لا تزال نتائج انتخابات الرئاسة المصرية ودلالاتها محل نظر الخبراء والمحللين في السودان وبالضرورة انعكاساتها على البلاد التي ما تزال تطلعات أهل السياسة فيها والباحثين والدارسين في أن ينعكس أي تغيير هناك على مصالح شعبي البلدين وعلاقاتهما خيرًا، ومع إعلان فوز مرشح الإخوان المسلمين في مصر د.محمد مرسي بالرئاسة ارتفعت التطلعات والآمال هنا في أن تشهد المرحلة المقبلة في مستقبل علاقات البلدين تطورًا يختلف عما كانت عليه في الحقب السابقه تلك الحقب التي وصف مدير مركز دراسات المستقبل السفير ربيع حسن أحمد علاقات البلدين فيها بأنها لم تخرج من إطار العواطف والأشواق القديمة في الوحدة بين بينهما. واعتبر ربيع في المنتدى الذي نظمه مركز التنوير المعرفي أمس تحت عنوان ( انتخابات الرئاسة المصرية النتائج والدلالات وانعكاساتها على السودان ) اعتبر أنه من السابق لأوانه الحديث عن انعكاسات الانتخابات المصرية على السودان ولكنه رغم ذلك بدأ متفائلاً بوجود الإخوان على سدة الحكم في مصر وتوقع أن تظهر في عهدهم ملامح لإستراتيجية لا تنظر لمصالح مصر فقط في القضايا المشتركة بين البلدين وقال «لو وجدت سيكون ذلك تغييراً عميقاً جدا في علاقات البلدين» كما توقع أن تكون هناك عقبات وصفها بالكبيرة جدًا أمام هذه الإستراتيجية مما يتطلب عملاً كبيرًا من قبل الإخوان للتحرك داخل مكونات الدولة المصرية وعناصرها التي يمكن أن تجد مقاومة لمثل هذا التوجه بغية إقناعها. ولما كان الأمر يتعلق بطرفين فقد دعا ربيع إلى ضرورة وجود تصور من جانب السودانيين لكيفية هذه العلاقة في المستقبل أجمله في سؤال: ماذا نريد من مصر؟ مشيرًا لعدم وجود دراسة عميقة حسب وصفه من قبل السودانيين تأخذ كل الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها في علاقة البلدين مشدداً على ضرورة أن يكون الدخول في علاقات البلدين في المستقبل بجدية وعمق ودراسة. وفي عودة إلى تاريخ العلاقة بين البلدين أشار ربيع إلى أن مصر كانت دائماً تنظر إلى السودان نظرة تبعية اختصرها البعض بعبارة «الحديقة الخلفية» بمثلما كانت السياسة السودانية هي الأخرى خاضعة على الدوام للإرادة المصرية حتى ساد اعتقاد لدى البعض أن الحكومات السودانية التي تعادي مصر «عمرها قصير» وأشار إلى أن ما فعله الرئيس جمال عبدالناصر بشأن علاقات البلدين هو مجاراة ذات السياسة المتبعة نحو السودان واحتواؤه، وظل السودان في الملف الأمني لمصر وليس الملف السياسي بما يعني أن المسألة كانت قضية سيطرة وتحكُّم وليس إتاحة فرصة تعامل بندية وتعاون مشترك يراعي المصالح ووصف التعامل من قبل الأنظمه المصرية بأنه كان يقوم على مبدأ «أن تعطي الفرصة لمن معك وتكبت الآخرين المختلفين معك». ولم تختلف تلك النظرة والسياسة المتبعة في علاقة البلدين في حقبتي السادات ومبارك سوى أنهما جاءا في فترة القطبية الأحادية والسيطرة الأمريكية على العالم والتي كان من أكثر المتضررين منها السودان حيث مثلت الأنظمة المصرية أذرع واشنطن في تنفيذ سياستها في المنطقة حتى وصلت العلاقة بين البلدين في عهد مبارك درجة العداء وسعت مصر خلالها لعزل السودان الأمر الذي جعل الكثيرين يعتبرون أن أي تغيير في مصر الآن هو في مصلحة السودان. وبالنظر للوضع الماثل الآن هناك يقول ربيع «التيارات والأحزاب المصرية ومن بينها أحزاب مثل الوفد حاولوا التعاون مع السودان ولكن لم تخرج رؤاهم للعلاقات من إطار الاستمرار في العواطف القديمة» أما اليسار والعلمانيون فقد رأى أنهم يتعاملون ببرود نحو السودان وتوقع أن تكون توجهاتهم صدى للسياسة الأمريكية في المنطقة. أما الإخوان والتيارات الإسلامية الأخرى فرغم ما يبدو من إهمال للسودان في برامجهم الانتخابية إلا أن توجهاتم بصورة عامة حسب قوله ميّالة للتوجهات الإسلامية في السودان والمنطقة وتوقع أن يكون ناتج ذلك في مصلحة الوحدة بين هذه الدول.