القرار الذي صدر عن وزارة المالية بزيادة قيمة الشراء بالنسبة للنقد الأجنبي خلّف وراءه الكثير من التكهنات والأسئلة التي ستظل حائرة لفترة طويلة حسب آراء بعض الخبراء الاقتصاديين التي قلما تخطئ، فحوى القرار يتعلق بزيادة أسعار العملة الأجنبية في البنوك والصرافات بعد الاتفاق الأخير بين البنوك والصرافات والذي أفضى إلى منح الصرافات النقد الأجنبي بسعر السوق السوداء في خطوة واضحة لتقصير أيادي المتعاملين بالطرق غير الشرعية وغير المقننة في السوق السوداء التي باتت تشكل خطرًا محدقًا في الآونة الأخيرة من واقع التعاملات المالية من شراء وبيع، فعلى لسان مديري الصرافات وخبراء في المجال الاقتصادي ، أبدى عددٌ من هؤلاء تخوفاتهم من حدوث كارثة اقتصادية في ظل المضاربات الآنية ويرون أن المتضرر الأول والأخير هو الدولة. في المقابل ستعود الفائدة الكبرى للعاملين خارج السودان أو المغتربين من خلال التحاويل التي كانت في سابق العهد تحول عن طريق البنك وبسعر البنك في وقت كانت فيه أسعار السوق السوداء وأسعار البنك لا تختلف كثيرًا فيضمن المغترب وصول نقده بأمن وسلام، لتنقلب الصورة في الفترة الأخيرة وتقفز أسعار العملات الأجنبية في السوق الأسود وتصل إلى الضعف في بعض الأحيان الأمر الذي جعل الدولة تتحرك في كل الاتجاهات للحدّ من خطورة هذه الظاهرة، فصدر قرار وزارة المالية الأسابيع الماضية بتحديد أسعار الصرف للعملات خصوصًا الدولار، ونجد أنه في بعض الأحيان قفز سعر الدولار من الحد «2700ج» إلى «4900ج» إلى «5200ج» هذا بالنسبة للصرافات والبنوك، أما السوق السوداء فقد أصابها ركود وهدوء وصفه البعض بأنه هدوء يسبق العاصفة، هذه المقولة فسرها بعض خبراء المال بأن تجار العملة سيعملون على احتكار العملات الأجنبية وينتظرون فراغ خزينة الدولة من النقد الأجنبي، ثم يتفننون ويتحكمون في التعامل مع عمليات البيع والشراء الأمر الذي يستدعي التجارة بالعملة في السوق السوداء من جديد مما يضيق الخناق على الاقتصاد المحلي ويفتح أبوابًا جديدة من شأنها أن تقود إلى تدهور اقتصاد البلد، وبالتالي سقوط الجنيه السوداني «الضحية» كما سماه البعض. و ذهب البعض إلى أبعد من ذلك، فقد أرجع البعض أسباب منافسة السوق السوداء للصرافات والبنوك إلى عجز الدولة عن دعم السلع الموجودة في السوق مما أتاح الفرصة لأصحاب هذه السلع في أن يرفعوا أسعارها وفقًا لما يمليه عليه تفكيرهم وضميرهم التجاري. «نافذة المهاجر» استطلعت عددًا من أصحاب الصرافات، وفي الجانب المضاد قامت باستطلاع عدد من العاملين في السوق السوداء حول ماهية استفادة المغتربين من جراء الإرهاصات والتعاملات الجارية الآن وكيفية الخروج من هذه المضبات ومن المستفيد في نهاية الأمر.. ويقول أحد الخبراء الاقتصاديين «س» إن كل الدائر الآن هو نتاج لإهمال الدولة للمواطن ولرفعها للسلع عن طريق عدم مراقبتها للسوق وللتجار، الأمر الذي جعل البعض يتعامل في السوق الأسود مع النقد الأجنبي من خلال التحاويل التي تأتي من المغتربين، وأضاف: المغترب والصرافات هما المستفيدان من قرار وزير المالية، وأضاف نعلم أنه قبل صدور القرار كان المستفيد الأول هو السوق الأسود ويعقبه المغترب وأن المتضرر الأول هو بكل تأكيد الدولة، مشيرًا إلى أن الدولة لن تصمد كثيرًا. يقول الخبير الاقتصادي «أ» «إن علي محمود أي وزير المالية إذا رفع يده عن المقود بكل تأكيد سينتعش السوق الأسود الذي ينتظر تراجع المالية عن قرارها في هذه الأثناء سيستفيد المغترب من هذه الناحية باعتبار أن أسعار النقد الأجنبي ستعود أعلى من سابقتها، وعن سؤاله حول احتكار تجار العملة للدولار بعد شرائه من الصرافات وبيعه بعد فراغ خزينة الدولة منه قال: هذا لن يحدث لأن البنوك والصرافات لا تصرف إلا مبالغ محددة ولكن الدولة في حد ذاتها ممكن تلعب دور تاجر العملة بحيث «تكوش» على العملة الأجنبية وتستفيد منها في خدمات أخرى. بينما يرى مدير إحدى الصرافات أن المغترب هو الكاسب في كلتا الحالتين، منوهًا بأن المواطن السوداني هو المتضرر من هذ القرار، باعتبار أن أسعار السلع ستزيد. صاحب مكتب التحاويل «س» أجاب عن مدى استفادة الصرافات في الوقت الراهن في ظل القرار قائلاً: لو تحدثنا عن الدولار فنجد أن البنك يوفره للصرافات بسعر «4900ج» بينما يتم بيعه للمغتربين وللتجار بسعر «5200ج» وهنا الرابح هو الصرافات والتاجر وفي الجانب الآخر المغترب يقول المغترب عبد الواحد الموجود حاليًا في السودان: أنا اعتقد أن المغتربين هم المستفيدون من واقع أنهم في السابق كانوا يحولون أموالهم للسوق الأسود بنفس السعر اليوم في البنوك والصرافات.