شاهد.. مقطع فيديو للفريق أول شمس الدين كباشي وهو يرقص مع جنوده ويحمسهم يشعل مواقع التواصل ويتصدر "الترند"    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    محمد وداعة يكتب: مصر .. لم تحتجز سفينة الاسلحة    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    لم يقنعني تبرير مراسل العربية أسباب إرتدائه الكدمول    نشطاء قحت والعملاء شذاذ الافاق باعوا دماء وارواح واعراض اهل السودان مقابل الدرهم والدولار    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور الطيب زين العابدين والشريعة
نشر في السودان الإسلامي يوم 01 - 09 - 2012

بدعوة كريمة من مركز الأيام للدراسات الثقافية والتنمية مجموعة الأيام للدستور بالتعاون مع مؤسسة فريدريش أبيرت الألمانية حضرت الندوة المقامة في فندق ريجنسي (المرديان سابقاً) يوم 2/5/2012م وكان من ضمن المتحدثين الأخ الدكتور الطيب زين العابدين إلى جانب متحدثين آخرين قدم الدكتور ورقة تضمنت علاقة الدين بالدولة وشملت مواضيع أخر.
وقد جاء في تقديم الدكتور الطيب قوله إن كلمة شريعة لم ترد في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة ولا في أقوال الفقهاء. كما أن الورقة التي قدم لها بعنوان علاقة الدين بالدولة جاء فيها في صفحة «10» (إذ لاحظت الورقة الأولى عدة نقاط هامة إذ لاحظت أن مصطلح «الشريعة الإسلامية» مصطلح مستحدث لم يرد لدى فقهاء المذاهب الأربعة من قبل وأن المصطلح أصبح يستعمل مؤخراً بمعنى «مدونة القوانين الإسلامية» دون أي اجتهاد لإعداد مثل هذه المدونة، ورغم حداثة المصطلح فإنه قد أسيء استعماله إذ أصبح يعني مجرد تنفيذ الحدود دون التفكير في حكمة نزولها أو ضوابط تنفيذها التي تدرأ الحدود بالشبهات، ومع تجاهل تام للمعنى الأوسع المتمثل في الالتزام بالمقاصد الكلية ومبادئ العدالة الاجتماعية في الإسلام).
في تقديمه لهذه الورقة قال الدكتور الطيب زين العابدين إن كلمة شريعة لم ترد في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة ولا في أقوال الفقهاء. وحينما فتح باب النقاش طلبت الفرصة وتكرم مدير الجلسة فأعطاني الفرصة لأعلق على الورقة وعلى كلام الدكتور الطيب وكان الدكتور الطيب حينذاك قد اعتذر قبل فتح باب النقاش وغادر القاعة.
رددت على كلام الدكتور الطيب وعلى بعض ما ورد في الورقة بما فتح الله به علي وبما يسمح به وقت المناقشة في مثل هذه الحالة.
ولما كان الأمر يقتضي الرجوع إلى المراجع وإلى أن يطلع الدكتور الطيب على ردي أن أنشر ذلك على صفحات الجرائد لتعم الفائدة خاصة أن بعض من كان في القاعة قد استمعوا لكلام الدكتور فمن حقهم عليّ أن يعرفوا ردي تفصيلاً عسى أن يقود النقاش في الأمر إلى مداخلات تستند إلى مراجع علمية فيتمكن كل إنسان أن يقدر الصواب من الخطأ مما يقرأ.
القرآن الكريم:
قال تعالى: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً) «صدق الله العظيم» «سورة المائدة» الآية «48».
قال الراغب الاصفهاني المتوفي سنة 503ه «رحمه الله» «معجم مفردات ألفاظ القرآن» دار الكتب بيروت 1418ه 1997م صفحة «290»
فذاك إشارة إلى أمرين:
أحدهما: «ما سخر الله تعالى عليه كل إنسان من طريق يتحراه مما يعود إلى مصالح العباد وعمارة البلاد» وذلك المشار إليه بقوله: (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً) «سورة الزخرف» الآية «32».
