وفي ذلك ضمان وثيق لحرية الإنسان والحفاظ على كرامته ومصالحه وعدم استبداد أحد به. أما إعطاء سلطة التشريع والأمر لأحد من الناس فهو إشراك في ربوبيته وطريق يؤدي إلى الاستبداد والطغيان والظلم والعسف وإهدار حرية الإنسان والإضرار بمصالحه الخاصة التي لا تصطدم مع المصالح العامة. حقوق الإنسان صفحة «6447» الجزء الثامن. أصدرت الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي الوثيقة التي تضمنت: الحقوق الأساسية للإنسان في الإسلام وهي:- ٭ الحقوق السياسية. ٭ حقوق الأسرة. ٭ حق الانتماء والجنسية. ٭ حقوق التعليم والتربية. ٭ حقوق العمل والضمان الاجتماعي. ٭ حقوق الكسب والانتفاع والملكية الأدبية. ٭ حقوق التقاضي. ٭ حقوق التنقل واللجوء. ٭ حقوق وواجبات أثناء الحروب مفصلة بموادها المرقمة المتسلسلة. هذا بالإضافة إلى ما أصدره العلامة أحمد شاكر القاضي الشرعي وعضو المحكمة الشرعية العليا سابقاً وشيخ المحدثين في مصر في ذلك الوقت والمتوفى سنة 1377ه. أصدر كتابه: الكتاب والسنة يجب أن يكونا مصدر القوانين في مصر دار الكتب السلفية بعابدين 1363ه 1944م واقترح فيه خطة عملية علمية لكيف يمكن أن تصدر القوانين الإسلامية مأخوذة من الكتاب والسنة. وبعد هذا الاستعراض المفصل يتضح أن ما جاء في الورقة التي عنوانها علاقة الدين بالدولة من أن «مصطلح الشريعة الإسلامية مصطلح مستحدث» كلام باطل لا يستند إلى أي سند علمي فالشريعة الإسلامية ليست مصطلحاً ولا مستحدثاً بل هي أمر رباني ورد به القرآن الكريم وهو ملزِم لكل مسلم. وليس صحيحاً أيضاً أن المصطلح أصبح يستعمل مؤخراً بمعنى «مدونة القوانين الإسلامية» دون أي اجتهاد لإعداد مثل هذه المدونة». وهذا أيضاً قول باطل لا يستند إلى حقيقة تاريخية ولا علمية بل الفقه مدون تدويناً كاملاً كما مر. كما أن مراجع فقه الدولة لا تكاد تُحصر كثرة وهي المراجع الأساسية التي أنشأها علماء الإسلام قديماً وحديثاً وعندي منها أكثر من عشرين مرجعاً أساسياً سوى ما ذكرت. وأن وسائل الاتصال الحديثة وافية لمن أراد أن يراجعها «الإنترنت». وممعن في الخطأ أيضاً القول كما جاء في الورقة «ورغم حداثة المصطلح فإنه قد أسيء استعماله إذ أصبح يعني مجرد تنفيذ الحدود دون التفكير في حكمة نزولها أو ضوابط تنفيذها التي تدرأ الحدود بالشبهات ومع تجاهل تام للمعنى الأوسع المتمثل في الالتزام بالمقاصد الكلية ومبادئ العدالة الاجتماعية في الإسلام. فهذا قول من لم يطّلع على قواعد الشرع وتفاصيل الفقه ولم يكلف نفسه باستشارة المراجع الكثيرة في هذا الأمر. ثم ذكرت الورقة شيئاً تركته مبهماً معمماً وهي تشتكي من أن الفقه لم يدون ولم يفصل. ذكرت الورقة أنه صدرت وثيقة عن الأزهر بعد حوار قاده الأزهر مع مجموعة من المفكرين الإسلاميين والليبراليين والعلمانيين المصريين أجمعوا على مبادئ أوردوها في وثيقة جامعة حظيت بقبول الجميع وانتهت إلى توصية بقيام دولة مدنية واعتمدت نفس الفكرة التي طرحها البروفيسور خليل في ورقته إذ ورد فيها «دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمة... الخ». هل هذا كلام علمي يستحق أن يورد ويناقش في أمر خطير كهذا، أين الوثيقة ومتى صدرت ومن هم الذين ناقشوها وأصدروها، لا بد من هذا حتى يتسنى لكل من أراد أن يناقش تلك الوثيقة أن يكون على علم بحقيقتها وبعد ذلك فكل إنسان يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وخلاصة الأمر أن الورقة التي طرحها مركز الأيام للدراسات الثقافية والتنمية ومجموعة الأيام للدستور ليست ورقة علمية لا بالمنهج الإسلامي ولا بالمنهج الغربي. فكان لزاماً على الذين طرحوا الورقة أن تكون الورقة موثقة من المصادر الإسلامية ما دامت تتحدث عن علاقة الدولة بالدين ثم بعد ذلك أن يوردوا آراءهم وتعليقاتهم عليها أما بخلاف ذلك فلا يعدو أن يكون إيراداً لما يظنونه رأي الإسلام. ولا يسعني أخيراً إلا أن أشكر مركز الأيام والقائمين بأمره ومقدمي الأوراق والحضور على ما أتاحوه لنا من فرصة للمناقشة الحرة وعلى رأسهم الأستاذ محجوب محمد صالح مدير الندوة. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين