«سحب الفرقتين التاسعة والعاشرة من جنوب كردفان والنيل الأزرق وفك الارتباط وقطع الصلة بين دولة الجنوب وما يسمى بالجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية قطاع الشمال» شرطان لم يخلُ منهما حديث أيٍّ من مسؤولي الحكومة قبل مفاوضات أديس أبابا، بل وذهب الكثيرون إلى أن نجاح الملف الأمني يعتمد بشكل كبير على هذين الشرطين.. إذًا ما هي حكاية هاتين الفرقتين؟؟ الفرقتان تتبعان للجيش الشعبي التابع لحكومة الجنوب وهما من ضمن الفرق العشرة المكوِّنة له وكانتا طرفًا في الحرب ضد القوات المسلحة لأكثر من 21 عامًا وتتخذان من جبال ووديان ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق مقرًا ومنطلقًا لحربهما بجنوب كردفان والنيل الأزرق، ووجودهما الحالي وفقًا لحديث وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين لبرنامج تلفزيوني يتمركز في النيل الأزرق في منطقة يابوس، وفي جنوب كردفان في مناطق كاودا وهيبان، ولكنه وجود ضعيف بعد مطاردات الجيش لهم، ومعظم انطلاقاتهم حسب قوله تتم من داخل الجنوب، وأشارت بعض المعلومات إلى أن الفرقة العاشرة أيضًا منفتحة على رئاستها على الحدود وكان لديها مركز في يابوس ومركز تدريب آخر في سمري وكتيبة في أورا وكتيبة دقيس ووحدات تتراوح ما بين السرية والسريتين في خور البودي والكرمك والسبعة وقيلي وباندبو وسودة وكيلي قبل تحرير هذه المناطق بعد أحداث الدمازين العام الماضي. وتشكل العناصر الجنوبية المكوِّن الرئيس لجنود الفرقتين إلى جانب أبناء الولايتين وغيرهم ممَّن ينتمون للجيش الشعبي، وفي ذلك يقول الناطق باسم قوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد «إن الفرقتين التاسعة والعاشرة هما السبب الرئيس في كل التفلتات التي تشهدها مناطق النزاع»، ويمضي ويقول «إن أكثر من «63%» من الفرقتين في الأصل بقايا للتمرد ولم يتم فك الارتباط بينها وبين جنوب السودان، إذ ما يزال مالك عقار فريقاً بالجيش الشعبي في الفرقة العاشرة، والحلو يحمل رتبة لواء بالجيش الشعبي بالفرقة التاسعة» وأشار والي جنوب كردفان أحمد هارون إلى أن الفرقتين اللتين تقودان التمرد في ولايته والنيل الأزرق لا تزالان جزءًا من الجيش الشعبي في الجنوب ولا يزال تسليحهما ومرتباتهما تُصرف بعملة الجنوب، وكان الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم أقر بدعم دولته للفرقتين، وقال في تصريحات صحفية عقب انفضاض جولة التفاوض في أبريل الماضي «إن حكومته بالفعل تدعم هاتين الفرقتين» ولتبرير ذلك ألقى أموم باللائمة على الحكومة لكونها عملت على نزع سلاح الفرقتين بالقوة ووجدت اعترافاته انتقادًا شديدًا باعتبارها تدخلاً في شؤون دولة أخرى وهو الأمر الذي كان يُنتظر أن يتعامل معه المجتمع الدولي بقدر من الجدية وهو الذي لم يحدث. ويرى الفريق جيمس قاي أحد القادة المنشقين عن الجيش الشعبي أن جوبا تدعم الحلو وعقار كإجراء طبيعي وعادي باعتبارهما جزءًا من منظومتها وكان قد نبَّه في وقت سابق على إدارة فريق بالجيش الشعبي للفرقة العاشرة في النيل الأزرق قائلاً: «إن الدينكا يقودون (9) فرق من (10) تكوِّن الجيش الشعبي».. ولكن عقار نفى تلقيهم أي دعم من أي جهة، وقال في حوار مع الشرق الاوسط «المعدات الموجودة في المنطقتين كانت تتبع للجيش الشعبي وتحديدًا للفرقتين «9 10» والفرقتان كانتا طرفًا في الحرب منذ 21 عامًا وقد تراكمت كثير من الخبرات العسكرية في هذه الفترة كما تراكمت أيضًا الأسلحة، وقال لدينا ستة آلاف مقاتل في هذه القوات تمت إعادة نشرهم في مناطق مختلفة بموجب اتفاقية السلام».. ووفقًا لما ورد في برتكول الترتيبات الأمنية الموقع في «2003م» تحت بند إعادة انتشار القوات فإنه «في ما عدا القوات التي سيتم نشرها للوحدات المشتركة/ المدمجة، فإن بقية قوات الجيش الشعبي المنتشرة حاليًا في جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق سيعاد انتشارها جنوب الحدود بين الشمال والجنوب كما في «1/1/1956م» حالما يتم تكوين الوحدات المشتركة وانتشارها تحت رقابة ومساعدة دولية «وهو ما لم يتم»، ورغم ذلك سعت الخرطوم أكثر من مرة لمعالجة قضية أبناء المنطقتين في الجيش الشعبي إلا أن كل خطواتها قوبلت بالرفض. وفي أعمالهما التخريبية بجنوب كردفان ارتكبت الفرقتان جرائم إنسانية كبيرة حيث طالبت المجموعة الوطنية لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بالتحري حول الانتهاكات التي طالت الأطفال والنساء بجنوب كردفان من قبل تلك القوات، وقالت المجموعة إنها قدمت تقريرًا متكاملاً حول الانتهاكات لمجلس حقوق الإنسان بجنيف.