الثاني: ما قيض له من الدين وأمره ليتحراه اختياراً مما تختلف فيه الشرائع ويعترضه النسخ ودل عليه قوله: (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها) «سورة الجاثية» الآية «18».
قال ابن عباس رضي الله عنهما «الشرعة ما ورد به القرآن والمنهاج ما وردت به السنة».
وقوله: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) «سورة الشورى» الآية «13». فإشارة إلى الأصول التي تتساوى فيها الملل فلا يصح عليها النسخ كمعرفة الله تعالى ونحو ما دل عليه قوله تعالى: (ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً) «سورة النساء» الآية «136».
قال ابن كثير «رحمه الله» المتوفى سنة 747ه في تفسيره صفحة «588» طبعة الأندلس «فإن الشرعة هي الشريعة» وقال تعالى: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) «سورة النساء» الآية «13». أما ورود كلمة شريعة في كلام الفقهاء فهو أكثر من أن يحصر فلا يكاد كتاب من كتبهم يخلو منه ومن ذلك ما كتبه ابن تيمية رضي الله عنه «السياسة الشرعية في اصلاح الراعي والرعية» وما كتبه تلميذه ابن القيم «رحمه الله» «الطرق الحكمية في السياسة الشرعية» وما كتبه الراغب الاصفهاني «الذريعة إلى مكارم الشريعة» دار الطباعة والنشر والتوزيع المنصورة 1408ه 1987م.
هذا ما كان من أمر ورود كلمة شريعة.
أما ما جاء في الورقة عن علاقة الدين بالدولة فإني أشير إلى فقرات من كتاب «الفقه الإسلامي ومدارسه» للعلامة الشيخ مصطفى أحمد الزرقاء «رحمه الله» دار العلم دمشق 1416ه 1995م.
وهو الكتاب الذي كتبه الشيخ الزرقاء بطلب من منظمة اليونسكو حينما أرادت أن تصدر مرجعاً إسلامياً في الفقه وغيره من علوم الإسلام يقوم بكتابته متخصصون مسلمون بديلاً للكتاب الذي أصدرته المنظمة من تأليف مستشرقين ومنهم يهود وأثار ضجة عالمية فقررت إلغاءه.
قال في صفحة «16»
الفرق بين الشريعة الإسلامية والفقه
فالشريعة هي القرآن الموحى به من الله تعالى إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم والسنة النبوية وهي أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله التي هي شرح وتفصيل لما أجمله القرآن وتطبيق عملي لأوامره ونواهيه وإباحاته باعتبار أن كل ما يصدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم متصلاً بتفسير الشريعة وتطبيقاتها، ليس من عند نفسه ومن رأيه الشخصي وإنما هو وحي يوحى من الله تعالى إليه وفقاً لقوله تعالى في القرآن الكريم: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) «سورة النجم» الآيتان «3 4».
أما الفقه: فهو ما يفهمه العلماء من نصوص الشريعة وما يستنبطونه من تلك النصوص ويقررونه ويؤصلونه وما يقعدونه من القواعد المستمدة من دلالات النصوص... فالشريعة معصومة وهي في العقيدة الإسلامية صواب وخير كلها تهدي الحياة الإنسانية إلى الطريق المستقيم... والفقه قابل للمناقشة والتصويب والتخطئة ولكن التخطئة تنصرف إلى فهم الفقيه لا إلى تخطئة النص الشرعي.
وهناك أحكام قررتها نصوص الكتاب والسنة قطعية الثبوت والدلالة وذلك مثل وجوب الصلاة والزكاة وصوم رمضان والوفاء بالعقود والجهاد بحسب الحاجة وقدر الطاقة فهذه لها القدسية والعصمة وما يقبل المناقشة أحكام سكت عنها الشارع أو ذكرها ولكن ليست قطعية الثبوت أو الدلالة.
