إهمال مخيف في المستشفى وتردٍ مريع للمدارس..وثائق تاريخية تؤكد أن طوكر القديمة هي الأصلح للسكن الآدمي طوكر: باعو الهميم إيهاب تعتبر مدينة طوكر هي الثانية بعد بورتسودان من حيث تعداد السكان والمساحة، ولها أهمية تاريخية واقتصادية لاتخفى على الجميع، ويكفي فقط أنها كانت ترفد خزينة الدولة بالكثير من الأموال في سنوات خلت من خلال مشروع دلتا طوكر الذي يعاني الآن كثيرًا كما تعاني المدينة، وعلى الرغم من توجيه رئيس الجمهورية لحكومة الولاية في إحدى زياراته للبحر الأحمر بضرورة توفير الخدمات لسكان المدينة الذين فقدوا الأمل في أي تحرك من المركز لإنقاذهم من الأوضاع التي يمرون بها، إلا أن الحال كما هو عليه منذ سنوات (فقر، مرض، تردٍ مخيف للخدمات في المرافق)، وفي صباح يومٍ خريفي غابت عنه شمس بورتسودان توجهنا لطوكر بالرغم من التلميحات والتهديدات التي وصلتنا بعدم الذهاب إلى جنوب الولاية حيث طوكر التي وقفنا فيها على أوضاع المدينة (المنسية) وصلناها قبل الظهر بقليل ففضلنا أن نبدا يومنا بالمستشفى الذي يقع على أطراف المدينة ويعالج الكثير من المناطق منها (قرورة وعقيق) وغيرهما من المدن الكبيرة في البحر الأحمر. ٭ المركز يعلم الإهمال وقبل أن ندلف للمستشفى التقينا إحدى قيادات المنطقة والتي فضلت عدم ذكر اسمها ولكنها قالت إن المركز يعلم ما تعاني منه طوكر وأهلها، وأبدت استيائها الشديد من تجأهل الخرطوم لما يحدث هناك، وأوضحت الإهمال الكبير الذي تمارسه حكومة الولاية على المدينة وقالت إن وزارة الصحة لاتضع طوكر في حساباتها بدليل تخريج خمسين قابلة ل (هيا) ومثلهن ل (سنكات) ولكن مدينتا ليست في حسابات وزارة الصحة. ٭ أما حسن موسى إدريس فيرى أن مشكلات المدينة كثيرة جدًا لخصها في إهمال حكومة الولاية للخدمات جميعها وقال إن من أكبر المشكلات التي تواجه المواطن هو مياه الشرب حيث كنا في السابق نشرب مياه جميلة بصورة مريحة، ولكن الآن أقرب مواطن للصهريج لا يستطيع شرب المياه ناهيك عن الاستخدامات الأخرى، وذكر حسن أن الإشكالية الكبرى تتمثل في الخط الناقل للمياه الذي أصبح ضعيف جدًا دون الاهتمام من هيئة مياه الولاية إلى جانب حاجة الآبار للنظافة، وأشار إلى أنهم سلموا حكومة الولاية خطابات دون استجابة تذكر، وقال إن الحالة أصبحت مزرية جدًا في كل الخدمات، مشيرًا إلى مخطط حكومة الولاية لجعل المواطن يهرب من مدينته القديمة إلى تلك التي أُنشئت على بُعد ثلاثين كيلو، وأطلق عليها طوكرالجديدة وقال إن المدينةالجديدة غير صالحة للسكن ولن يذهب إليها أحد. ٭ طوكرالجديدة لا تصلح للسكن واتفق المهندس هاشم طاهر مع من سبقه في الحديث وقال إن أهم ما في تخطيط المدن هو مصادر المياه وهذا ما ينعدم في المدينةالجديدة فلا توجد فيها مياه، وذكر هاشم أن المستعمر الإنجليزي رفع تقارير في عام (1936م) أكد من خلالها أن أنسب مكان للسكن الآدمي هو طوكر القديمة، وليس هناك أي منطقة أصلح للسكن سوى موقع هذه المدينة، ويصف البعض أن وقوع المدينة في منخفض يشكل خطر على السكان إلا أن المهندس هاشم استدل بوجود هولندا التي تُعرف بالأرض المنخفضة، ومع ذلك لم يرحل أهلها إلى بلجيكا أو غيرها من دول أوربا، وأشار إلى حديث أحد الإنجليز الذين عاشوا في طوكر في تلك الحقبة والذي قال إنه لا يوجد مكان مناسب لأهل طوكر إلا طوكر القديمة مما جعل الخواجة (اللس) ينشئ خط سكة حديد لنقل منتجات طوكر وكذلك نقل الرمال الكثيفة التي تغطي المدينة في بعض المواسم مما يدلل على أهمية هذه المنطقة وصلاحيتها للسكن. ٭ الإسعاف بالإيجار الباهظ أما صدقي هاشم عبد الرزاق فيرى أن مشكلة طوكر تتمثل في إهمال المركز لها وقال المحلية فاقدة لكل الخدمات مشيرًا إلى أن مستشفى طوكر كان في السابق يقدم خدماته العلاجية لأهل (سنكات وسواكن) وغيرهما من مدن الولاية ولكنه الآن يعاني من الإهمال المرير، وأوضح صدقي أن الكثير من المرافق أُنشئت من أموال أهل طوكر الذين يعتبرون من أكبر تجار الولاية وأسهموا بصورة واضحة في بناء الكثير من المرافق منها مرافق