ظلت قضايا الهجرة هاجساً يؤرق مضجع الدولة بكل أجهزتها التشريعية والتنفيذية، وكان الحل الأنجع إنشاء مركز وطني يُعنى بدراسة قضايا الهجرة وبحثها وإيجاد الحلول العلمية للاستفادة من المهاجرين في التنمية والاستقرار الوطني بالتركيز على تفعيل دور المهاجرين باتجاه إنشاء قوى ضاغطة وموجبة ومؤثرة في القرار الدولي للمساهمة في تثبيت الاستقرار السياسي لها وإصدار مرسوم لإنشاء المركز الوطني لدراسات الهجرة ومقره جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج بالخرطوم ليحقق الأهداف ذاتها ومنها إعداد ونشر البحوث والدراسات المنهجية الجادة المحكمة التي تتميز بالأصالة والدقة ورصد التطورات المستجدة في مجال الهجرات السودانية بكل أنواعها قديمها وحديثها وقضاياها وآفاقها التي تتميز عن غيرها، وفي هذا السياق التقت «الإنتباهة» بالمواطن محمد عبد الله آدم علي وهو سوداني يسكن منطقة السامراب وهاجر إلى السعودية منذ عام «2005م» درس الاقتصاد بدمشق عام «1995م» وعمل في الكثير من المجالات منها المحاسبة وعمل كذلك سكرتيرًا لشركة السقا بالرياض وموظف شحن جوي بشركة أجنحة العرب بجدة بالإضافة إلى التحاقه بمجال العلاقات العامة في شركة أجنحة العرب للسفر والسياحة وأخيرًا عمل أستاذًا إلا أن الظروف المرضية التي مر بها في بلد الغربة أصبحت هاجسًا في طريق مستقبله الذي ظل يحلم به وشاءت الأقدار فجأة أن يصاب محمد عبد الله بتصلب عضلات الساقين وضمور في النخاع الشوكي الأمر الذي جعله يعاني من صعوبة التحرك، وأكد التقرير الطبي أنه يحتاج إلى أشعة رنين مغناطيسي وتخطيط أعصاب وتحليل للدم بتكلفة تبلغ حوالى «5» آلاف ريال سعودي لكنه لم يجد من يساعده على هذا المبلغ، وقال ل «الانتباهة» إنه ذهب إلى مستشفى صلاح إدريس بالسعودية للعلاج لكنه أيضًا لم يجد المساعدة رغم وجود أطباء سودانيين بالمستشفى ولكنه لم ينسَ وقفة الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي قام بالواجب في تقديم المساعدات اللازمة له وظل هناك في السعودية يتلقى العلاج ولكنه وبعزيمة قوية دخل في مجال كتابة البحوث ونشرها حتى يتمكن من العيش في بلد الغربة، كما أشاد بدور صديقيه المصري الذي حاول نقل أوارقه إلى مصر حيث يعمل ابن عمته طبيبًا ليقوم بإرسال التقرير الطبي للقاهره ولكنه لم يجد حتى ثمن تذكرة السفر فكان الحل الأفضل أن يعود إلى السودان بخفي حنين وظل ملازمًا الفراش حتى الآن.. يرجو الفرج من الله وتشير التقارير والإحصاءات إلى أن أعدادًا كبيرة من المهاجرين السودانيين يودون العودة إلى البلاد لظروف شتى، منهم لبلوغهم سن التقاعد ومنهم من جرى إيقافة وإلغاء وظيفته بإحلال الوطنيين مكان الأجانب ومنهم من يرغب في العودة طوعاً للاستقرار بالبلاد والمساهمة بخبراتهم في عملية البناء والتنمية ومتابعة تعليم الأبناء والبنات بالجامعات إلا أن الوقت قد أزف وعلى المعنيين التعجيل بإقامة صندوق دعم العودة الطوعية للمهاجرين السودانيين لما فيه من خير ومنفعة ومعالجة الكثير من المشكلات والتحديات التي يواجهها المغتربون العائدون إلى الوطن والأمل في إقامة هذا الصندوق والإسهام في حل المشكلات التي ظل يعاني منها المغتربون.