وقال في صفحة «86»
«إنه في آخر الدولة العثمانية وضعت مجلة الأحكام العدلية متضمنة أحسن الآراء الفقهية المختلفة في المذهب الحنفي وصيغت في مواد بأرقام مسلسلة وأصدرت سنة 1293ه فكانت أول قانون مدني مستمد من الفقه الإسلامي الحنفي وأصبح بهذا القضاة والمتقاضون جميعاً في الدولة أمام حكم إلزامي واحد في كل مسألة من المسائل».
ثم قال في صفحة «87»
«هذا وإن اختيار بعض الآراء الفقهية في وقت ما لتقنينه وتوحيد الحكم القضائي عليه لا يمنع تغيير هذا الاختيار واستبدال غيره به كلما تبدلت الظروف والحاجة أو رؤي أن غيره أصلح منه».
وقد أخذت بعض البلاد التي انفصلت عن الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى سوريا لبنان العراق الأردن بهذا القانون من المجلة العدلية.
ثم في صفحة «109»
«ففي الإسلام الحاكم والرعية «المواطنون» مكلفون جميعاً على حد سواء بتنفيذ شرع الله وليس لهم تبديله. ومن هنا الفارق الكبير بين الإسلام والديمقراطية بمفهومها العلمي حيث يعتبر فيها الحكم للشعب بحسب إرادته بواسطة ممثليه فله أن يضع نظامه ومبادئه العامة كما يشاء، وأن يغير ويبدل فيها «ولو من الشيء إلى ضده» كما يشاء فالديمقراطية شعارها حكم الشعب بالشعب للشعب».
أما الإسلام فيقول في كتابه الدستوري وهو القرآن الكريم: (إن الحكم إلا لله) «سورة يوسف» الآية «40».
فلا استبدال لولي الأمر بل شورى وهو والأمة مكلفون بتنفيذ حكم الله، وليس لهم تبديله وإنما لولي الأمر إصدار أوامر تنظيمية لحسن تنفيذه بطريقة الشورى وتجب حينئذ طاعتها فليس لرئيس الدولة الحاكم في الإسلام ولا للشعب أو الأمة أن يسقطوا الزكاة مثلاً عن المكلفين في أموالهم أو أن يبيحوا لهم الخمر أو الزنا بينما يجوز ذلك في قواعد الديمقراطية التي يعتبر فيها الشعب هو المشرع لنفسه بإرادته الحرة كما أنه هو حاكم نفسه بواسطة ممثليه الذين يختارهم بأكثرية أفراده المؤهلين».
لقد كان الفقه الإسلامي في الماضي اجتهاداً فردياً في كثير من الأحيان ولكن رأي المسلمين في الوقت الحاضر بواسطة العلماء أن يكون الفقه جماعياً وكان من ثمرة ذلك:-
أ/ أسبوع الفقه الإسلامي بدمشق في شوال 1380ه «نيسان 1961م».
ب/ مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في القاهرة 1961م.
ج/ مؤتمر مدينة البيضاء في ليبيا الذي دعت إليه الجامعة الليبية.
د/ مؤتمر الفقه الإسلامي في الرياض عام 1396ه 1976م بدعوة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
ه/ ثم أنشأت رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة «مجمع الفقه الإسلامي» الذي انعقدت دورته الأولى في مكة المكرمة في شهر صفر 1405ه 11/1984م ويضم هذا المجمع عضواً عاملاً من كل دولة من دول منظمة المؤتمر الإسلامي.
و/ ثم مجمع الفكر الإسلامي في باكستان الذي يقدم توصياته الشرعية في شأن جميع التشريعات التي تعرض على البرلمان «المجلس الوطني» وكان من أعظمها الخطة التفصيلية التي أعدها خلال أكثر من سنتين ثم قدمها للحكومة في حزيران 1980م عن كيفية إلغاء الفائدة الربوية في الاقتصاد الباكستاني واحلال معاملات شرعية بديلة محلها.
