الاجتماع الذي دُعي إليه السيد رئيس الجمهورية مع رؤساء الأحزاب خطوة إيجابية يجب دعمها من الجميع، فالوضع الخطير يستدعي جمع الصف الوطني والوقوف جميعاً يداً واحدة لإنقاذ البلاد!! لكم هو عظيم أن يجلس البشير مع الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني ونقد، ولماذا لا يجلس الترابي مع البشير فالذي بينهما ليس شخصياً بأية حال من الأحوال حتى يختصما، وما بينهما أكبر من ذلك بكثير، إن ما بينهما هو مصير أمة بأكملها، وتلك مسؤولية لو تعلمون عظيمة، وتلك مسؤولية لا يسأل عنه مجلس الأمن أو أمريكا تلك مسؤولية أمام الله جل وعلا تتلخص في سؤال واحد تسأله الملائكة: فيم كنتم؟!! وتاريخ الإسلام حافل بمثل هذه المواقف العظيمة، ومنها أذكر موقف خالد بن الوليد أمام أمير المؤمنين عمر رضي الله عنهم جميعاً!! حين عزل أمير المؤمنين خالداً عن قيادة الجيش، سرت الشائعات في المدينة، وأراد أمير المؤمنين أن يدحض هذه الشائعات فشكّل محكمة كان قاضيها الصحابي الجليل عبدالرحمن بن عوف والمتهم فيها أمير المؤمنين الذي وقف في قفص الاتهام والمتظلم خالد بن الوليد!! لن أدخل في تفاصل المحكمة ولكن سأورد خبراً جاء أثناء المحكمة في عز مداولاتها حيث دخل المحكمة صاحب البريد وأعطى رسالة لرئيس المحكمة الذي قرأها وأعطاها لأمير المؤمنين وهو في قفص الاتهام وأمره بقراءتها على الحضور!! كان محتوى الرسالة يحمل أمراً جللاً، أسطول الروم يقترب من شواطئ جدة ويا للهول..!! ما إن قرأ أمير المؤمنين الرسالة.. وتذكروا أن اسمه عمر.. حتى تحولت المحكمة إلى هيئة أركان للقوات المسلحة الإسلامية!! وهنا تحدث خالد.. إنه سيف الله.. طالباً إنهاء المحكمة فالأمر الذي تتداوله يهون أمام الخطر الذي يتهدد أمة الإسلام، بل وطلب من أمير المؤمنين الإذن بالالتحاق بالجيش جندياً لا قائداً ووافق أمير المؤمنين على الطلب!! وبينما هيئة الأركان تناقش الخطط لمواجهة أسطول الروم، فإذارسالة ثانية تأتي لأمير المؤمنين تقول إن أسطول الروم لم يكن ينوي عدوانًا إنما جاء للتزوُّد بالماء، فأخذ ما يحتاج إليه وغادر شواطئ جدة!! إن الأمر اليوم يحتاج لموقف مثل موقف خالد، وهو موقف الرجال المؤمنين بقضيتهم وكلاهما موجود بين ظهرانينا، ولم يبق إلا أن يكون عمر عمرا وخالد خالدًا، فالأمر يهدد بقاء الأمة وضياع دينها وهُويتها!! هكذا يتصرف الرجال المؤمنون الذين لا تظهر معادنهم إلا ساعة الحارة!! ومن بعد اللقاء يعقدون هيئة أركان لحماية ما تبقى من السودان، وذلك بالاتفاق على تشكيل حكومة بناء من التكنوقراط لبناء السكة حديد والطرق والمشاريع الزراعية وحصاد المياه واستغلالها كثروة من أغلى الثروات!! وهذه الحكومة تضع في قمة أولوياتها استيراد الحبوب بأنواعها، وفتح رخص الاستيراد للحبوب للتجار المختصين حتى نكون في مأمن من مجاعة أو نقص في الغداء، وحتى لا ترتفع الأسعار ويذوب الجنيه السوداني في غمرة الغلاء!! إنها فرصة عظيمة لخلق نظام اجتماعي واقتصادي، كذلك الذي انشأه الرسول عليه الصلاة والسلام حين وصل إلى المدينة، فكان أن بدأ بالمؤاخاة بين الأوس والخزرج وبينهما وبين المهاجرين من بعد، فكان النظام الاجتماعي والاقتصادي الذي قامت عليه أول دولة إسلامية عرفها التاريخ!! إن الأمر يقتضي أن نرد الأمانة كاملة إلى صاحبها، فالمولى عز وجل استخلفنا على هذه الأرض، ويجب أن نرد الأمانة التي حمّلنا إياها ولكن وحالنا هذه تنطبق علينا صفة الجهول الظلوم!! وكلنا مسؤولون أمام الله من أعلى قمة الهرم إلى قاعه أي من عمر البشير إلى الخفير وإن بقينا على هذه الحال فلن نستطيع يومئذٍ أن نجيب عن السؤال فيم كنتم؟! ولن تكون هناك إجابة مقنعة والنتيجة «أولئك مثواهم جهنم وساء سبيلا».