بعد انتهاء ضحك المواطنين الذي استمر لفترة من الزمن قالوا لي هذه القرية لم تشهد زيارة مسؤول صغير من الدولة أو حتى كبير، وقالوا لي الغريب أن أحد المسؤولين في الولاية يمتلك (جنينة) كبيرة على بعد أمتار من سوق قريتنا هذه، ولكنه لم يكلِّف نفسه بزيارتنا «يوم واحد» مع العلم أنه يزور أملاكه التي تمتد على حدود نهر الدندر، ويعتبر سوق أم بقرة من أضخم الأسواق التي تقام يوم الأحد ويدر أموالاً كثيرة على المحلية في هذا اليوم، ولكن المواطنين في القرية يعانون من تردي أوضاعهم الصحية والخدمية، وبعضهم يسأل أين تذهب أموالهم هذه وهم يحتاجون لقطرات المياه؟ ولماذا لا تهتم المحلية بتوفير مياه الشرب لهم عبر الآبار الموجودة في القرية؟ ولماذا لا توفر حكومة الولاية لهم مركزًا صحيًا يعالجون فيه أبناءهم؟ والكثير من الأسئلة طرحها أهل أم بقرة وتحتاج لإجابات شافية من المسؤولين في الدندر خاصة، وفي سنار على وجه العموم. وبالقرب من أم بقرة يعيش أهل قرية العزازة أوضاعًا مشابهة لأهل أم بقرة، والغريب في الأمر أن نفس المسؤول الذي يمتلك جنينة كبيرة في أم بقرة له مزرعة أيضًا على بعد أمتار من العزازة، التي يملأ إنتاجها هذه الأيام سوق العزازة ولها بصل ضخم أنتجته المزرعة الخصبة أراضيها والتي تجري فيها المياه دون توقف، وظرفاء العزازة أطلقوا اسم على هذا النوع من البصل وهو (بصل...) على نسق (باصات....) في الخرطوم. إن الكثير من قرى سنار مهملة وتحتاج للعمل الجاد من قِبل حكومة الولاية التي تسعي جادة لجذب المستثمرين لأراضيها ولكن قبل هذا الاستثمار على حكومة الولاية البحث عن توفير الخدمات لرعاياها، فلا يُعقل أن يبحث مواطنو سنجة عاصمة الولاية عن المياه كما يبحث عنها أهل القرى، ولا يُعقل أن تكون إمكانات التربال (الثري) أكبر من إمكانات حكومة ولاية، ولا يُعقل أن توفر المياه لمزارع وجناين المسؤول الكبير والمواطن البسيط يبحث عن قطرات المياه في قرى هي التي تنتج الزرع وتصدِّر الضرع للكثير من المدن المحلية والخارجية، فهل يجد المواطن البسيط ضالته في توفر الخدمات أم يظل الحال كما هو عليه إلى حين إشعار آخر؟.