ز/ ثم ولد أول قانون مدني حديث في أسلوبه وترتيبه وتبويبه مستمداً من الفقه الإسلامي بمختلف مذاهبه وذلك في المملكة الأردنية على يد لجنة من رجال الفقه والقانون مع مذكرة ايضاحية وذلك في عام 1976م وحل محل مجلة الأحكام العدلية التي كانت معمولاً بها في الأردن حتى ذلك التاريخ ثم بادرت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أخذه كاملاً وإصداره قانوناً مدنياً لها كما أفادت منه جمهورية السودان عام 1983م.
ح/ وفي دولة الكويت صدرت الموسوعة الفقهية من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في طبعتها الأولى 1412ه 1992م متضمنة كل أبواب الفقه الإسلامي بحسب الحروف الهجائية من الألف حتى الياء وكان الشيخ الزرقاء «رحمه الله» عضواً فيها وقد اكتملت بعد وفاته.
ومما جاء فيها في صفحة «17»
«ومن هنا ينبغي أن يعلم أنه لا حق في التشريع إلا لله وحده كقوله تعالى: (إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين) «سورة الأنعام» الآية «57». فليس لأحد كائناً من كان أن يشرع حكماً سواء ما يتصل بحقوق الله أو حقوق العباد لأن هذا افتراء على الله وسلب لما اختص به نفسه: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ٭ متاع قليل ولهم عذاب أليم) «سورة النحل» الآيتان «116 117».
وجاء في صفحة «21»
«أما دعوى أن الفقه الإسلامي لم يعالج مشكلات العصر فهذه دعوى كذبها التاريخ لأن الفقه حكمت به دول وشعوب مختلفة على مدى ثلاثة عشر قرناً فكان فيه لكل مشكلة حل حتى في عهد التقليد والجمود».
ومما جاء في الموسوعة الفقهية عن الجهد الجماعي في المؤلفات الفقهية الجارية مجرى الموسوعات: الكتاب المعروف في الفقه الحنفي بالفتاوى الهندية والذي اشترك في انجازه «23» فقيهاً من كبار علماء الهند بطلب وتمويل ملكها «محمد أوزنكريب» الملقب «عالم كير» أي فاتح العالم ولذا سميت الفتاوى العالمكيرية» الموسوعة صفحة «52» وفي يوليو 1951م عقد أسبوع الفقه الإسلامي بباريس داعياً إلى عمل موسوعة فقهية وذلك في كلية الحقوق في جامعة باريس برئاسة المستشرق المسبوميو Millot «أستاذ التشريع الإسلامي في كلية الحقوق بجامعة باريس» وكان من المشتركين فيه الأستاذ الشيخ مصطفى أحمد الزرقاء صاحب الكتاب الذي نقلنا منه وجاء في صفحة «129» وفي خلال بعض المناقشات وقف أحد الأعضاء وهو نقيب محاماة سابق في باريس فقال: «أنا لا أعرف كيف أوفق بين ما كان يُحكى لنا عن جمود الفقه الإسلامي وعدم صلاحيته أساساً تشريعياً يفي بحاجات المجتمع العصري المتطور وبين ما نسمعه الآن في المحاضرات ومناقشتها مما يثبت خلاف ذلك تماماً ببراهين النصوص والمبادئ». وفي ختام المؤتمر وضع المؤتمرون بالإجماع التقرير الذي ترجمته كما يلي:
أ/ إن مبادئ الفقه الإسلامي لها قيمة «حقوقية تشريعية» لا يمارى فيه.
ب/ وإن اختلاف المذاهب الفقهية في هذه المجموعة الحقوقية العظمى ينطوي على ثروة من المفاهيم والمعلومات ومن الأصول الحقوقية هي مناط الإعجاب وبها يستطيع الفقه الإسلامي أن يستجيب لجميع مطالب الحياة الحديثة والتوفيق بين حاجاتها».
