جامعة الرباط الوطني من أكبر الجامعات السودانية، ورغم حداثة سنها إلا أنها تعد في مصاف الجامعات العربية والإفريقية، وهذا التصنيف ليس من عندي ولكنه بحسب إحصاءات مراقبين مختصين في الشأن العلمي، ولعل مرد ذلك لما تتمتع به الجامعة من نظام أهَّلها لدور أكاديمي معرفي وبحثي متطور في شتى العلوم فضلاً عن خدمة المجتمع، وتشكل الجامعة بهذا التوصيف هيئة علمية للشرطة في مجالات العمل الجنائي والمعملي وغيرها، وللجامعة هيئة علمية تعمل في مجال الدراسات الأمنية والقانونية الطبية والتقنية والإنسانية في إطار السياسة العامة للدولة والبرامج التي يضعها المجلس القومي، وتهدف لتأهيل وتدريب وتنمية القدرات في الأجهزة الأمنية وغيرها وذلك بغرض خدمة الوطن وتنمية موارده ونهضته فكريًا وعمليًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا، كما تعمل الجامعة على تحقيق إعداد الطلاب ومنحهم الدرجات العلمية، وإعداد الدارسين من ضباط الشرطة وتأهيلهم علميًا ومهنيًا والاهتمام بالدراسات العليا والتخصصية في مجالات التعاون الأمنية والطبية وغيرها، والتعاون مع المؤسسات العلمية داخل البلاد وخارجها وتأكيد هوية الأمة وتأصيلها من خلال المناهج التي تضعها الجامعة وتطبقها، هذه الجامعة وبهذه المعطيات وغيرها صارت موازية لجامعات بماليزيا وبعض الجامعات بالمملكة العربية السعودية إذ نشأت بينها علاقات وطيدة في إطار التبادل العلمي والمعرفي. نسوق هذا الحديث وتعترينا غُصة عندما نرى مؤسسة بهذا الحجم وبهذه الإمكانيات قد انحرفت عن مسارها الحقيقي ونرى طلابها الأنموذج مصابين بحمى العنف والغلو الطلابي، وهم أول من التزم بالزي الجامعي والتزم بكل ضوابط النظام الأساسي، نتألم ونتحسر من شكاوى يطلقها الطلاب هنا وهناك، وهي تتراجع في كل شيء حتى موقعها الإلكتروني الذي كنا نطالع لطائفه وغرائبه لم يعد له مكان في الفضاء الواسع، وهمس المدينة يدور حول عملية اغتيال ونسف الفكرة وتقطيعها إرباً إربًا، فمن منا لا يذكر تلك الحادثة الرهيبة والجريمة الشنيعة التي ما كان للمتحري ملازم أول د.أحمد أبوسن أن يلملم خيوطها لولا فضل الله وجهود الباحثين المختصين بالجامعة الذين تمت الاستعانة بهم في التحليل وهم يرسمون أدق التفاصيل بالتحليل العلمي فقط، حتى علق عليها الضابط المسؤول وقتها والله العظيم كأنكم شاهد عيان للجريمة فقد تطابقت الوقائع مع الواقع ووقع المجرم في قبضة العدالة، وعلى ذلك قس عشرات القضايا التي شغلت الرأي العام. أفق قبل الاخير: بدأت بكتريا التفكك تلتهم في ضوابط النظام الاساسي وما نخشاه تكرار مأساة طلاب جامعة جوبا الشماليين بشكل مماثل لطلاب الرباط حال انتقالها للتعليم العالي. أفق أخير: تُرى من سيخلف عشميق؟