٭ شهادات «العقلانية» التي وزعها رئيس وزراء السودان الأسبق الصادق المهدي على قادة التمرد في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق حيث قال بأن «قادة التمرد أعقل السودانيين» ترى هل سيسحبها منهم بعد الاعتداءات الأخيرة على مناطق الآمنين ونهب ممتلكاتهم وإزهاق أرواحهم مثلما حدث مؤخراً في قريضة وكفن دبي وكفيه كنجي، أم أن العقلانية التي وصفهم بها يرى أنها هى التي دفعتهم إلى الاعتداء على المواطنين؟!.. وإذا كان قادة التمرد في نظر الصادق المهدي هم أعقل السودانيين مع أنهم يغيرون على القرى والمناطق الآمنة وكأنهم في حالات سعر، فإن من باب أولى أن نصف من قاموا بانقلاب 03 يونيو 9891م من مدنيين وعسكريين على حكم الصادق المهدي بأنهم أعقل السودانيين في ذاك الوقت الذي كان فيه الناس بالفعل يحتاجون للتغيير. نقول هذا ليس من باب الدفاع عن شخص أو جماعة لكن لنبين أن الصادق المهدي يطلق التصريحات التي يتشفى بها كلما تذكر الموانع والسدود بينه وبين العودة إلى الحكم والسلطة دون أن يحسب حسابات التعليق عليها. وفي لحظة إطلاق التصريحات لا ينتبه الصادق المهدي لأهم سؤال هو: إذا كان بعد المساعي الرسمية والشعبية لسلام دارفور والحكومة «العريضة» التي تستوعب «خمسة» مساعدين لرئيس الجمهورية من ضمنهم ابنه «عبد الرحمن» يرى أن قادة التمرد هم أعقل السودانيين لماذا لم يطلب من بعض هؤلاء المساعدين أن يكون من ضمن أعقل السودانيين؟. ثم نسأل السيد الصادق مباشرة: ترى إذا وصل هؤلاء المتمردون إلى الحكم في الخرطوم هل سيجد هو أو ابنه موطئ قدم في السلطة؟! إن بعض قادة التمرد كانوا قد تحدثوا عن أن حزب الأمة القومي الذي يتزعمه الصادق المهدي حزب «إقطاعي».. أي أن قيادته تضطهد قواعده وهم الأنصار طبعاً.. وهذا يعني أن من أهداف التمرد في دارفور تحرير المواطن من هذا النظام الإقطاعي، وفي مثل هذه الحالة يمكن أن يكون قادة التمرد أعقل من قيادات حزب الأمة القومي، لكن ليس أعقل من كل السودانيين لأن بعض السودانيين اقتلعوا حكم حزب الأمة «الإقطاعي» ومعظم السودانيين باركوا هذه الخطوة، لقد وجد انقلاب 03 يونيو 9891م تأييداً لم تجده حتى «عودة نميري» المعروفة التي كان شعارها «في خمس دقائق عاد القائد». لكن إذا قال الصادق المهدي الآن: «قادة التمرد أعقل السودانيين» رغم أنهم يحتلون القرى الآمنة ويهاجمون سكانها ويقتلون وينهبون والمجتمع الدولي التافه الحقير يرى ويرضى ولا تتحرك فيه شعرة، فهل أثناء نشاط الجبهة الوطنية في السبعينيات ضد نميري هل كان يقول بأن قادة انقلاب هاشم العطا في 91 يوليو هم أعقل السودانيين؟!. أليس قادة انقلاب 91 يوليو برغم مجزرة بيت الضيافة هم أعقل من قادة التمرد؟!. كم شيخاً قتل؟ كم امرأة قتلت؟ كم طفلاً قتل؟ كم صبي ظل محروماً من التعليم بسبب التمرد في دارفور الذي اندلع بعد عام من المفاوضات الأخيرة بين الخرطوم ومتمردي جنوب السودان ومرتزقتهم أمثال ياسر عرمان وعقار والحلو؟. كانت كلمات الصادق التي وزع من خلالها شهادات العقل والحكمة والموعظة الحسنة لقادة التمرد قبل أيام أي في بحر الأسبوع الماضي، لكن اعتداء حركات التمرد التي يقودها من يعتبرهم أعقل السودانيين على مناطق المدنيين الآمنين مؤخراً وهو مسلسل طويل هو ما جعلنا نستدعي هنا شهادات الصادق المهدي التي تكرم بها على من يروعون الآمنين.. وهم يغيرون على مناطق المواطنين لأن قادتهم لا ينفقون عليهم كل ما يستلمونه من أموال من الجهات الداعمة ومنها طبعاً «جنوب السودان»، أي أن النفط الذي استخرجته الخرطوم قبل التوقيع على اتفاقية نيفاشا، ها هو يشكل عنصر دعم وتمويل لحركات تمرد دارفور لكي تحارب الخرطوم التي استخرجته، لكن بعد ايقاف انتاجه لابد من مهاجمة المواطنين بحركات يقودها «أعقل السودانيين» حسب الصادق المهدي.