تعج المواقع الإسفيرية بتراث جم من أدب الهجرة والمهاجرين وقرائح المغتربين وعبقرياتهم جادت بأعظم الكتابات والقصص والحكاوي وبأساليب رصينة ومبدعة فكم من التجليات ولحظات الصفاء الروحي والوجداني انتجت أدبًا خاصًا يعكس حقيقة التفاعلات التي يواجهها السودانيون في مهجرهم وهم يقاسون ويلات الحرمان من الوطن والأهل .. فكتب الشاعر الدبلوماسي الراحل صلاح أحمد إبراهيم رائعة الامبراطور الراحل محمد وردي «الطير المهاجر» كأجمل ما يكتب ويعبر عن حالة المغترب السوداني وهو الذي تفصل بينه وبين وطنه تلافيف المسافات وبحور من الشوق والدموع.. غريب وحيد في غربتو حيران يكفكف دمعتو حزنان يغالب لوعتو ويتمنى بس لي أوبتو طال بيه الحنين فاض بيه الشجن واقف يردد من زمن بالله يا الطير المهاجر للوطن زمن الخريف تطير باسراع ما تضيع زمن اوعك تقيف وتواصل الليل للصباح.. تحت المطر وسط الرياح وكان تعب منك جناح في السرعة زيد في بلادنا ترتاح ضل الدليب أريح سكن وهكذا صاغت الغربة الوجدان السوداني المهاجر وانتجت منه الدرر واللآلئ.. ولأن الغربة في قلوب الشعراء والأدباء حرمان وهجير جعلت من الطالب وقتها فضل الله محمد أن يطلب من طرفه الآخر ألا يسافر ويتركه وحيدًا ..فكانت «الحب والظروف» التي أبدع فيها الموسيقار محمد الأمين.. قصيدة ألهبت مشاعر السودانيين في مهجرهم والحيارى في محرابهم.. قلنا ما ممكن تسافر نحن حالفين بالمشاعر لسه ما صدقنا انك بجلالك جيتنا زائر السفر ملحوق وانت لازم تجبر بالخواطر الغريبة الساعة جنبك تبدو اقصر من دقيقة والدقيقة وانت مافي مرة ما بنقدر نطيقها دنيا بقربك يفرهد كل طائر يحيا فوقها وجنة من بعدك بيذبل كل مخضر فيها ناضر فالوطن يشتاق إليك أيها المغترب وأنت علي جمر المساءات تتقلب بعيداً عن رائحة الطين والجروف.. حيث لا طين ولا جروف هناك وصباح الخير لمن بزغت له شمس الصباح بعيداً عن وطنه فقبل أن تكون الغربة للنفس فهي للوطن أولاً.. لهذا أيها المغترب احمل حقيبتك واتبعني وعد ماذا تحمل في حقيبتك هل نشتم في معطفك رائحة الوطن وعنبر الأفراح .. الأفراح التي ضنت على الأسرة منذ أن ارتحلت إلى هناك أتحمل علم بلدك... صورة مدينتك... مصحفك.. سجادتك.. صورة الأحبة.. وذكرى تلك القرية الصغيرة .. اتشتاق إلى رمالها وحقولها؟ أم أنك ما عدت منشغلاً أو مهتمًا بكل ما تركته خلفك ما الذي أصابك؟ إلى متى أنت هناك أيها المغتربون لماذا لا تفهمون أن ما انقضى من عمر الهجرة هو أيضًا أجل انقضى من مسيرة إنسان ودقات قلب حتمًا سيتوقف يومًا ما أيها المغترب... يحفطك الله!!