من أجل معالجة العجز في الموازنة العامة هنالك جملة من الإجراءات تشكل مخارج من عنق الزجاجة.. ومن الأفضل الأخذ بها جميعاً وفي وقتٍ واحد،؛ لأن كل إجراء سيسهم بنسبة محدَّدة في معالجة الأزمة.. ومن بين تلك المخارج تقف أولاً عملية التوسع في الصكوك التي تشكل استدانة من الجمهور، وهي تجارب عاشها السودان من خلال شهادات «شهامة» وغيرها، وتقف ثانياً عملية الاستدانة من الجهاز المصرفي.. وهنالك نسبة عالمية متفق عليها هي الأفضل في الاستدانة من الجهاز المصرفي.. ولكن هذه النسبة إذا اقتضت الضرورة يمكن تجاوزها، وقد اقتضت الضرورة الآن بالفعل؛ وذلك لأن خيار زيادة أسعار المحروقات خيار غاية في الصعوبة وتحفه المخاطر من كل جانب، ولا يمكن مقارنة سلبيات الاستدانة من الجهاز المصرفي بسلبيات زيادة المحروقات، فالأولى أخف ضرَّراً بما لا يقاس من الثانية، وتقف ثالثاً مسألة تخفيض المنصرفات الحكومية عبر عدة إجراءات تشمل إيقاف العديد من المشروعات والمباني الحكومية «مؤقتاً»، وإجراءات أخرى تم الإعلان عنها مثل تخفيض نفقات السفر للخارج ومخصصات الدستوريين ومراقبة المنصرفات الحكومية وضبطها في حدود الضروريات وعدم السماح بإهدار المال العام، وهذه الأخيرة أعتقد جازماً أنها ستوفر على الخزينة العامة الكثير الكثير.. وخلافها، وتقف رابعاً الاستدانة من الصناديق التي لا تعمل بالديون المركبة وهي بالتحديد الصناديق العربية التي تختلف عن المؤسسات العالمية التي تأخذ عمولات جديدة على التأخير في التسديد فتزداد الديون تلقائياً وترهق الوطن والشعب، وكذلك الاستدانة من البلدان الصديقة، وتقف خامساً مسألة بيع أراضي حكومية لمواطنين سودانيين بالمزادات العلنية، وهنالك إجراءات أخرى عديدة يمكن اللجوء إليها، وفي جملتها ستخلق توازناً مقبولاً بين الإيرادات والمنصرفات. أما الخيارات التي تمس الجمهور بصورة مباشرة مثل زيادة المحروقات فهي موجعة للشعب ومؤثرة بصورة غير معقولة في الأسعار التي هي أصلاً قد تجاوزت حدود المعقول.. ورغم أن القرار قد تم اتخاذه سياسياً ولكن نأمل ألا يتم تطبيقه في الوقت الراهن مطلقاً.. ومهما كان فإن الأمور عبر تلك الإجراءات ستسير للأمام بإذن الله مقرونة مع الخطط الأخرى: زيادة صادرات الذهب، وهذا الأمر يمكن التوسع فيه بتشجيع وزيادة وسائل التنقيب وتوسيع دائرته في الوقت الراهن طالما الحاجة ماسة، والتوسع في الإنتاج النفطي، وزيادة الصادرات غير النفطية، وكل تلك الإجراءات مقرونة مع البرنامج الثلاثي ستؤدي إلى مخرج بإذن الله دون خيار زيادة المحروقات.