يعتبر المنشقون عن الجيش الشعبي كتنظيم مناوئ للحركة الشعبية بجنوب السودان يقوده مجموعة من الضباط الذين انسلخوا من الجيش الشعبي على خلفية تزوير الانتخابات الأخيرة لصالح الحركة الشعبية، وفي الفترة الماضية قام التنظيم بفتح جبهات قتالية عبر محاور عديدة انتظمت ولايات أعالي النيل الكبرى، بحرالغزال وولاية الوحدة كمحاولات جادة لإطاحة نظام جوبا الذى تسيطر عليه قبيلة الدينكا. وفى هذا الحوار الذى أجراه المركز السوداني للخدمات الصحفية مع الفريق ديفيد ياوياو نائب رئيس جيش تحرير جنوب السودان عبر هاتف يعمل بالأقمار الصناعية من الميدان قال ياو إنهم سيدخلون جوبا في غضون شهر بعد إزالة حكم الحركة الشعبية التي فشلت في إدارة شؤون الدولة الوليدة ولم يستبعد ياو أن تطيح الخلافات الداخلية المكتب القيادي للحركة بنظام سلفا كير وذلك لسيطرة الطغمة الحاكمة عليه، مشدداً على ضرورة طرد الحركات الدارفورية المتمردة وعدم تصعيد الأزمات العسكرية مع دول الجوار مشيراً إلى أنهم سيقومون بتطوير العلاقات الاجتماعية والسياسية بين الدولتين ومؤكداً أنهم يحصلون على السلاح من بقايا فلول الجيش الشعبي بعد كل معركة يخوضونها، وتطرق الحوار للعديد من القضايا نطالعها معًا... فإلى مضابط الحوار: كيف تقرأ الوضع الراهن السياسي في الجنوب؟ كما تعلمون أن الحركة الشعبية تعاني من صراع داخلي، وتصدع في أجهزتها، وضعف شديد في مواقع اتخاذ القرار. وفي الآونة الأخيرة ارتفعت الأصوات التي تنادي بضرورة إطاحة نظام الدينكا الذي تسيطر عليه هذه الطغمة الحاكمة من الحركة الشعبية؛ التي فشلت في إدارة الدولة وخلق بنيات تحتية، وبدلاً من تحقيق تطلعات الشعب الجنوبي المتمثلة في بناء الدولة في مجال التعليم، الطرق والصحة؛ قامت الحركة الشعبية بفتح جبهات قتالية مع دول الجوار، وهي حرب لا قبل لها بها، لأنها دولة وليدة وتحتاج إلى دعم ومساندة. وكما نعلم جميعاً أن سلفا كير شخصية ضعيفة جداً ليس لديه خبرة أو معرفة بتسيير نظام الحكم أو العمل العسكري، وقد كان وكيل عريف بعد التمرد الأول؛ وبعد أن تم استيعابه بواسطة لجان الاستيعاب ترقى إلى ملازم أول، ليس لخبرته ولكن هذه الترقية جاءت على أساس عرقي. وهو ليس لديه كفاءة لكنه جاء لأن الدينكا يسيطرون على عملية الاستيعاب.. وإذا نظرنا إلى الذين يحيطون به مثل رياك مشار ولام أكول هم ناس متعلمون وأكثر خبرة منه، وبالتالي سيطيحونه لأنهم لا يثقون به وستكون نهايته قريباً جداً. إذن بعد أن أصبحت حكومة الجنوب مهددًا للأمن في ظل التوترات الأخيرة، ما هي خططكم في الفترة المقبلة؟ نحن كمنشقين عن الجيش الشعبي لدينا هدف واحد هو تغيير نظام جوبا ونظام الدينكا، ولذلك نحن الآن في الميدان ونعمل بالتنسيق مع قواتنا وقياداتها المنتشرة في أعالي النيل الكبرى وبحر الغزال وولاية الوحدة. والمشهد السياسي في الجنوب سيحدث فيه تغيير كبير عما قريب. وهناك تمرد كبير في أوساط الجيش الشعبي، والمحاولة الانقلابية الأخيرة دليل على ذلك، أولاً لإطاحة الوالي تعبان دينق الذي توارى عن الأنظار ويختفي الآن في مكان بولاية الوحدة.. وثانياً الدينكا الذين يسيطرون على سدة الحكم في الاستوائية وجونقلي وهم دينكا بور ولا يتركون بقية القبائل تشاركهم في الحكم. ومن هنا نحن كمنشقين نريد