في المركز، ولكن مدينتهم الآن تعاني الإهمال الكبير منذ تولي محمد طاهر ايلا مقاليد الحكم في البحر الأحمر، وانتقد صدقي بشدة معتمد طوكر وقال إنه لم يقدم شيئًا لرعيته في المحلية مشيرًا إلى تلف وابور الكهرباء دون إصلاحه وإلى المدارس التي تعاني من الإهمال وصل لدرجة أن التلميذات يدرسن في الفترة الصباحية والتلاميذ في المساء، وأشار إلى شوارع المدينة التي تفتقر للتعبيد في حين ان جميع شوارع بورتسودان تم تعبيدها حتى الأحياء البعيدة، وقال إن طوكر هي المحلية الوحيدة التى تغطي مرتبات الموظفين فيها ولديها فائض متميز عن بقية محليات الولاية، وعلى الرغم من ذلك تواجه الإهمال المخيف والتردي المريع للخدمات، مشيرًا إلى تبرع المواطن حسن موسى بحبال حتى تتم صيانة أسِرَّة المستشفى وإحدى نساء المحلية بمستلزمات أخرى في غياب تام لحكومة المحلية والولاية، وقال لكم أن تتصوروا حال المستشفى وأن كان هناك مريض في حاجة لعربة الإسعاف فلابد له من دفع مبلغ (مائتين وخمسين جنيه) وإن لم تملكها فعليك انتظار قدر الله. ٭ المستشفى لا يعاني من مشكلات أما المدير الإداري بالمستشفى مبروك حسن عبد الله قال: إن إيجار الإسعاف (بمائة وخمسين جنيه فقط) مشيرًا إلى الكلفة العالية للإسبيرات مما جعلهم يضعون عربة الإسعاف في مباني المحلية، وأضاف مبروك ل (الإنتباهة) أنه منذ تكليفه بإدارة المستشفى وضع خطة على مراحل للنهوض بالعمل الصحي في المرفق وكانت البداية بإزالة الأتربة التي توجد بكميات كبيرة داخل أسوار المستشفى، أما البقية فإنها تحتاج لآليات كبيرة لإزالتها، وأوضح أن مستشفى طوكر مصنّف بأنه مستشفى ريفي وبه (أربعين سريرًا) نحاول تأهيله بالصورة الجيدة بالتنسيق مع مجتمع المحلية، وقال إن المشكلة التي تواجههم دومًا هي الوقود لإدارة المولد الذي يستهلك (خمسة) براميل في الشهر إلى جانب مشكلة حوافز العاملين، وحول نقص الكادر الطبي بالمستشفى قال مبروك إن المستشفى كان به عدد من الطبيبات عملن لفترة (خمسة وأربعين) يومًا ثم رأت الوزارة نقلهم لموقع آخر، مشيرًا إلى وجود طبيبين عموميين فقط الآن إلى جانب مشروع الاختصاصي الزائر الذي يأتي شهرياً نافيًا أن تكون هناك مشكلات في المستشفى، وقال إن بالمستشفى معمل جيد وصيدليتين تخدم المرضى القادمين من كل أنحاء المحلية والمناطق التي تجاورها التي قد تصل إلى أكثر من عشرة مناطق. ٭ المسكيت رحمة للمواطن العمدة حسن عبد الله عبد العال لخص مشكلة طوكر في أن الولاية لا تريد مدينة ولذا تهملها ولا توفر لها الخدمات وقال إنه في السابق كان هناك حزام أخضر يمثل مصدات رياح، ولكن هذا الحزام قُسم الآن إلى مشروعات مما يهدد وجود طوكرالمدينة، وقال حسن إن أهالي المنطقة لديهم طموح كبير جدًا في أن تصبح مدينتهم غابة اقتصادية والقضاء على المسكيت، ولكن ما يحدث الآن في طوكر سيجعلها تزول باعتبار أنه لا يوجد جسر واقي من الرمال مشيرًا إلى تحدثه مع وزير الزراعة، وقال له ارفعوا الجسر لحماية المدينة فكان رد الوزير إن الجسر يتبع للمحلية التي لا تمتلك الآليات وحتى الآن لايعلم المواطن إلى من يتبع عمل الجسر؟ وأضاف: حتى المشروع لا نعلم لمن يتبع هل هو للمركز أم لحكومة الولاية؟ وأشار حسن إلى أن المسكيت رغم أضراره الكبيرة إلا أنه أصبح مصدر الرزق الوحيد للمواطن الفقير حيث تخرج يوميًا من طوكر شاحنات كبيرة بها (خمسة آلاف جوال) من الفحم مما يدر أموالاً كثيرة على مؤسسات الدولة التي تتحصل رسوم عليه مطالبًا بضرورة الاهتمام بالمشروع الزراعي حتى يدر أموالاً على خزينة الدولة ويرفع من مستوى معيشة المواطن. ٭ الوالي (لا يمكن الوصول إليه) فشلت جميع محاولات (الإنتباهة) في الوصول إلى والي البحر الأحمر محمد طاهر ايلا، فهاتفه الجوال الذي بطرفنا مغلق فاتصلنا بسكرتيرته (نازك) فأجابتنا بأن الوالي ذهب صباح الخميس إلى (جبيت) ولن يحضر إلى بورتسودان إلى يوم الأحد، إلا أن عيون (الإنتباهة) رصدت الوالي مساء الخميس وهو داخل إستاد بورتسودان لمشاهدة الحفل الذي أحيته حنان بلوبلو وأخريات.