ما بين السادس من يونيو الماضي والأول من سبتمبر الجاري تستوي الأحداث مع اختلاف المكان وتشابه الاهداف التي انطلقت من معين واحد عنوانه الحركة الشعبية قطاع الشمال من خلال ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق نجحت الحركة في مباغتة حكومة مولانا احمد هارون باعلان الحرب واستهداف الوالي الذي كان في وداع طرف من قيادتها .. فهل تحسبت الحكومة لاحتمال تمرد رئيس الحركة ووالي النيل الازرق مالك عقار اسوة بتمرد نائبه عبد العزيز الحلو في جنوب كردفان؟؟ اول امس اصدر رئيس الجمهورية المرسوم الدستوري رقم «24» القاضي باعلان حالة الطوارئ في ولاية النيل الازرق وبالتالي اعفاء مالك عقار من منصبه، اما التفاصيل فقد اوردها البيان الصادر عن القوات المسلحة وفيه: «بتاريخ الاول من سبتمبر الجاري وفي تمام التاسعة مساءً بدأت قوات الجيش الشعبي بمهاجمة قواتنا في الدمازين في نقاط البوابة الجنوبية، القيادة، المنطقة الصناعية وخارج الدمازين في كل من دندرو وام دَرْفة وأولو وود الماحي» الشواهد تشير الى استقواء عقار بقوات الجيش الشعبي في ولايته والتي تأتمر بامره فهو صاحب الشعار المنسوب اليه إبان الانتخابات «النجمة او الهجمة» وبالفعل استجابت مفوضية الانتخابات وقتها لخيار إعادة فرز الاصوات مجددًا لتخرج النتيجة بفوز عقار كوال للنيل الأزرق ولم يتوانَ عن التهديد بالحرب صراحة لدى مؤازرته لنائبه الحلو الذي رشح نفسه لمنصب الوالي بجنوب كردفان لدى خطابه في لقاء جماهيري بالدلنج انهم سينقلون الحرب للخرطوم حيث القصر الجمهوري في حال عدم نزاهة الانتخابات، وقد صدقت الحركة وعدها جزئيًا بعد فشلها في الاستيلاء على كادوقلي ناهيك عن العاصمة الخرطوم، وفيما يلي ولايته تباينت تصريحات مالك لدرجة التناقض فقد طالب في مايو الماضي بتمديد الفترة الانتقالية لولايتي المشورة الشعبية لعدم اكتمال ترتيباتها ثم عاد ليرفض قرار رئيس الجمهورية القاضي بتعديل قانون المشورة توطئة لتمديد فترتها بحجة ان المؤسسات المسؤولة عنها قد انتهى اجلها بانتهاء الفترة الانتقالية لاتفاقية نيفاشا ويعني مؤسسة رئاسة الجمهورية، اما مجلس الولايات فلا يوجد به عضو للحركة الشعبية، وبالرغم من انه تعهد بعدم العودة للحرب وانه سيقف ضد من يبدأ بإطلاق الرصاص حتى ولو كان من الجيش الشعبي الا ان مالك اغلظ مؤخراً امام جمع من مناصريه في الدمازين في خطابه للحكومة في سياق اصراره على ان يكون التفاوض مع الحكومة عبر اتفاق اديس ابابا الإطاري الذي انسحبت منه الأخيرة وان يتم التفاوض في الخارج ومن خلال وسيط قائلاً: «الكتوف اتلاحقت وكل زول بقصره وجيشه»، واعلن امتناعه عن لقاء الرئيس عمر البشير بوصفه رئيسًا للحركة. هدوء الأحوال في مدينة الدمازين وخارجها كما في حديث الناطق الرسمي للقوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد ل «الانتباهة» يعود للخبرة الممتدة للقوات المسلحة طوال نصف قرن من الزمان، وفي السياق نفسه افصح رئيس مجلس الولايات الفريق «م» آدم حامد للصحيفة امس من جمهورية الصين ان الحكومة تحسبت لتمرد عقار واحتاطت له باعتبار ان الكثير من المؤشرات كانت تصب في هذا الاتجاه، بيد انه اشار انه ما كان للحكومة أن تعلن عن موقفها ذاك قبل ان يبدأ التمرد، ومن جهته اكد معتمد الدمازين السابق وعضو دائرة النيل الأزرق بحزب المؤتمر الوطني د. بدوي محمد منقاش على استتباب الامن في الولاية وان عمليات النزوح التي تمت من الروصيرص والدمازين باتجاه ولاية سنار كانت جزئية وجارٍ تطمين المواطنين ليعودوا الى مناطقهم، وتوقع عودة الاوضاع الى طبيعتها في الولاية في غضون يوم اواثنين بعد تكوين الحكومة المؤقتة وادائها لليمين الدستوري امام الحاكم العسكري الذي عينه رئيس الجمهورية، وعن مناطق وجود الحركة افاد بأنها تتركز في بعض الجيوب في محلية باو والمنطقة حول مدينة الكرمك وهي المناطق التي اعتبرها الصوارمي اهدافًا مباشرة للقوات المسلحة ما لم تستسلم.. إذن ما هي الخطوة التالية لمالك عقار لاسيما في ظل توقعات البعض باحتمال توجهه صوب اثيوبيا اسوة ببعض القبائل بالشرق والتي طالبت بانضمام الشرق لارتريا؟ استبعد د. بدوي ان تتعاون اثيوبيا مع عقار، وتوقع ان يتجه لدولة جنوب السودان للقيام ببعض الأعمال التخريبية من هناك، وهو الأمر الذي اكده الصوارمي مضيفًا أن عقار خطط للأحداث التي وقعت من جوبا التي كثر سفره إليها في الآونة الأخيرة، لذا فهو لايستبعد ان يتلقى عقار الدعم من الجنوب.. عمومًا ما زالت الأحداث في اولها والأيام التالية ستكشف عن خبايا مالك عقار وعن مدى استفادة الحكومة من درس جنوب كردفان.