كتاب رايس للضغط على الخرطوم وهذا ما وقع بالفعل بالتهديد بفرض عقوبات على الخرطوم». ويردف: «قد يخالف الكثير هذا الحديث باعتبار أن المجلس هدد الخرطوموجوبا معاً لكن هناك حديث لسلفا كير سبق زيارة مشار للولايات المتحدة أشار صراحة لعدم تخوفهم من فرض «أصدقائهم» لعقوبات على الدولة الوليدة».