ولد الشريف محمد الأمين الخاتم بقرية (أم سنط) بالقرب من (كركوج) من الجهة الشمالية في سنة 1906م، وتكفل برعايته جده الشريف النور، بعد سفر والده إلى مكة، ووفاته بها. وكان جده بمثابة الأب العطوف. الحاني وقد حفظ الشريف محمد الأمين الخاتم القرآن الكريم ودرس الفقه عند أستاذه الشيخ القرشي ود الزين، وأخذ عليه الطريق السماني، وقصده طلاب القرآن، والعلم والمريدون في الطريق، ولم يشأ أن يغادر كركوج قط منذ أن أسس مسيده بها، وظل منقطعاً للعبادة ولم يرقد قط على فراشٍ وثير مريح بل كان يرقد على عنقريب بدون فرش أو على سجادة أو فروة. وقد أوصى الشريف الخاتم قبل سفره إلى مكة بأن يتولى ابنه الشريف محمد الأمين الخلافة بعد وفاته، وفعلاً واصل مهمة أبيه فيما بعد، في تحفيظ وتدريس القرآن الكريم والعلم والفقه ومعالجة المرضى. وكان الشريف محمد الأمين الخاتم في حياته يتمتع بخلقٍ رفيع، ومروءةٍ، وطيبة قلب ومودةٍ وشهامةٍ لا تجارى، وهو يعامل كل مرتاديه وزواره على أساسٍ إنساني بحت لا على أساس وظائفهم ومراتبهم الدنيوية! وظل مسيد الشريف محمد الأمين الخاتم في (كركوج) نظيفاً منتظماً طيلة حياته وبعد وفاته، يسوده حسن التنسيق والانضباط برغم كثرة الزوار، ومن طرائف ما يذكر في هذا الصدد: أن الشريف قد منع أبناءه من قطع شجرةٍ كانت أمام حجرته، ولم يخبروه بالسبب الذي دعاهم لمحاولة قطع الشجرة، ولكنه منعهم قائلاً لهم: لا تقطعوها فهي لضيوفي المهاجرين الذين يأتون سنوياً من مكانٍ بعيد، فأين سأستضيفهم إذا قطعتم الشجرة؟ ومن الشواهد التي تُروى عن الشريف محمد الأمين عندما كان خارجاً في أيام العيد، شاهد طائرة تتهاوى إلى الأرض، فحرك الشريف اصبعه يمنة ويسرة قائلاً: يا لطيف يا سلام، سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يكتب السلامة لراكبيها، ثم جلس على الأرض رافعاً كفيه إلى السماء مردداً بعض الآيات القرآنية في خشوعٍ وابتهال، وسمع جميع سكان (كركوج) في ذلك اليوم صوتاً مدوياً حيث إن طائرتين إحداهما كانت تقل خليل عثمان وآخرين هبطت بسلامٍ، والأخرى تهاوت إلى الأرض ولهب النار يندلع منها بعنفٍ، وجرى كل من في كركوج مدركين أن كل من في الطائرة قد هلكوا! ولكنهم بفضل الله تعالى خرجوا جميعاً من الطائرة سالمين، ومنهم السيد دفع الله الحاج يوسف. وللشريف محمد الأمين الخاتم مجموعة من المخطوطات الأدبية والدينية نرجو أن ترى النور قريباً. المرجع: كتاب (معالم وأعلام) للأستاذ صديق محمد أحمد البادي.