بات ارتفاع معدلات الفقر في السودان يشكل تهديدًا واضحًا على الأوضاع بالبلاد خاصة بعد أن أظهرت الإحصاءات الأخيرة ارتفاع معدلات الفقر إلى 5ر46% من جملة السكان، وذلك استنادًا لتحليل الفقر على المسح القاعدي لبيانات الأسر الذي تم إجراؤه في العام 2009 موضحًا ارتفاع معدلات الفقر بين الأسر العاملة في مجال الزراعة والثروة الحيوانية بنسبة 59% وتعتبر من القطاعات الإنتاجية.. وأكد وزير المالية على محمود أمام البرلمان أن أهم التحديات التي تواجه إستراتيجية النمو الجديدة في البلاد ضعف أداء القطاع الزراعي والمحافظة على استقرار الاقتصاد الكلي بعد فقدان إيرادات النفط بالإضافة لارتفاع أسعار الغذاء وزيادة التضخم وتمكين القطاع الخاص لقيادة النمو الاقتصادي بالبلاد.. بيد أن السودان يعتبر من الدول التي تمتاز بإمكانات وموارد تؤهله أن يكون من الدول الكبرى في مجال الإنتاج الزراعي ففي السابق كان يعول عليه في توفير الأمن الغذائي للدول العربية بشكل كبير إلا أن السياسات التي اتبعتها الدولة أسهمت في تدهور القطاع بصورة كبيرة أدت لضعف الانتاجية وارتفاع معدلات الفقر نتيجة احجام المنتجين عن حرفة الزراعة والتوجه لمهن أخرى، إضافة لارتفاع معدلات الهجرة من القرى للمدن الكبرى والعمل في أعمال هامشية خاصة شريحة الشباب بجانب النزاعات طويلة الأمد وانحياز سياسات التنمية للمناطق الحضرية والديون والعقوبات الاقتصادية. ورغمًا عن الجهود الحكومية المتواصلة لمحاربة مشكلة الفقر التي يعاني منها ملايين السودانيين عبر كثير من برامج التنمية التي ما يزال بعضها في طور التشكل، ما زالت ظاهرة الفقر بازدياد حتى باتت المشكلة تؤرق المجتمع السوداني بأسره وحسب الدراسات فإن نسبة 46.5% من مواطني السودان يعيشون تحت خط الفقر بما يعادل نحو 14.4 مليون مواطن وأشارت إلى أن نحو «13» مليون مواطن يعانون من الحرمان الغذائي وأن نحو «75%» من سكان الريف من الفقراء، فهذه الإحصاءات أصبحت تشكل تهديدًا كبيرًا على المجتمع السوداني مما يلزم الدولة بوضع الخطط والبرامج لتدارك مشكلة الفقر بوضع البرامج للمساهمة في تخفيف حدة الفقر ففي الوقت الذي تعلن فيه الدولة عن نجاح بعض الخطط في السيطرة على زيادة رقعة الفقراء بالبلاد، تأتي النتائج حسب التقديرات غير مطمئنة على الأقل في الوقت الراهن، حيث يرى أحد الخبراء فضل حجب اسمه أن السودان يمر بأوضاع صعبة خاصة الاقتصادية بعد خروج البترول والذي تسبب في عجز مالي قدره 2.4 مليار دولار وهبوط الصادرات بنسبة 83% إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم إلى 28.6 % في إبريل الماضي في ظل العديد من التحديات من بينها ارتفاع البطالة وضعف الجنيه السوداني والعقوبات التجارية الأمريكية إضافة إلى النزاع النفطي وشكك في الأرقام التي ذكرتها الجهات المختصة بالنسبة لمعدلات الفقر وقطع بعدم صحتها في ظل الأوضاع الاقتصادية للبلاد، وقال الخبير الاقتصادي بروفسير عصام عبد الوهاب إن معدلات الفقر بالبلاد تأتي بأرقام غريبة ليس لها معايير ثابتة مشيرًا إلى أن هنالك بعض الإحصاءات تبنى على الحد الأدنى للدخل القومي في اليوم والذي يقل عن دولار واحد مبينًا أنها تكون في حدود ال«40%»، ويقول عصام إن المعايير التي وضعتها حسب تقديراتي تبنى على الحد الأدنى للفرد في حدود «3» دولار في اليوم وذلك بناءً على ارتفاع تكاليف المعيشة بالبلاد بجانب زيادة الصرف للاستهلاك الأدنى المطلوب حيث ترتفع معدلات الفقر إلى مايزيد عن «96» إلى «98»% بين أفراد الشعب السوداني مبينًا أن المقياس الأخير هو الحد الأدنى للكفاف في السودان خاصة بعد أن تم «اغتيال العملة السودانية» على حد قوله وأصبح الاعتماد على كتلة نقدية أجنبية «الدولار» مناديًا بتغيير مستويات المعيشة تمشيًا مع الدولار.