يبدو أنّ وزراء الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل يريدون أن يكونوا الصوت الأعلى من بين الأحزاب التى تشارك المؤتمر الوطني فى حكومة القاعدة العريضة. وكان يمكن للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل أن يتميَّز ويزهو بأنَّه الحزب الأكبر حظاً وحصَّة فى الحكومة لولا أن الحزب الاتحادي الديمقراطي برئاسة الدقير قد حرم الأصل من هذه المزية بل إننى أرى أنه ، أي جناح الدقير ، قد كان الأكثر حظاً ، لا حصّة بالطبع ، والمستفيد الأكبر مما حدث من الاتحادي الديمقراطي بالمشاركة ومما حدث فيه من انقسام أو انسلاخ حتى لا يعتب علينا أهل الأصل أو يغضبوا منَّا. فالاتحادي ، الدقير ، انتظر مجاهدات ومكابدات ومفاوضات الأصل حتى إذا ما انتهى كل ذلك بالاتفاق مع المؤتمر الوطني على الحصة طالب ، فيما يبدو ، الدقير بمساواته بالأصل فكسب منصب مساعد للرئيس وهو ما لم يكن متاحاً له من قبل بل إن ذلك قد أتاح له (ترقية) أمينه العام ليفسح له ذلك المجال لإدخال أحد مغتربي أو مهاجري الأصل الأخ الصديق الأستاذ حسن عبدالقادر هلال الوزارة. وزاد الدقير من الغلَّة والحصة بنصيب من المشاركة الولائية فدخل فى حكومات ولايات لم يكن له فيها من ذكر ولا وجود وبررت الجهات الحكومية ذلك ، صراحة ، بمن انضموا للدقير بعد هجرتهم من الأصل. إذن ضاعت على الاتحادي الديمقراطي الأصل فرصة أن يكون الحزب المشارك الأكبر فأراد وزيران من وزرائه أن يكون حزبهم الحزب الأعلى صوتاً وذلك بتصريحاتهم التى نقلتها وسائل الإعلام وتباينت وتفاوتت بين التقارب والتباعد والترغيب والترهيب ودونكم تصريحات كل من السيدين أحمد سعد عمر و عثمان علي الشريف. وتصريحات الأخ الأستاذ عثمان عمر الشريف كانت حادة ولم تتوقف حدتها أو تنحصر فيما كان منه فى كرنفال تدشين المشاركة بل زاد من شدة عيارها وحدة مسارها ما اختارته الصحف عنواناً رئيسياً لها وفيه تهديد الحزب بالانسحاب من الحكومة حال عدم التزام المؤتمر الوطنى بالاتفاق. والتهديد بالانسحاب لا يليق بحزب كبير وعريق وخبير بدهاليز الائتلاف والمشاركة خاصة وهذه المشاركة تأتي، هذه المرَّة ، فى ظروف دقيقة وحرجة يعلمها الحزب ويقدرها وأعلن بأنه مشارك من أجلها لا من أجل المشاركة فقط. لكن التهديد بالانسحاب يبقى وارداً وحاضراً ولكن ذلك الحضور يبقى مشروطاً بظرفين زمانيين أولهما أن يكون ذلك على طاولة التفاوض المؤدي للمشاركة وهنا يكون تبنيها احترازياً دافعه الحرص على نجاح العمل المشترك وهو يكون موَّجهاً للشريكين فرادى ومشتركين والثاني يكون عند حدوث ما يستدعي من خلال الممارسة وظهور خرق أو نكوص أو تراجع ، كامل أو جزئي ، عما اتفق عليه. وإذ ما راجع الأخ الأستاذ الوزير عثمان عمر الشريف ما جاء فى الأنباء منسوباً إليه من (أنهم) سيغادرون الشراكة إذا لم ينفذ المؤتمر الوطني أياً من بنود الاتفاق لوجد أن هذا الذى قاله لا يتناسب مع أجواء التفاؤل والتفاهم ورضا الطرفين الشريكين المفترض أن يبدءا به رحلة الشراكة كذلك لو راجع ما قاله من أنَّ الاتحادي الديمقراطي الأصل وتاريخه لا يسمح له بمحادثة الوطني لولا مصلحة الوطن وقوله بأنَّ الوطني قبل الحوار مع الجميع ( وإلاَّ لم نكن نجلس معه) لو راجع الأخ الأستاذ الوزير عثمان عمر الشريف كلامه هذا لوجد أنه وزير فى الحكومة وسيحسب كلامه كله بهذا المعيار وأنَّ حزبه يجب أن تكون له آليته التنظيمية والإعلامية التى تعبّر عن مواقفه عبر مؤسسته الحزبية لا أفراده ووزرائه ثم أنَّ الوثيقة التى يتحدث عنها الأخ الأستاذ الوزير عثمان ، والتى لم تتح للإطلاع عليها ، يجب أن تكون هى المرجعية ويجب أن تكون قد حددت آلية لمتابعة التنفيذ.