تلفت الشيخ (...) يمنة ويسرة قبل أن يحكي لنا الكثير من المشكلات التي يعانون منها في مدينة طوكر خلال زيارتي لها قبل نحو عام تقريباً، وبدا ذاك الشيخ وكأنه يقتلع الحديث من قلبه ليروي لنا تدهور المدينة في الكثير من خدماتها مما جعل بعض أهلها يهجرونها بحثاً عن الصحة والتعليم وغيرهما من الخدمات الضرورية التي يحتاجون إليها، وقبل يومين فقط كنت أتحدث مع احد أهل تلك الديار على شاطئ البحر الأحمر في مدينة بورتسودان وكانت محدثتي أيضًا من الذين تركوا المدينة في وقت مبكر ولكن رحيل أسرتها من طوكر لم يكن بسبب تدهور خدماتها أو بؤسها وإنما مقتضيات الحياة والعمل جعلت أسرتها تنتقل لمدينة بور تسودان، ولكنها ذكرت لي الهدايا والأموال التي كانت تأتي من طوكر عبر الأهل المقربين لدعم ذويهم في بورتسودان عاصمة الولاية، وقالت لي إن أهل طوكر في سالف الأزمان كانوا يدعمون كل السودان وليس بورتسودان فقط بما يفيض عليهم من المشروع الزراعي الذي سبق الجزيرة وغيره من المشاريع التي ذاع صيتها في ارض النيلين. وان اتجهت الدولة للنهوض بدلتا طوكر ومشروعها فمن المؤكد أن المستفيد الأول سيكون الاقتصاد السوداني خاصة وان تلك الأراضي بها من الخصوبة ما يجعلها تتقبل زراعة أي محصول زراعي، ومن المؤكد أيضًا أن الاهتمام بطوكر ومشروعها سيجعل عجلة الزمان تعود مرة أخرى على الأجيال الجديدة التي لم تجد المدينة بعافيتها التي كانت عليها في السابق، وحتى يتحقق ذلك نرجو أن تتكون لجنة من المركز تحوي خبراء اقتصاد ومهندسين لإعادة الحياة إلى طوكر وجنوبها، وكما تسعى هيئة الموانئ البحرية في إنشاء موانئ على طول الساحل لإحياء تلك المدن التي أكلها الزمان كما حدث في اوسيف نرجو أن تتجه وزارة الزراعة لإحياء المشاريع الزراعية في طوكر وغيرها من المدن التي دفنها الإهمال لتعم الفائدة على أهل تلك المدن وعلى الاقتصاد السوداني الذي يري عددٌ كبير من خبراء الاقتصاد أن استمداد قوته ينبع من الاقتصاد الأخضر والاهتمام به ورعايته. ونرجو أن تعود طوكر إلى سيرتها الأولى حيث كانت معظم مرتبات موظفي السودان تخرج من هناك حيث المشروع وسوق المحاصيل و... و... والكثير من الموارد التي كانت تتمتع بها تلك الديار ولكنها أُهملت بصورة مخيفة وأهلها يرفعون الأكف بعودة مجدها ونحن كذلك.