بيان مالك عقار الذي أصدره من مهربه في جوبا أمس، حول ما حدث في مدينة الدمازين، بيان هزيل ومتناقض ومنهزم، يعبِّر بالفعل عن حالة الذهول والإحباط التي يعيشُها هذا الرجل، الذي كان يظنُّ أنَّه يستطيع كلمح البصر، السيطرة على المدينة وفرض الأمر الواقع واحتلال الولاية من أقصاها لأدناها، ثم إكمال بقية المخطَّط المرسوم لزعزعة الاستقرار في السودان كلِّه والزحف نحو الخرطوم كما يحلم الحالمون. في بيانه البائس حاول عقار التعلُّق برواية لا تقف على قدمَين حول ملابسات ما جرى، زاعماً أن قائد القوات المشتركة بالولاية العميد الجندي سلميان التابع لحركته الشعبية ورتل من قواته ومعه عدد من كبار ضباطه كان في طريقه لحضور اجتماع مع الوالي في مدينة الكرمك يوم 3/9/2011م، تعرَّض لإطلاق نار من القوات المسلحة عند البوابة وحدث اشتباك استمر لعشرين دقيقة، وبعد خمس عشرة دقيقة كما يقول بيان عقار المتهافت هاجمت القوات المسلحة ثمانية مواقع لما يسمى بالجيش الشعبي ومنزل الوالي، وبعدها حدث ما حدث من مواجهات إلى أن تراجعت وحدات قوات عقار كما جاء في بيانه. ويزعم عقار أن ما حدث كان يمكن أن يشكِّل حادثاً معزولاً نتيجة خطأ بشري محدَّد وينتهي الأمر..!! ويزيد في مزاعمه أن القوات المسلحة كانت تخطِّط لما جرى ذاكراً ما سمّاه باستعداداتها وتعزيزاتها العسكرية التي وصلت الدمازين، وأن التخطيط حسب افتراءات الرجل يمكن أن يكون منذ خمسة عشر يوماً، وكعادة قيادات الحركة في الكذب زعم لقواته انتصارات زائفة كذَّبها الواقع، مع وعد خجول بأنه وقواته انسحبوا وتراجعوا خارج الدمازين وسيطروا على مواقع الوحدات المشتركة من القوات المسلحة واستولوا على مركبات وإمدادات عسكرية!! هذا هو ملخص بيانه الذي أصدره وهو بيان فيه رائحة الهزيمة النكراء والصدمة النفسية التي يعاني منها بعد فشل المخطَّط، وتحوُّله لطريدة خارج البلاد يتسوَّل العون والدعم والسند، وهذا يتّسق مع ما راج من أخبار عن محاولاته توضيح موقفه للخرطوم عن طريق وسطاء في الداخل والخارج والجوار الإقليمي. روح الهزيمة التي تطل من خلال بيان عقار تكشف بجلاء الخسارة الكبيرة له ولحركته في عملية الدمازين وكلفتها الباهظة التي لم تكن في الحسبان، مما يؤكد أن كل حسبات الحركة الشعبية وتقديراتها كانت تحلق في فضاء الوهم والخيال، فعقار من قبل زعم أن الحكومة في الخرطوم ضعيفة لا تقوى على شيء، وقابل الإحسان بالإساءة، ففي واحدة من اكتشافاته الغريبة والمضحكة قال: «عندما جئنا للخرطوم بعد نيفاشا كنا نخاف المؤتمر الوطني وحكومته وعندما أدخلنا أيدينا في فم المؤتمر الوطني لم نجد له أسنانًا ولذلك لا نخشاهم الآن»!! فهل وجد عقار الأسنان والسنان الآن أم لم يجد، والغريب أن القوات المسلحة في استعادتها لمدينة الكرمك من حركة قرنق في عام 1987 قبل الإنقاذ أطلقت على العمليات العسكرية اسم «غضبة الحليم»، وبالطبع عقار لا يتعلّم من الدرس السابق، وظنَّ الحلم ضعفاً والسكوت على تجاوزاته خلال الفترة الماضية عجزاً لا يستطيع أحد في الخرطوم أن يُلقمه حجراً ويصليه من نار الحرب التي أطلقها وهو لا يعرف عواقبها وخاتمة مطافها.. الطابور الخامس المساند للحركة الشعبية في الداخل مصاب بذات الذهول الذي في قلب عقار، لقد ألجمت الخيبة ألسنتهم، وآن الأوان لمواصلة مسار تصحيح الأوضاع في البلاد وعدم الالتفات لدعوات الوسطاء من الخارج والداخل، حتى تستقيم الأمور وتتضح المسالك وتستقر الأمور، عندما تكون الحركة الشعبية قد كُشطت من السودان تماماً فهي أضعف وأوهى من بيت العنكبوت، فاتفاقية نيفاشا القوى السياسية هي التي صنعت منها شيئاً مذكوراً ونفختها حتى انتفشت وظنّتْ جهلاً أن ساعدها استوى!