الفقه الإسلامي وأدلته:
أصدر الدكتور وهبه الزحيلي موسوعة الفقه التي انتظمت كل فروع الفقه الإسلامي بالعنوان أعلاه فكانت الطبعة الأولى 1984م من دار الفكر دمشق سوريا. وبإصدارها كانت هناك موسوعتان للفقه الإسلامي الأولى التي صدرت في الكويت والثانية هي موسوعة الدكتور وهبه الزحيلي. انتظم الجزء الثامن من هذه الموسوعة وهو مجلد كامل ما يتعلق بالدولة في الإسلام من حيث التشريع والإدارة والحقوق والواجبات وكل ما يحتاج إليه من سياسة داخلية أو خارجية أو غير ذلك فمن أراد أن يدرس كل ما يتعلق بالدولة في الإسلام فعنده مرجع كامل هو الجزء الثامن من هذه الموسوعة.
أود أن أشير هنا بإيجاز إلى أمرين: الأول هو سلطة التشريع في الإسلام والثاني هو حقوق الإنسان في الإسلام حتى يتبين الذين يرفعون شعار حقوق الإنسان ووجوب تضمينه في الدستور بحسب ما أصدرته الأمم المتحدة من مواثيق كوثيقة سيداو وغيرها أن في الإسلام حقوقاً وافية مستمدة من الفقه الإسلامي.
سلطة التشريع ص «6133»
السيادة: سلطة التشريع في الحكم الإسلامي:
«لا خلاف بين المسلمين في أن مصدر جميع الأحكام التشريعية من أوامر ونواه هو الله تعالى لا يشركه فيه أحد من الناس فيما وضع من مبادئ وأصول وتشريعات مفصلة محددة وطريق التعرف عليها ما أنزل الله في قرآنه أو أوحى به إلى نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد تضافرت النصوص القرآنية على استقلال الله بهذه السلطة فيما شرع من أحكام مثل قوله تعالى: (إن الحكم إلا لله) «سورة يوسف» «12/40».
(إن الأمر كله لله) «سورة آل عمران» «3/153».
(فالحكم لله العلي الكبير) «سورة غافر» «40/12».
(وهو خير الحاكمين) «سورة الأعراف» «7/87».
(وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق) «سورة المائدة» «5/47».
(ومن لم يحكم بما أنزل فأولئك هم الظالمون) «سورة المائدة» «5/45».
أو (الكافرون) «سورة المائدة» «5/44».
أو (الفاسقون) «سورة المائدة» «5/47».
وفي ذلك ضمان وثيق لحرية الإنسان والحفاظ على كرامته ومصالحه وعدم استبداد أحد به.
أما إعطاء سلطة التشريع والأمر لأحد من الناس فهو إشراك في ربوبيته وطريق يؤدي إلى الاستبداد والطغيان والظلم والعسف وإهدار حرية الإنسان والإضرار بمصالحه الخاصة التي لا تصطدم مع المصالح العامة.
حقوق الإنسان صفحة «6447» الجزء الثامن.
أصدرت الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي الوثيقة التي تضمنت: الحقوق الأساسية للإنسان في الإسلام وهي:-
٭ الحقوق السياسية.
٭ حقوق الأسرة.
٭ حق الانتماء والجنسية.
٭ حقوق التعليم والتربية.
٭ حقوق العمل والضمان الاجتماعي.
٭ حقوق الكسب والانتفاع والملكية الأدبية.
٭ حقوق التقاضي.
٭ حقوق التنقل واللجوء.
٭ حقوق وواجبات أثناء الحروب مفصلة بموادها المرقمة المتسلسلة.
هذا بالإضافة إلى ما أصدره العلامة أحمد شاكر القاضي الشرعي وعضو المحكمة الشرعية العليا سابقاً وشيخ المحدثين في مصر في ذلك الوقت والمتوفى سنة 1377ه. وفي كتابه: الكتاب والسنة يجب أن يكونا مصدر القوانين في مصر دار الكتب السلفية بعابدين 1363ه 1944م واقترح فيه خطة عملية علمية لكيف يمكن أن تصدر القوانين الإسلامية مأخوذة من الكتاب والسنة.
