«قال صلى الله عليه وسلم :«درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ست وثلاثين زنية» الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده والطبراني في الكبير عن عبد الله بن حنظلة وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الجامع وفي لفظ عند البيهقي في حديث ابن عباس «درهم ربا أشد عند الله من ست وثلاثين زنية من نبت لحمه من سحت فالنار أولى به»، وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أنس قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الربا وعظم شأنه فقال إن الرجل يصيب درهمًا من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل وإن أربى الربا عِرض الرجل المسلم. إن طرق هذا الحديث تبلغ به درجة الصحة وهو عين ما التزمه إمام العصر الألباني رحمه الله، ومثل هذا الحديث وإن لم يبلغ درجة الصحة وحكم له بأنه حسن اصطلاحاً، بل لو قيل إنه ضعيف لكان الأحوط والأوفق أن يُعمل به لما في الربا من النكير الشديد.. والحديث الضعيف كما قال أهل هذا الفن الراقي يُعمل به في فضائل الأعمال.. فإذا كان الحديث الضعيف قد يؤدي بمخالفة إلى السقوط والتردي في هاوية جهنم فالأخذ به أولى وألزم. ولا أحسب أن الذين أجازوا القرض الربوي في المجلس الوطني قد فهموا هذا الحديث ولا أحسبهم أدركوا دلالة اختيار الزنى للمقارنة بينه وبين الربا.. فالذين يُسقطون الرخص لن يجدوا مدخلاً لإباحة الربا إلا من خلال رخصة.. ولا يجدون إلا فقه الضرورة ثغرة يدخلون بها إلى تحليل ما حرم الله مع أن الربا لم يرد في نصوصه لا في الكتاب ولا في السنة ما يشير إلى جواز إتيانه للضرورة.. وذلك لأسباب يطول شرحها.. وربما نعرض لها قريباً. فإذا بالشارع يختار الزنى ليضعه مع الربا في سلم المقارنة. ومعلوم أنه ليس هناك ضرورة تبيح الزنا إلا الضرورة التي ابتدعها يوسف «فالنتاين» الكودة ليُرضي بها الأممالمتحدة.. فإذا اتفقنا على أنه لا توجد ضرورة تبيح الزنا مهما كان.. وأخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أن أدنى الربا «درهم» يعادل ستة وثلاثين زنية في الإثم والخطيئة. وحتى لو خالفنا العقل والمنطق وقلنا إن الزنى قد تفرضه ضرورة فأي ضرورة تفرض على شخص مسلم أن يزني ستًا وثلاثين مرة؟! ومع كل ذلك فالربا أشد خطيئة من ست وثلاثين زنية.. فهل يُعقل أن يبلغ الحق عز وجل بتحريم الربا هذه الدرجة من الشدة والنكير ويرفعه فوق الزنا الذي لا تمليه ضرورة ثم يأتي ليقول لنا إن الربا يمكن إباحته للضرورة.. أما الزنى الذي هو أدنى في الإثم فلا يمكن أن تمليه ضرورة أو حاجة. «وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون». إن الذين أجازوا الربا في المجلس الوطني قد جاءوا بطامّة كبرى.. وقد كان لهم منها منجاة لو أعملوا فكرهم في فقه النصوص.. وأرجو أن يمعن الإخوة السادة الأجلاء من نواب المجلس الوطني النظر في الفقرات التالية ليتأكد لهم أنهم قد جاءوا ببائقة لا ينجيهم منها إلا أن يعودوا إلى الله تائبين نادمين مستغفرين. فعن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الربا ثلاثة وسبعون بابًا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم» أخرجه الحاكم في المستدرَك وصحح الحافظ العراقي في تخريج الأخبار إسناده وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع. قال تعالى «ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا» ثم قال في آية أخرى «ولا تنكحوا ما نكح أباؤكم من النساء إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا»، فزاد في هذه «مقتًا» ليدل على أن الزنا بزوجة الأب أعظم إثمًا من الزنا العادي. إلا أن حديث ابن مسعود لم يقف عند حد الزنا العادي أو زنا زوجة الأب بل أدخل شيئاً ليس في الحسبان وهو إتيان الأمهات.. فالربا أشد عند الله من إتيان الأمهات.. فإذا كان آكل الربا أشد إثمًا من ناكح أمه ومعلوم أن ليس ثمة ضرورة تدعو أحداً لإتيان أمه فإذا لم تقم ضرورة لإتيان الأقل إثماً فمن باب أولى ألا تقوم ضرورة لإتيان الأكبر إثمًا.. إن اختيار الزنا لوضعه مع الربا في سلم القياس لم يأتِ اعتباطًا ولكنه اختيار صانع حكيم إوحى به إلى رسوله الأمين لجعلها حجة باقية إلى يوم القيامة على كل من تسوِّل له نفسه التعدي على حرمات الله سبحانه وتعالى.. فإذا كان أكل الربا أعظم إثماً من إتيان الأم بلا ضرورة فكيف يكون إثم من استحل الربا وأحله للآخرين. إن درجات الإثم بالنسبة لما قام به نواب المجلس الوطني تتصاعد.. حتى تصل بهم إلى ما لا تحمد عقباه في الأولى والآخرة ونسأل الله لنا ولكم العافية. { جامعة الخرطوم: ربما يدخل أساتذة جامعة الخرطوم في إضراب جديد بعد أن دخلوا في الشهر السادس دون أن ينالوا من مرتباتهم شيئاً.. وقد غادر الجامعة بالتعاقد الخارجي إثر هذه المشكلة ما لا يقل عن ستمائة من الأستاذة من حوالى ألفي أستاذ.. ولا أعلم أن الدستوريين أوالتشريعيين في هذه الدولة تتأخر استحقاقاتهم كل هذه المدة.. مما يوحي بنظرية المؤامرة..