إيقاف الحرب في مناطق اللاونوير، ونريد أيضاً إزالة التهميش.. وأدعو أبناء اللو نوير لعدم السماح لقيادات الدينكا باستغلالهم في الجيش الشعبي لقتال القبائل الأخرى، وأن نعمل كمجموعات معارضة لتغيير الواقع السياسي الذي يعانيه المواطنون من ارتفاع في الأسعار، وحروب طويلة واغتيالات للقادة السياسيين والعسكريين، مثل جورج أطور والعميد قلواك قاي.. هذه المشكلات ألقت بظلالها على انهيار المشهد السياسي والصراع الدموي. وكما تعلمون أن دولة الجنوب تعاني من انهيار كبير في الاقتصاد بسبب أزمة ايقاف ضخ البترول، وانعكس ذلك سلباً على انعدام المواد الغذائية وندرتها وانعدام الوقود والأغذية، ونعلم أيضاً أن الجنوب في اتجاه التقسيم، لأن هناك تمردًا في أعالي النيل وولاية الوحدة ومناطق اللاونوير. ما هي رؤيتكم تجاه الأحداث الأخيرة في منطقة هجليج ونقل الصراع للسودان؟ أولاً الحركة الشعبية وقادتها يعانون ضعفًا وتصدعًا وعدم قدرة على اتخاذ القرار، وهذا الصراع الذي حاول سلفا كير أن ينقله للسودان أؤكد لكم أنه حاول أن يخفي عجزه وفشله، ويخفي حقيقة عدم قدرته على إدارة الدولة الحديثة وإعادة ترميمها وترميم الأوضاع الإنسانية والصراعات القبلية. ولذلك أراد سلفا كير أن يخرج من المأزق الذي وقع فيه بتدمير المواطن الجنوبي، وإشعار العالم والمجتمع الدولي بأنه يتجه لبناء دولة، ولكنه فشل تماماً؛ لأن الصراع القبلي متفجر.. والحركة الشعبية قامت بإشعال الفتن بين القبائل وتحطيم المجتمع الجنوبي وقذف بأبناء اللاونوير في أتون الحرب ورفعت حدة الاغتيالات والصراعات الدموية، وكل هذه الصراعات تأتي كمخططات غربية يقوم سلفا كير بتنفيذها لإبادة القبائل الأخرى، حتى يتمكن الدينكا من السيطرة على مقاليد الأمور في الجنوب؛ في ظل التهميش وعدم مشاركة القبائل في الحكم، وانتهاك حقوق الإنسان بالمعاملة اللا إنسانية للمواطن. شكك الخبراء في مقدراتكم العسكرية كمنشقين في تغيير نظام جوبا، هل تتلقون دعماً من جهة أخرى؟ نحن كمنشقين لدينا خطط محكمة على مستوى ولايات أعالي النيل الكبرى وبحر الغزال والوحدة، ونعمل بتنسيق كامل مع المعارضة الجنوبية، ولدينا سند قوي من المواطن وشعب الجنوب الذي التف حولنا بسبب ما يعانيه من سوء وتخبط قرارات الحركة الشعبية؛ التي فشلت في توفير البنى التحتية والغذاء لهذا الشعب؛ بل دفعت المواطنين إلى صراعات مسلحة ليس للمواطن الجنوبي مصلحة فيها. وهذا الشعب الذي ظل يعاني قبل استقلال الجنوب وكذلك بعد حدوث الانفصال الذي جاء نتيجة للصراعات والتخبط. وصار إنسان الجنوب ضحية لتلك السياسات، والصراع الجنوبي الجنوبي بين المجموعات المختلفة. وجاء ذلك للسياسات المتخبطة وعدم القدرة على تسيير دفة الحكم، ولذلك لابد من تغيير ذلك النظام الذي يستبيح النساء والأطفال. ونحن لدينا المقدرة على إطاحته خلال شهر واحد. وفي كل معركة خضناها مع الحركة الشعبية في ميوم وبانا كواج ومنقة نكسب تأييدًا من الشعب الجنوبي، لأننا أصبحنا منقذين للشعب الجنوبي الذي يعاني من ويلات الحرب، في ظل الانفلات الأمني بين المجموعات المتصارعة. وفي كل معاركنا يترك الجيش الشعبي أسلحته ويفر هارباً لأنه جيش غير نظامي وغير قومي، بل يتم تدريبه على أسس حرب العصابات والسلب والنهب للمواطنين الأبرياء.. ونحن الآن نحاصر جوبا من ثلاثة محاور، وسنقاتل الجيش فيها ونهزمه ونقوم بأخذ الأسلحة الموجودة لديه ويقاتل بها الآخرين. إذن هل لديكم مطالب تريدون تنفيذها خلال قتالكم مع الحركة الشعبية؟ نعم، كما تعلمون أنه بعد اتفاقية أديس أبابا استمر القتال، وكذلك هنالك مشكلات قبلية رهيبة جداً.. وبفضل تلك النزاعات حدث موت كبير ودمار، وهناك نزاعات بين قبائل النوير والدينكا، كذلك القبائل الأخرى. وفي ظل هيمنة الدينكا على مفاصل الحكم استمر ذلك حتى بعد الانفصال الذي جاء أيضاً بمشكلات كبيرة وصراعات جنوبية دموية مازالت مستمرة حتى الآن، وكذلك ظهر صراع داخل المكتب القيادي لأن الدينكا يسيطرون على الحكم دون القبائل الأخرى، ولذلك سينفلت ذلك الصراع في أقرب وقت؛ لأنهم لا يريدون مشاركة النوير والمورلي وكذلك الاستوائيين في الحكم، فالدينكا يستغلون المواطن الجنوبي، ولذلك نتوقع حدوث صراع كبير جداً بين الاستوائيين والزاندي، وسيستمر ذلك الصراع إلى أن نستطيع إطاحة نظام تلك الطغمة الحاكمة المتمثلة في الحركة الشعبية. ثانياً نحن كمنشقين بعد إطاحة نظام جوبا سنقوم بتطوير العلاقة مع دولة السودان، وبناء علاقة اجتماعية وسياسية وأمنية قوية وراسخة. ثالثاً نريد بسط الحريات والديمقراطية وإقامة الانتخابات بطريقة شفافة وحرة ونزيهة حتى تشارك جميع القبائل في الحكم، وسنقوم بإعادة بناء العلاقات مع دول الجوار، وتشييد البنى التحتية في الجنوب، وتوفير الأمن والحياة الكريمة والاستقرار للمواطنين الجنوبيين.. واخيراً إعادة ضخ البترول عبر السودان واستغلال أمواله في التنمية والتعليم، واستغلال الموارد الطبيعية الموجودة في الجنوب؛ لأن هؤلاء الدينكا استغلوا تلك الأموال وعائدات النفط في الفساد وتحويلها في أرصدتهم في البنوك الأوربية وغيرها، وحرموا الشعب الجنوبي من عائدات البترول، وصاروا يعيشون في ظل الحرب والصراعات، بينما يعيش أبناؤهم في يوغندا وأمريكا وغيرها.. وهذا الذي يحدث في الجنوب منذ التمرد الأول في عام 1983 والذي قام به دينكا بور ودينكا بحر الغزال واستمر حتى الآن، والذي ظهر جلياً في الخلافات الأخيرة بين رياك مشار ومجاك وغيرهم في المكتب القيادي، الأمر الذي أدى لمحاولة الانقلاب على هذا النظام الظالم الذي قام بفصل الجنوب، وأجبروا المواطنين على التصويت واختيار الانفصال تحت سطوتهم وإجبارهم بقوة السلاح. الحركة الشعبية تقدم الدعم للحركات الدارفورية لزعزعة الاستقرار في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور ما هي الرسالة التي توجهها لهم؟ أولاً لا بد من طرد هذه الحركات العميلة التي تتلقى الدعم من الخارج، وتقوم بتنفيذ الأجندات الغربية على حساب الشعب الجنوبي المغلوب على أمره، ثانياً يجب علينا كمنشقين أن ندين هذا العمل العسكري الذي يتم تصعيده تجاه السودان. ونحن قادرون على إيقاف ذلك ومنع انتشار الحركات المسلحة. ويجب على المجتمع الدولي ممارسة ضغوط لطرد تلك الحركات، لأن القانون يمنع مثل ذلك التمرد والعمل العسكري؛ إذن لابد أن تذهب حركات دارفور ومالك عقار والحلو إلى ولاياتهم حتى ينعم جنوب السودان بالاستقرار. وأخيراً نحن كمنشقين سنعمل على إزالة نظام الحركة الشعبية، وبناء العلاقات الاجتماعية والسياسية بالداخل، وعلاقة جيدة ومتميزة مع السودان.