في البدء أزجي تحية ثناءٍ وتقدير للأستاذين الجليلين: البروفيسور محمد عثمان صالح الأمين العام لهيئة علماء السودان، والبروفيسور محمد الحسن فضل المولى المحاضر بجامعة القرآن الكريم بأم درمان، وقد اشتركا معاً في تأليف كتابٍ أدبي توثيقي مهم للباحثين وطلاب العلم في مجال الأدب السوداني. وعنوان الكتاب «شعراء المعهد العلمي = نماذج وتراجم =». واشتمل الكتاب على نماذج شعرية وتراجم توثيقية لشعراء من المعهد العلمي، هم: الأستاذ أبو القاسم هاشم «شيخ الإسلام»، والأستاذ عبد الله عبد الرحمن الأمين والأستاذ الهادي عثمان العمرابي والأستاذ محمد عبد القادر كرف والأستاذ حسين منصور والأستاذ محمد عبد الوهاب القاضي والأستاذ التجاني يوسف بشير والأستاذ خليل محمد عجب الدور والأستاذ الهادي آدم والأستاذ محمد محمد علي والبروف علي أحمد بابكر والبروف محمد عثمان صالح والأستاذ مهدي محمد سعيد والأستاذ سيف الدين الدسوقي والأستاذ مصطفى طيب الأسماء. وفي الكتاب أسماء كوكبة أخرى، نيرة من شعراء المعهد العلمي، لا يتسع المجال هنا لذكرهم جميعاً. وفيما يلي اخترت نماذج شعرية من الشعراء المبدعين الذين تلقوا العلم بالمعهد العلمي أو تولوا مهام التدريس فيه: ٭ الشاعر أبو القاسم أحمد هاشم: وهذه أبيات من شعره في مدح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: أمحمد ولأنت أكرم مرسلٍ وأحق من بمديحه يتقرب أمحمد ما أنت إلا رحمة وبشارة لك كل خير يُنسب يا ابن العوالي الشم من مضرونا سر الوجود لك الفناء الأرحب بك يستزيد المدح حسناً والثنا بك يزدهي بل يستطاب المشرب يا سيدي يا خاتم الرسل الكرام ومن إليه الملتجى والمهرب المدح فيك وان علت أوزانه حسناً ونمقه الأديب الأنجب لا يبلغ المعشار من أوصافكم أنى له والشأو أعظم أهيب ٭ والشاعر الهادي عثمان العمرابي: هذه أبيات من قصيدته «أنين»: بت استمرئ الصدود وطوراً أجد الهجر متعةً للجنان فلقد يقرب المزار لناءٍ ولقد يبعد المزار لداني إن قرب الحبيب في كل حينٍ منية الصب من قديم الزمان غير أني أرى البعاد أماناً خوف فتك اللحاظ «بالإنسان» إن في الهجر للقديم ذكرى تستفز النفوس في كل آن! ٭ والشاعر خليل محمد عجب الدور: عن الشباب المجتهد الطموح قال الشاعر خليل عجب الدور في قصيدته: «همم الشباب» قائلاً: همم الشباب إلى العلا تتطلع وبهم صروح المجد دوماً ترفع من رام يبني المجد إن المجد لن يستطيع يبنيه: الشباب القنع يبنيه كل مجربٍ ذي جرأةٍ صلب القناة مناضل لا يجزع من لا يدافع عن سلامة أرضه فحياته من بيننا لا تنفع! نحن بنو السودان حراس الحمى لا نستكين لظالمٍ أو نخضع أبطال حربٍ لن يصد هجومنا لغم تفجر ضارماً أو مدفع حرست كتائبنا الثغور ولم تدع شبراً يمر به عدو يطمع! ٭ والشاعر التجاني يوسف بشير: بمشاعر الوفاء والتقدير للمعهد العلمي بأم درمان وما أداه نحو الوطن من دورٍ تربوي وتعليمي عظيم أسهم إسهاماً وطنياً ودينياً وعلمياً في نشر الوعي العام بين المواطنين، قال الشاعر التجاني يوسف بشير في هذا الصدد: السحر فيك وفيك من أسبابه دعة المدل بعبقري شبابه يا معهدي ومحط عهد صبايا من دار تطرق من شبابٍ نابه قسم البقاء إليك في أقداره من شاد مجدك في قديم كتابه وأفاض فيك من الهدى آياته ومن الهوى والسحر ملء نصابه اليوم يدفعني الحنين فأنثني ولهان مضطرباً إلى أعتابه سبق الهوى عيني في مضماره وجرى وأجفل خاطري من بابه ودّعت غض صباي تحت ظلاله ودفنت بيض سني في محرابه! نضّرت فجر سِنِي من أندائه واشترت مك يدي من أعنابه رفع الشباب إليك من أقلامه عمداً مركزةً على آدابه وتسابقوا للمجد فيك وكلنا علق بحقو المجد من طلابه حتى يكون المجد وهو مصوح في الأرض منقلبٌ على أعقابه صوراً موثقة العرى في ناشئٍ حدثٍ مصورة على أعصابه والمجد أجدر بالشباب، وإنما للناس موجدة على أصحابه هو معهدي ولئن حفظت صنيعه فأنا ابن سرحته الذي غنى به! ونور الهدى وجنة الرضوان ورياض الإيمان والأمن والتقى تأتلق وتشع بالسعد والخير والبشرى في وجدان الشاعر محمد محمد علي كلما أطلت على العالم الإسلامي ذكرى الهجرة النبوية التي قال عنها محمد محمد علي: لذكراك يا خير النبيين روعة يصاحبها نور الهدى وتصاحبه هي الغيث إن ضنّ السحاب بغيثه أفاضت أياديه وأخصب ساكبه يحيل جديب الأرض جنات رحمةٍ وقد كان مقفاراً تروع سباسبه رياض من الإيمان والأمن والهدى وبر عميم لا تغب مواهبه هي النور بل في النور منها ألاقه وما النور إن لم يبصر الحق صاحبه يضيء شعاب النفس في ظلمة الهوى وللنفس ليل لا تنير كواكبه هي البلسم الشافي لأدواء عالم أصابت مآسيه وطاشت مذاهبه ويروي لنا الأستاذ الدكتور محمد عثمان صالح بأسلوبٍ قصصي، سلسٍ بديع حكاية امرأةٍ في السبعين من العمر، عاشقة متيمة للحرم النبوي الشريف، حيث يقول عنها في قصيدة «عاشقة الحرم»: يا نورها يعلو على الظلماء ومضاءها في الله أي مضاء أربت على السبعين إلا أنها في روحٍ مندفعٍ إلى العلياء يا حسن هذاك الوقار يحفه محض الصفاء كما لجين الماء وتسير بين كريمتين يحطنها بالحب والإجلال والإصفاء فكأنها الخنساء في عزماتها تسمو على البأساء واللأواء ظلت إلى وقت التهجد بعد أن صامت وأدت فرضها بعشاء