نهاية العام الماضي كنا في زيارة لمناطق مهجري سد مروي في الحامداب وآمري ووقفنا على التردي المريع الذي تعيشه مشروعات تلك المناطق، ورأينا دموع الرجال تملأ المقل من شدة الفقر والجوع الذي يعيشه الأطفال والشيوخ هناك بسبب عدم انسياب المياه في المشروعات الزراعية، وقال لنا أحد الشيوخ وتقاسيم وجهه مليئة بالحزن «نحن أعطينا صوتنا جميعًا للمؤتمر الوطني فلماذا تهملنا قيادته لهذه الدرجة» وامرأة مسنة وقفت بالقرب من لافتة كبيرة كُتب عليها «مادايرين إسعافي وين بيارتك يا متعافي» في إشارة لعطش المشروع، وقالت لنا تلك الحاجة «نحن صوتنا للمؤتمر الوطني ولكنه لم يفعل لنا شيئًا»، وقبل أمري اشتكى عددٌ كبير من أهل طوكر من افتقارهم للخدمات الضرورية وأيضًا قالوا لنا نفس العبارات السابقة فيما يخص ترشيحهم لقيادات المؤتمر الوطني في الانتخابات الأخيرة، وفي كسلا والقضارف و...و..... وأخيرًا سنار التي كثرت فيها الخلافات بسبب عدم توفر الخدمات الضرورية كان آخرها أحداث ود النيل التي صاحبتها حرائق ودمار عدد من المنشآت، والسبب الرئيس في ذلك عدم توفر الخدمات الضرورية، وقال لي أحد سكان المنطقة إن سوق ود النيل بيع كاستثمار في وقت سابق مقابل توفير الخدمات الصحية والتعليمية ولكن حكومة الولاية لم تفعل شيئًا، والآن أرادت حكومة الولاية بيع مناطق استثمارية أخرى في ودالنيل ليستفيد المستثمرون ويضخوا الأموال في خزينة حكومة الولاية والمواطن البسيط يعاني من عدم توفر المياه والبيئة التعليمية السليمة والخدمات الصحية. فكيف يكون الاستثمار في مدينة بها مستشفى يفتقر للكادر الطبي والمعدات الطبية والعلاج وحتى الأسرة فإن المريض مطالب بتوفير سريره لتلقي العلاج غير الموجود، فكيف يغمض جفن لوزير الصحة بالولاية وهناك رعية تحتاج لأبسط مقومات العلاج في مستشفى مدينة بحجم ود النيل؟، وكيف يغمض جفن لوزير التخطيط والمواطنون البسطاء يبحثون عن قطرات المياه للشرب؟ وكيف يغمض جفن لوالي سنار ورعيته يكابدون من أجل توفير أبسط الخدمات الضرورية؟ إن مواطن سنار يبحث عن توفير الخدمات الضرورية التي هي من أوجب واجبات حكومته التي انتخبها وأعطاها صوته في الانتخابات الماضية، وحكومة الولاية مسؤولة أمام الله من هذه الرعية وكذلك الحكومة المركزية التي تغمض جفنها ورعيتها يعانون في سنار وغيرها من ولايات السودان، وهذه الرعية هي التي جعلت المؤتمر الوطني يتربع على عرش السلطة في الانتخابات وحتى إن لم تفعل فهم رعية يسألهم الله عنهم يوم لا تنفع سلطة ولا مال ولا بنون، فهل يراجع المركز سياسات ولاة الأمر في ربوع السودان المختلفة أم يُبقي الحال كما هو إلى حين إشعار آخر؟