وبعد هذا الاستعراض المفصل يتضح أن ما جاء في الورقة التي عنوانها علاقة الدين بالدولة من أن «مصطلح الشريعة الإسلامية مصطلح مستحدث» كلام باطل لا يستند إلى أي سند علمي فالشريعة الإسلامية ليست مصطلحاً ولا مستحدثاً بل هي أمر رباني ورد به القرآن الكريم وهو ملزِم لكل مسلم.
وليس صحيحاً أيضاً أن المصطلح أصبح يستعمل مؤخراً بمعنى «مدونة القوانين الإسلامية» دون أي اجتهاد لإعداد مثل هذه المدونة». وهذا أيضاً قول باطل لا يستند إلى حقيقة تاريخية ولا علمية بل الفقه مدون تدويناً كاملاً كما مر.
كما أن مراجع فقه الدولة لا تكاد تُحصر كثرة وهي المراجع الأساسية التي أنشأها علماء الإسلام قديماً وحديثاً وعندي منها أكثر من عشرين مرجعاً أساسياً سوى ما ذكرت. وأن وسائل الاتصال الحديثة وافية لمن أراد أن يراجعها «الإنترنت».
وممعن في الخطأ أيضاً القول كما جاء في الورقة «ورغم حداثة المصطلح فإنه قد أسيء استعماله إذ أصبح يعني مجرد تنفيذ الحدود دون التفكير في حكمة نزولها أو ضوابط تنفيذها التي تدرأ الحدود بالشبهات ومع تجاهل تام للمعنى الأوسع المتمثل في الالتزام بالمقاصد الكلية ومبادئ العدالة الاجتماعية في الإسلام. فهذا قول من لم يطّلع على قواعد الشرع وتفاصيل الفقه ولم يكلف نفسه باستشارة المراجع الكثيرة في هذا الأمر. ثم ذكرت الورقة شيئاً تركته مبهماً معمماً وهي تشتكي من أن الفقه لم يدون ولم يفصل.
ذكرت الورقة أنه صدرت وثيقة عن الأزهر بعد حوار قاده الأزهر مع مجموعة من المفكرين الإسلاميين والليبراليين والعلمانيين المصريين أجمعوا على مبادئ أوردوها في وثيقة جامعة حظيت بقبول الجميع وانتهت إلى توصية بقيام دولة مدنية واعتمدت نفس الفكرة التي طرحها البروفيسور خليل في ورقته إذ ورد فيها «دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمة... الخ».
هل هذا كلام علمي يستحق أن يورد ويناقش في أمر خطير كهذا، أين الوثيقة ومتى صدرت ومن هم الذين ناقشوها وأصدروها، لا بد من هذا حتى يتسنى لكل من أراد أن يناقش تلك الوثيقة أن يكون على علم بحقيقتها وبعد ذلك فكل إنسان يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وخلاصة الأمر أن الورقة التي طرحها مركز الأيام للدراسات الثقافية والتنمية ومجموعة الأيام للدستور ليست ورقة علمية لا بالمنهج الإسلامي ولا بالمنهج الغربي.
فكان لزاماً على الذين طرحوا الورقة أن تكون الورقة موثقة من المصادر الإسلامية ما دامت تتحدث عن علاقة الدولة بالدين ثم بعد ذلك أن يوردوا آراءهم وتعليقاتهم عليها أما بخلاف ذلك فلا يعدو أن يكون إيراداً لما يظنونه رأي الإسلام.
ولا يسعني أخيراً إلا أن أشكر مركز الأيام والقائمين بأمره ومقدمي الأوراق والحضور على ما أتاحوه لنا من فرصة للمناقشة الحرة وعلى رأسهم الأستاذ محجوب محمد صالح مدير الندوة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصل الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.