تحدَّثنا في أعدادنا السابقة حول العديد من الإشكالات التي تخص الجهاز البولي أو مرض الفشل الكلوي مثل أسباب الفشل الكلوي وطرق علاجه والحصاوى والتهابات البول وغيرها من أمراض الجهاز البولي وكانت فحوى تلك الحوارات هو الاهتمام بالمتابعة واتقاء المضاعفات التي تُحدث في نهاية الأمر الفشل الكلوي، خاصة أن الحوار الذي تحدَّثنا فيه عن الفشل الكلوي أكد أن الحل الجذري هو الزراعة ورغم أن الزراعة تتطلب متابعة دقيقة ومستمرة إلا أنها أفضل بكثير من الاستمرار في الحل الآخر وهو الغسيل، حيث إنه يعتبر مجرد كبري للتمرحل لمرحلة الحل الأخير وهو الزراعة، وتعتبر تكلفة الزراعة أقل بكثير من التكلفة السنوية للغسيل، فرغم أن عملية الغسيل مجانية إلا أنها تتطلب تبعات علاجية من أدوية مصاحبة وترحيل وغيره وأيضًا مسألة الغسيل هي مكلفة ماديًا للدولة؛ لأنها تحدث عطالة لشخصين لمدة يومين في كل أسبوع وكذلك الكلية المزروعة عمرها أطول بكثير من العمر الافتراضي للغسيل والذي يقدر ب (خمس سنوات للغسيل مقابل خمسة وعشرين سنة للكلية المزروعة) ولكن هذا الحل يتعلق به بعض الأمر ويجب على مرضى الكلى أن يفهموها.. حول ما بعد زراعة الكلى تحدَّث ل (الإنتباهة) د. هشام حسن عبد الوهاب استشاري أمراض وزراعة الكلى. حوار: رباب حسن ٭٭ ما هو أهم مؤشر لنجاح عملية زراعة الكلية؟ أهم مؤشر لنجاح عملية الكلية المزروعة هو إخراج البول بعد عملية الزراعة مباشرة أو خلال ال «24» ساعة الأولى وبكميات كبيرة، بعض المرضى يخرجون البول في غرفة العمليات أو بعد الزراعة مباشرة وعدد قليل من المرضى يتأخرون. ٭٭ ما هو سبب التأخير؟ يحدث التأخير في عمل الكلية المزروعة لعدة أسباب منها حدوث الموت المؤقت لخلايا الكلية أو أن الدم الواصل للكلية بنسبة بسيطة. ٭٭ كم تبلغ المدة التي تحتاج إليها الكلية المزروعة إذا تأخرت في العمل؟ تحتاج إلى خمسة أيام وإذا لم تعمل خلال خمسة أيام بمعنى أن كمية البول النازلة من الكلية قليلة أو لا توجد في هذه الحالة تبدأ الشكوك حول احتمال وجود لفظ للكلية. ٭٭ ماذا تعني بلفظ الكلية؟ يعني أن الجسم يرفض الجسم الجديد «الكلية»، واللفظ له نوعان لفظ خلوي ولفظ بواسطة تكوين مضادات للكلية المزروعة. ٭٭ كيف يمكن التأكد من عدم لفظ الكلية؟ بأخذ عينة من الكلية المزروعة. ٭٭ وماذا يحدث إن كان هنالك لفظ؟ يُعطى المريض نوعين من الأدوية، الأول دواء عام يعطى لكل أنواع اللفظ كعلاج أولي، ثم يعطى العلاج الثاني على حسب نوع اللفظ. ٭٭ هل من علاجات أخرى؟ لا، ولكن في حالة عدم الاستجابة للعقارين لعلاج اللفظ يمكن اللجوء لأدوية أقوى لتقليل الأثر المناعي. ٭٭ يُعطى الزارع أدوية مناعية ما هي؟ الأدوية التي تثبط المناعة هي ثلاثة، الأولى من الكورتيزون، والثانية من سيكلوسفورين وتعرف عند مرضى الكلى بالزيت، والثالثة سلستيت أو الامبوران. ٭٭ متى يبدأ الزارع في أخذ تلك العقاقير؟ قبل الزراعة بيومين وتستمر مدى العمر طالما أن الكلية المزروعة تعمل بكفاءة. ٭٭ هل هنالك نوع من الأدوية السابقة يمكن تقليلها على حسب عمل الجسم الجديد (الكلية)؟ (سيكلوسفورين) وهي الأدوية المعروفة عند المرضى بالزيت تحتاج لقياس الدم بصورة مستمرة وذلك لحاجة الجسم لها وعلى أساس القياس يحدد مقدار الجرعة. ٭٭ ما السبب؟ هذه الأدوية إذا ما اُستُخدمت وكانت بنسبة عالية وبصورة مستمرة تؤدي إلى تلف الكلية المزروعة في فترة تتراوح بين سبع إلى عشر سنوات. ٭٭ إذًا كم يبلغ العمر الافتراضي للكلية المزروعة؟ العمر الافتراضي للكلية المزروعة قد يصل إلى «25» عامًا ويعتمد على تقارب الأنسجة «التطابق» وعلى عدم حدوث أي لفظ للكلية من تاريخ زراعتها. ٭٭ هل يلزم المريض المتابعة؟ يجب أن تكون المتابعة بصورة لصيقة ففي الشهر الأول تكون في الأسبوع ثلاث مرات، وفي الشهر الثاني تكون مرتين في الأسبوع، والشهر الثالث مرة واحدة في الأسبوع ثم بعد ذلك مرة واحدة شهرياً حتى نهاية السنة الأولى. ٭٭ هل يُعطى المريض أدوية وقائية؟ يُعطى المريض أدوية وقائية تمنع الإصابات البكتيرية والفيروسية الانتهازية. ٭٭ وماذا إذا حدثت الإصابة بها؟ إذا حدثت الإصابة بالتهاب فيروسي كفيروس «السي ام بي» يعطى الدواء المناسب حتى لا يؤثر الفيروس على الكلية المزروعة، أما الإصابة بالالتهابات البكتيرية المختلفة فتعطى المضادات المناسبة. ٭٭ هل الإصابة بالأمراض تعطل الكلية المزروعة؟ الإصابة بالأمراض لا تعطل الكلية المزروعة وإنما تتعطل الكلية نتيجة للهبوط العام في الدورة الدموية ومن ثم القصور العام في أجهزة الجسم. ٭٭ تتعطل الكلية المزروعة بعد عملها لدى بعض المرضى ما السبب؟ في بعض الأحيان القليلة جداً تتعطل الكلية المزروعة نتيجة انسداد في الشريان المغذي للكلية المزروعة أو حدوث نزف أو حدوث بعض المضاعفات كتسريب الحالب، وكل تلك المضاعفات يمكن تداركها إذا ما تم التدخل بصورة عاجلة. ٭٭ في حال فشل عملية الزراعة هل يمكن للمريض الزراعة مرة أخرى؟ يمكن للمريض أن يزرع مرة أخرى إذا عُرفت أسباب لفظ الكلية الأولى، وإذا كان اللفظ مناعيًا يُعطى مثبطات للمناعة بالإضافة للأدوية الثلاثة المذكورة سابقاً. ٭٭ هل يمكن الزراعة من الكبير للصغير والعكس؟ أهم شيء في الزراعة أن لا يتعرَّض المتبرِّع لخطورة أي لا يتضرَّر لذا يفضل أخذ الكلية من الكبير أكثر من الصغير طالما أن الكبير سليم صحياً. ٭٭ ما سبب زيادة الوزن للزارع؟ الكورتيزون هو العقار الذي يؤدي إلى زيادة وزن الزارع ومن أعراضه الجانبية أيضاً يجعل المريض أو الزارع عرضة للإصابة بالسكري والضغط إذا لم تخفض نسبته بعد الأشهر الثلاثة الأولى. ٭٭ هل تؤثر زراعة الكلى في الإنجاب؟ لا تؤثر في الإنجاب بدليل أن هنالك اثنين من النساء الزارعات أنجبن، ولكن يتم فقط تحويل المريض لعقار (اميوران) بدلاً من عقار (سلستين)؛ وذلك لأن الأخير قد يُحدث تشوهًا للجنين. ٭٭ هل من إرشاد أخير؟ أهم شيء على المريض الزارع أن يفهم أن هذه الأدوية يجب أن يستمر فيها على الدوام؛ لأن التوقف عنها يؤدي إلى لفظ الكلية المزروعة، وعلى مرضى الفشل الكلوي إدراك أن الاستمرار في الغسيل أسوأ بكثير من الزراعة، فالعمر الافتراضي للاستمرار في الغسيل هو خمس سنوات في أفضل الأحوال بالمقارنة لخمس وعشرين سنة لاستمرار الكلية المزروعة، كما أن تكلفة الغسيل على المريض رغم أنه مجاني بما تتطلبه من أدوية مصاحبة وترحيل وإيقاف عن العمل له وللمرافق له قدرت بحوالى سبعين مليونًا، كما أنه من الناحية الاقتصادية أيضاً للدولة الأفضل لها أن يزرع كل مريض فتكلفة الزراعة بعد السنة الأولى أقل بكثير من تكلفة الغسيل، ف (44) مليار جنيه تصرف سنويًا على الغسيل على (2800) مريض، وعلى مريض الفشل أن يفهم أن الغسيل الدموي هو مجرد «كبري» يؤهل للزراعة.