الخرطوم: ندى محمد أحمد في مسار الأضداد يمضي كل من تحالف قوى الإجماع الوطني والحكومة منذ أن كانت وكان، ولكن الجديد هذه المرة رهان الطرفين بشأن الاقتصاد، الذي أخذت تداعياته في التفاقم على نحو دفع الحكومة للشروع في رفع الدعم عن المحروقات، والاستماتة في الدفاع عنه وتبيان مزاياه، وتجزم بأنه لن يكون مدعاة لإطلاق النسخة السودانية من الربيع، ففي حديثه بتشريعي الخرطوم أول أمس قال مساعد الرئيس نافع علي نافع إن الظن بخروج المواطنين للشارع على إثر رفع الدعم مجرد وهم لا أكثر، وفي الوقت نفسه يبدو قرار رفع الدعم كأنه القشة التي تتطلع اليها المعارضة، في سعيها الدؤوب لإسقاط النظام عبر انتفاضة شعبية كاسحة، طالما راودتها. ويبدو أن الأخيرة قد عقدت العزم على الإفادة من قرار رفع الدعم المنتظر، فاجتماعها الذي التأم بالأمس في دار الحزب الوطني الاتحادي ضم كافة أطراف التحالف، حتى حزب الأمة القومي، فبالرغم من أن رئيس هيئة التحالف فاروق أبو عيسى قد صرح في حوار له مع الزميلة «السوداني» بأن القيادية بالحزب مريم الصادق المهدي قد أخبرته بأن حزبها قد جمد عضويته في التحالف، فالأخير لم يكتف بمشاركة مريم التي كانت حاضرة في المنصة فقط، بل دفع بنائب رئيس الحزب اللواء فضل الله برمة ناصر، ويبدو أن إشكالات تصريح عيسى قد دفعت أحد قيادات الوطني الاتحادي عند بدء المؤتمر لمداعبة المصورين بقوله ها هي مريم حاضرة «بكومها» عن الأمة، وبجانب الناطق الرسمي للشيوعي السوداني صديق يوسف شارك سكرتير الحزب محمد مختار الخطيب، ، فضلاً عن الرئيس القطري لحزب البعث الريح السنهوري، ورئيس حزب التحالف الوطني السوداني عبد العزيز خالد عثمان، وبطبيعة الحال رئيس الحزب المضيف يوسف محمد زين، وكذا الأمين العام للمؤتمر الشعبي حسن عبد الله الترابي وأمينه السياسي كمال عمر. وفي نهاية الاجتماع الذي امتد نحو ثلاث ساعات، خرج المؤتمرون ولكن بتقليع مغاير، فعوضاً عن الاتجاه للقاعة التي أعدت خصيصا للمؤتمر الصحفي، حيث نصب مصورو القنوات كاميراتهم واتخذ الصحافيون مواقعهم تأهباً للاستماع، إذا بالقادة يعلنون أنهم سيتجهون أولاً للوقوف أمام دار الحزب، في بادرة منهم للشروع في التعبئة العامة لإسقاط النظام، وبالفعل اصطف القادة امام الدار، وفي كلمته انتقد الترابي الأوضاع الاقتصادية، مشيراً للغلاء وارتفاع الأسعار، وتحدث عن أن اجتماعهم هو بداية لتشكيل أطر النظام الجديد، حتى لا تحدث الفوضى عقب إسقاط النظام الذي جدد وصفه بالبغيض، وقال إن الأيام المقبلة ستشهد تحركات في كل عواصم الأقاليم. ومن جانبه وصف رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ اجتماعهم بالتاريخي، وأردف قائلاً إن أحزابهم اجتمعت على مناهضة زيادة الأسعار والوقوف ضدها بصلابة والتصدي للنظام الذي وصفه بالعقيم والفاشل، مشدداً على ضرورة ذهابه، وبدوره حرص أبو عيسى على تأكيد مشاركة كل أحزاب المعارضة، وذهب إلى أن الاجتماع ناقش باهتمام ما وصفه الإصرار الأحمق للوطني على إفقتو الشعب وزيادة أسعار المحروقات، وقال إنهم قرروا إنذار الحاكمين بوقف القرار الذي وصفه بأنه محاولة لقتل الشعب، موضحاً أنهم عزموا على التصدي لمن يشرع في ذلك، وفي تطرقه للحريات أوضح أن عناصر الهيئة ملاحقة أمنياً، وعقب الوقفة اتجه القادة صوب قاعة المؤتمر، وتولى أبو عيسى الحديث قائلاً إن مؤتمرهم ناقش الاستعداد لما بعد النظام عبر برنامج وطني يمتد لفترة انتقالية تقدر بثلاثة أعوام، عبر رؤية تضعها كل القوى السياسية، اطلقوا عليها اسم «برنامج البديل الديمقراطي»، وأكد أن البرنامج حُظي بالإجماع من حيث المبدأ، مع ملاحظات هنا وهناك، وقال إن الورقة ستعرض على كل أهل السودان، وذكر أن ورقة الإعلان الدستوري لاقت قبولاً من الأحزاب باستصحاب بعض الملاحظات، وقال إن السادس والعشرين من يونيو الجاري هو تاريخ التوقيع على الوثيقتين من قبل رؤساء الأحزاب، ولدى استطراده عن الأزمة الاقتصادية والحريات السياسية أعاد حديثه السابق، وزاد عليه أن تحركهم في الخرطوم سيتم بالتنسيق مع فروع الأحزاب بالولايات، وعن مفاوضات أديس أبابا جدد ترحيبهم بقرار الاتحاد الإفريقي المحال لمجلس الأمن، وأعلن رفضهم لتجاوز الحدود التي حددتها خريطة 1/1/1956، من قبل أيٍ من دولتي السودان.