بالرغم من أن الحركة الشعبية التي مازالت تعتبر نفسها (لتحرير السودان) قد حطَّمت الرقم القياسي في الإدارة الفاشلة للدولة وهي تحكم بمؤامرة دولية شعب جنوب السودان إلا أن هذا الفشل لم يتوقع أحد أن يصل إلى درجة أن يوجه رئيس الدولة سلفا كير بمنع استيعاب أبناء قبيلة الفراتيت إحدى قبائل الدولة في جيش الدولة الذي هو الجيش الشعبي (لتحرير السودان) هكذا اسمه حتى الآن.. وهو بالطبع اسم يطرب له أمثال ياسر عرمان والحلو حتى يتغلَّبوا على الشعور بالانتماء لدولة الجنوب التي تحكمها الحركة الشعبية التي ينتمون لها ولا ينتمون إلى الدولة التي تحكمها هي. أما عقار فهو جنوبي غير مُعلن، ومن القرائن التي تُشير إلى جنوبيته ما قاله أيام كان واليًا على ولاية النيل الأزرق حيث قال: (إن ولاية النيل الازرق أرض إثيوبية وينبغي ضمها إلى إثيوبيا). ومعلوم أن معظم القبائل في جنوب السودان قد قدمت من الهضبة الإثيوبية وما جاورها، وحتى الرئيس الإثيوبي السابق منقستو هايلوماريام يبقى من قبيلة (النوير) ويقال إن مالك عقار إير من قبيلة الشلك.. المهم في الأمر هو أن الجيش الشعبي (لتحرير شعب جنوب السودان) كما يُسمَّى هكذا يرفض بأمر من حكومة جوبا استيعاب بعض أبناء جنوب السودان وهم قبيلة الفراتيت وفي نفس الوقت ينتسب إليه عدد كبير جدًا من «الأجانب» المنتمين الى جمهورية السودان، وعلى رأسهم الحلو وعرمان. فهل هذا بالفعل جيش دولة قومي جدير باحترام الشعب له؟! اي حكومة في العالم رفضت تعيين أبناء قبيلة معينة أو عائلة معينة في جيش البلاد؟! لكن هذا وحده دليل على أن (الجيش الشعبي لتحرير السودان) كما يُسمّى حتى الآن رغم انفصال الجنوب دليل على أنه ليس جيشًا لشعب جنوب السودان، وإنما قادته ليس إلا مرتزقة وبصورة مُقنَّنة يحاربون لصالح مشروعات تآمرية غربية وصهيونية وإقليمية تتقاطع فيها المصالح. وإذا كنا قد علمنا بمنع استيعاب قبيلة الفراتيت في جيش الجنوب، فما هي القبائل الأخرى التي يشملها هذا القرار ولم نعلم بها؟! إن السبب الذي دفع حكومة جوبا إلى إصدار قرار بمنع تدريب قبيلة الفراتيت في الجيش الشعبي «لتحرير السودان» يمكن أن يدفعها إلى منع تدريب بعض القبائل الأخرى، لكن ماهو هذا السبب؟! جاء في الأخبار أن قرار سلفا كير بمنع تدريب قبيلة الفراتيت الجنوبية في الجيش الشعبي بسبب تخوّف حكومة الجنوب من تمرد أبناء القبيلة على الحكومة بعد إقحامهم في معارك ضد السودان وإبعاد أبناء الدينكا من المعارك. والسؤال هنا هل ينطبق هذا السبب على الفراتيت فقط؟! ولماذا إذا كانت الإجابة بنعم؟! لماذا لا ينطبق على أبناء قبيلة النوير وهم الذين انسحبوا من هجليج قبل تحريرها مما تبقى فيها من قوات الجيش الشعبي؟ إن رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر كان قد صرّح قبل تحرير هجليج بأن مجموعة النوير قد انسحبت من المنطقة لخلافات مع بعض قادة الجيش الشعبي.. وبهذا يبقى داعي التخُّوف من النوير أقوى منه من الفراتيت، كما أن هناك كثيرًا من قبائل الجنوب التي يشتبك أبناؤها مع عناصر الجيش الشعبي بصورة شبه مستمرة، وهي أشرس من قبيلة الفراتيت الميَّالة إلى السلم والسلام أكثر من الروح العدوانية. ويقول الخبر أيضًا أن أبناء الفراتيت قد التحقوا بمعسكرات تدريب في را جا وواو بغرض تأمين الحدود وليس الاعتداء على السودان، لكن حكومة جوبا لا تعترف الآن بحدود عام 1956م وهذا يعني في نظرها أن أبناء الفراتيت يتدربون لغرض لا يشغل حكومة الحركة الشعبية حاليًا، فحكومة الجنوب بدلاً من أن تهتم بمنطقتين في الحدود مع يوغندا وكينيا تحتلهما هاتان الدولتان منذ عقود إلا أنها الآن وبعد الانفصال تحاكيهما في احتلال مناطق (شمالية) معلومة قبل الانفصال وهي تطمع فيها لأن بعض أبنائها منخرطون في صفوف الجيش الشعبي، جيش دولة الجنوب، الذي أصبح محرّما على قبيلة جنوبية هي الفراتيت، لذلك ترى (الحركة) أنه لم يحن بعد وقت تأمين حدود دولتها الشمالية، وهي تنظر إلى حدود عام 1956م بين الدولتين على أنها مثل حدود عام 1948م التي كانت تفصل بين الأراضي الفلسطينيةالمحتلة والأخرى غير المحتلة، فحكومة جوبا تريد تكرار حدود 1967م في فلسطين. فالمؤامرة واحدة.