الجدل المثار مؤخراً حول تململ قيادات وقواعد الحزب الاتحادي الأصل من المشاركة في الحكومة طرحت العديد من التساؤلات حول أسباب هذا التذبذب، مولانا حسن سبيب أرجعها «عضو هيئة القيادة بالحزب الإتحادي «الأصل» إلى التهميش الذي وجدوه من المؤتمر الوطني وضعف الوزارات التي منحوهم إياها ووصفها بغير المتكافئة، وتحدث خلال حواره مع صحيفة «الإنتباهة» عن سلبيات المشاركة التي دعتهم إلى رفضها والانزواء عن مسرحها، كما تناول في منحى آخر متطلبات المرحلة القادمة لجمع فصائل الحزب الاتحادي والتي أصابتها المشاركة بسهم قاتل، كما أشار إلى أن اتفاقية نيفاشا هي التي جعلت حكومة الجنوب تستفرد بالمؤتمر الوطني تخدعه لتمرير أجندتها وأجندة من تواليه، أيضاً تطرق إلى الخلافات داخل الأحزاب وتأييده لضرورة التغيير داخلها وإعطاء الجيل الجديد فرصة للمشاركة في السياسة واتخاذ القرارات، ومن جهة أخرى استنكر موقف الحكومة قرار تراجعها عن موقفها بضرورة معاملة الجنوب بالمثل، وأضاف أن هذه المرحلة العصيبة من تاريخ البلاد نحن أحوج ما نكون فيها إلى الوحدة فى زمن الظلم والاستبداد والتأمر الدولي والإفريقي والعديد من القضايا المحورية فإلى مضابط الحوار.. ما هو تقييمك للمشاركة في الحكومة خاصة بعد التململ الذي أصاب قواعد الحزب منها الآن؟ أولاً هذه الشراكة غير متكافئة في الأصل لأن قصة «حكومة القاعدة العريضة» كانت شعار المؤتمر الوطني لأنه الآن ليس كما رُفع من شعارات بل حكومة المؤتمر الوطني وأحزاب التوالي التي هي في الأصل تكاد تكون جزءًا منه، والجديد فيها مشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل لأنه لم تكن هناك قوة سياسية غيره معارضة من بقية الأحزاب وكلها تكاد تكون جزءًا من المؤتمر الوطني، وعندما تم إعلان مشاركته في الحكومة التي واجهتها معارضة قوية جداً ومازالت حتى الآن، وما حدث إن المؤتمر الوطني كأنما خاض الانتخابات وفاز فيها وبدأ ينفذ في برنامجه الانتخابي، ومن ثم الأحزاب التي شاركت فيما يُسمى بحكومة القاعدة العريضة والتي هي الآن تُنفِّذ في برنامج المؤتمر الوطني وليس برنامجها الذي دخلت به الانتخابات لذلك المشاركة هنا غير متكافئة.. «مقاطعة» ولكن المؤتمر الوطني الآن حسم مسألة المخاوف من انسحاب الحزب الاتحادي من المشاركة؟ حتى الآن الفرصة متوفرة للانسحاب من المشاركة، وهذه المشاركة التي يتحدثون عنها كانت قد تكونت لجنة لها سابقاً وكنت من أعضاء هذه اللجنة للتفاوض حولها واشترطنا منذ البداية أن تكون المشاركة مبنية على برنامج نقدمه وقد حدث فقدمنا ثلاث ورقات الأولى حول الدستور والأخرى حول الاقتصاد والأخيرة حول قضية دارفور، وقلنا إنه إذا تم الاتفاق على هذا البرنامج «يمكن» أن نبحث أمر المشاركة في السلطة، وبعد عدة جلسات اختلفنا حول ورقة الدستور في «25» مادة معهم، وبالنسبة للورقة الاقتصادية تم الاعتراف بعلو مستواها وقاموا بتبنيها، أما ورقة قضية دارفور فحدثت فيها خلافات بسيطة ومن بعد ذلك تكونت لجنة صغيرة لحل الخلاف حول مواد الدستور المختلف عليها وكذلك لجنة أخرى لحسم الخلاف في قضية دارفور وتم الاتفاق حول أكثر من 20% من نقاط الخلاف، وبعد ذلك أتت خطوة كيفية المشاركة والصيغة لها، فاشترطنا عليهم أن لا تكون هذه المشاركة هامشية وأن تكون شاملة وندّية وقدمنا طلبنا بإعطائنا وزارة الخارجية والعدل والصناعة والزراعة وأن تكون المشاركة في الولايات بتعيين ولاة ومعتمدين وكذلك المشاركة في جهاز الأمن وبعض السفارات التي حددناها وأيضاً المشاركة بترشيح مديري الجامعات وملأتهم الدهشة لطلباتنا هذه وأتونا بعد ذلك بالوزارات المعروفة والتي منها وزارة الإعلام والتي الآن فقدت مضمونها بعد فصل الاتصالات عنها ورفضناها، وقدموا لنا وزارة التجارة، وأين هي الآن التجارة؟ وعند اجتماعنا رفضنا هذا العرض ورفعنا تقريرنا لمولانا برؤية اللجنة النهائية بعدم قبول هذه المشاركة.. إذن ما الذي استجدّ وكانت نتيجته هذه المشاركة؟ ما استجد أنه بعد تقديم اللجنة لرأيها اجتمعت الهيئة القيادية والتي اقترحوا فيها هذا الأمر ومع الأسف الشديد أن هناك من تراجع من كافة الفصائل المنتمية للحزب فأبناء دارفور قالوا إنهم يريدون خدمة جماهيرهم ولا بد من المشاركة وكذلك البقية، ولم يتراجع ممن وقعوا على رفض المشاركة سوى أحمد سعد عمر وعثمان عمر الشريف فقط والذين الآن هم بالحكومة، والمشاركة مع الأسف الشديد ألقت بظلال سالبة حول أن الحزب الاتحادي الديمقراطي بتاريخه الحافل والذي كان لا يستطيع أي حزب من الأحزاب العريقة ومنذ استقلال السودان أن ينال ثقة الجماهير في العاصمة بل كان قادة السياسة والأحزاب يترشحون في الولايات، والآن ما يحدث أن الاتحاديين وقبل أن يتم تكوين القاعدة العريضة كونوا حكومة ولاية الخرطوم قبل المشاركة ولم يتم أخذ رأي قواعد الحزب بالولايات، ورغم أن قواعده كبيرة في ولاية الخرطوم لم يتم إعطاؤه محلية واحدة في الخرطوم!! فبأي شيء يريد من شارك في الحكومة أن يخدم المواطنين؟ فالحكومة لم تعطهم أي وزارة خدمية لتقديم العون للجماهير، وحتى الآن أنا أتحدى أياً من يقول إن وزراء الاتحاديين لهم وجود في الساحة الخدمية والاجتماعية إذن أين هذه المشاركة؟ كيف تقرأ موجة الاستقالات من الحكومة والتي اعترت قيادات الحزب بعد أن اتضح لهم أن مشاركتهم هامشية وأنها كانت كترضية لكم؟ «رد بحدة»: نحن منذ البداية وضّحنا نقاط الضعف وسلبيات المشاركة، والآن هم اكتشفوا هذا بعد فوات الأوان وبعد تهميشهم الواضح، أيضاً هؤلاء قبلوا هذه الشراكة بسبب أن السودان مستهدَف وأنه معرّض لهجمة خطيرة ولذلك كان التنازل للتوافق وتشكيل حكومة قومية انتقالية ولا يعني هذا التراجع عن برنامجه ولكن هذه القضايا المصيرية الكبيرة التي يتعرض لها السودان يجب أن تجمع كل القوى السياسية دفاعاً عن أرضه .. هل تعتقد أن هذه التحديات التي تواجه الحكومة ستؤثر على استمرارية مشاركة الحزب معها؟ الكارثة في تقديري بدأت منذ اتفاقية نيفاشا والتي كان من الممكن أن يتلافاها المؤتمر الوطني والتي اتضح أنها كانت وبال على البلد ووُقِّعت على عجل، وعند تطبيقها اتضح الخلل الكبير والإشكال بين الطرفين باختلافهم حول العديد من النقاط الأساسية إلى أن حدث الانفصال، وكانت فرصة للجنوبيين بالانفراد بالمؤتمر الوطني وتنفيذ أجندتهم التي كانوا يخفونها تحت المناضد والتي كانوا يدخلون بها قاعات التفاوض وهذا يثبت عدم أمانتهم ، فهم قد احتالوا على التجمع الوطني الديمقراطي عندما اشترك معهم في المعارضة وذهبوا لتوقيع اتفاقية نيفاشا وانسلخوا عنه وهذا مافعلوه الآن للمؤتمر الوطني لأنه تعامل معهم بصدق وشفافية ولكنهم كانوا يسعون وراء أجندتهم.. والأن موقف الشعب السوداني تجاه الهجوم على هجليج والذي وضّح للحكومة ضرورة تغيير تعاملها مع الناس وسياساتها، والانتصار في هجليج كان نتيجة لوقفة الشعب السوداني تجاه الظلم والعدوان وليس انتصاراً للحكومة وهذا هو المطلوب الآن ولن يتم توحيد الشعب السوداني إلا بتكوين حكومة قومية تجمع كل القوى السياسية وليس مشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي والتوافق على برنامج لمواجهة العدوان الخارجي والتآمر الإفريقي مع دولة الجنوب.. يرى بعض المراقبين أن تذبذب موقف الحزب تجاه استمرارية المشاركة وأنه إذا اشتد ساعد الرافضين لها فإن الميرغني لن يغامر بتفتيت حزبه وسيرضخ للضغط ويفض هذه الشراكة؟ الآن هناك مجموعة كبيرة من القيادات الاتحادية الأصل قدمت مذكرة لقيام المؤتمر العام ووضع مقترحات لرئيس الحزب وتضمنت ضرورة الانسحاب من هذه المشاركة، وأكدنا فيها إجماع الناس على قيادة السيد محمد عثمان الميرغني للحزب، وأعتقد أنه لإنجاح وتقوية موقف الساحة الاتحادية على الحزب أن يسعى لقيام مؤتمره العام والقيادات الموجودة الآن ومنذ وفاة الزعيم الأزهري كانت تأتي بالتراضي عن طريق انتخابات ديمقراطية.. «مقاطعة» وماهي المعوقات التي تواجه قيام المؤتمر العام؟ أهم الأسباب التي أدت إلى تأخر قيامه وهو ما جعل القواعد تتململ هو هذه المشاركة، فمن يستطيع الذهاب لهذه القواعد ويطلب منهم الحضور والمشاركة في قيام المؤتمر العام والحزب شارك في الحكومة؟ فهذه المشاركة لم يكن لها أي معنى غير أنها أضرت بالقواعد والناس كانت تسعى للمّ شمل الفصائل الاتحادية والتي أصبحت فيها صعوبة الآن.. بعد الشراكة قمت بالانسحاب وغادرت المسرح السياسي.. أما زلت على موقفك أم حدثت وساطة لإثنائك عن موقفك؟ ما زلت على موقفي برفض هذه المشاركة، وأنا أدرى بها لمشاركتي في مفاوضاتها ولم تحدث أي وساطة أو افتح مثل هذا الباب وهذه المشاركة وُلدت وميتة وستنتهي ميتة.. قبل فترة دارت ثورة سميناها ربيع المذكرات داخل الأحزاب.. أتعتقد أنها بداية لحدوث تغيير ديمقراطي داخل هذه الأحزاب التقليدية؟ لابد للأحزاب التقليدية الآن أن تعي أنها في زمن غير الذي نشأت فيه تماماً سواء من الناحية الاجتماعية أو السياسية، فالآن القيادات هذه بدأت تشيخ وتنقرض وأعتقد بصورة شخصية أن على هذه الأحزاب أن تواكب ما يدور في الداخل والعالم الخارجي وأن تكون نظرتها للأوضاع غير النظرة القديمة لأن الجيل الآن واعٍ جداً ومثقف بجميع المستويات والذي كان مفقوداً سابقاً ويجب إفساح المجال لهذا الشباب لمواكبة ما يدور في العالم من مستجدات، لأن كل سياسيي العالم هم من الجيل الجديد وآن للسودان أن ينتهج هذا النهج حتى يجد الشباب الصدارة في هذه الأحزاب.. هل يمكن الوصول إلى توافق وطني في ظل الاستقطاب السياسي الحاد والخلافات التي تضرب الأحزاب؟ بالطبع صراعات الأحزاب الداخلية لها بالغ التأثير على المسار العام، وبانتهائها يمكن أن تتمكّن هذه الأحزاب من أن تطرح طرحًا جماعيًا، ولكن الأهم أن هذه الأحزاب باختلافاتها يجب أن تعي أن هذا السودان قد يكون أو لا يكون وأنه بعد انفصال الجنوب أصبح من المهم لهذه القوى السياسية أن تجلس وتتوافق على ميثاق يدير قضية السودان برمتها ويجب ألاّ تكون النظرة سلبية وضيقة بل يجب أن نفكر بنظرة أوسع لأنها تتشابك فيها جميع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية يجب الانتباه لها بتقديم كل حزب رؤيته لحل هذه القضايا والوصول لخطة لحماية السودان وليس السعي لحل القضايا الحزبية.. كيف تقرأ تبعات الهجوم على هجليج وقرار مجلس الأمن ودعوته لاستئناف التفاوض مع دولة الجنوب من جديد؟ في تقديري كان يجب ألا تتراجع الحكومة عن قرارها ومعاملة الحركة بالمثل، لأنها قد خاضت تجربة مع هؤلاء الناس من خلال الاتفاقيات التي أُبرمت وحتى الاتفاق الأخير الذي بدأوا فيه كانوا يشنون حينها الهجوم على هجليج لذلك لا ضمان لهم ومجلس الأمن وكل الدول الغربية لا تشفق على السودان أو توده بل تسعى خلف مصلحتها وكل من يدخل في هذه القضية له مآربه فيها!!