تعيش مصر ربيعها الإسلامي الأول منذ أكثر من ستين عاماً عاشها الشعب المصري تحت براثن الدكتاتورية الناصرية في حقبها وأوجهها الثلاثة: الوجه الناصري البغيض.. ثم الوجه الساداتي الكريه ثم أخيراً الوجه المباركي المشؤوم.. إن بصمة السادات وبصمة حسني مبارك على الميراث الناصري لا تغير من حقيقة الأمر شيئاً.. فالحقب الثلاث ظلت تعزف ألحان الكراهية للإسلام وللإسلاميين.. وتسعى إلى عزل الإسلام من الحياة.. وعزل الإسلاميين من الأحداث ومن الوجود الحسي والمادي وتزج بهم في السجون والمعتقلات.. أما الخصومة بين السادات وحسني مبارك من جهة والناصريين من جهة فلا تعبر إلا عن محاولة التنصل من ميراث التبعية والانسياق للتسلط والقهر والشطط الناصري الذي لم يكن السادات أمامه بأكثر من «البكباشي صح» إن الربيع الإسلامي في مصر ربيع حقيقي نسجته مجاهدات ومصابرات المصريين جميعاً بقيادة الإسلاميين غير الرسمية مما تمخض عن الالتحام بين الإسلاميين والشعب المصري في حدث لم يسبق له مثيل في تاريخ الشعوب العربية الإسلامية.. وحقًا كما قال صاحب الزفرات فإن البنا اليوم يقطف ثمرات زرعه الميمون الذي غرسه في منتصف عشرينيات القرن الميلادي الماضي. في المقابل تعيش الحكومة في السودان شتاءً قارساً رغم حمارة القيظ التي تعيشها البلاد في صيف تموز الكالح. والذي يزيد الشتاء السوداني ضراوة وقساوة التصريحات التي ظلت تخرج من أفواه المسؤولين في الإنقاذ بلا تبصر وبلا روية وبلا تفكير.. إن التقليل من شأن المظاهرات.. ورمي المتظاهرين بالسذاجة أو الانقياد أو حتى اتهامهم بالتخريب ومحاولة رفع عصا القانون الغليظة في وجوههم.. لا يساعد في إطفاء الحريق بل هو بمثابة صب الزيت على النار لتزداد اشتعالاً. ومن المؤسف جداً أن رجلاً في قامة محمد الحسن الأمين أشاهده مساء الإثنين وهو يتقزم أمام علي السيد القيادي في الاتحادي الديمقراطي بالرغم من أن محمد الحسن الأمين اشتهر بمواقفه القوية في وجه نظم وحكومات الأحزاب التقليدية الباهتة.. إن محاولات دفاع محمد الحسن الأمين عن النظام بهذه الطريقة الفجة وبهذا الأسلوب المتهافت تضر بالنظام أكثر مما تضر بالمعارضة أو تضر بالمتظاهرين. إن محمد الحسن الأمين يقول أمام علي السيد إن القانون يمنع المطالبة بإسقاط النظام.. لأن النظام نظام شرعي ومنتخب. وبحسب النظام الديمقراطي الذي أقامته الإنقاذ نفسها وأسسته على صناديق الاقتراع فإن المطالبة السلمية بإسقاط النظام مكفولة بالقانون وبالدستور بل إن المطالبة السلمية بتنحي خليفة المسلمين عن القيادة وهو إمام مبايع ليست مما تحرمه الأحكام الشرعية ما دام الخروج ليس بإشهار السلاح أو بالخروج على الحاكم وإعلان الحرب عليه.. في المقابل يدفن الأخ محمد الحسن الأمين رأسه في الرمال ولا يفتح الله عليه ولو بكلمة واحدة تعتبر نقداً أو نصحاً أو استدراكاً على سياسات الإنقاذ ولا على الفساد الذي استشرى بين قيادات الدولة حتى اضطر الرئيس إلى إقامة مفوضية مختصة بالفساد رأسها أبو قناية ولكن حتى كتابة هذه السطور لم يفتح الله عليها ولا على صاحبها بكلمة واحدة.. ولعل الأخ أبوقناية عجز عن تحريك جبل الفساد الإنقاذي.. ولقد لقيته مرة واحدة قبل شهور وبعد تكليفه بمدة وجيزة وكان واضحاً عليه أنه يبحث عن منفذ أو مخرج أو ملاذ.. الأخ محمد الحسن الأمين يتحدث وكأننا نعيش في خلافة الصديق أو الفاروق.. الأخ محمد الحسن الأمين «نقطة نظام» يعلم تمام العلم أن الشرعية تنتقص في زمن الإنقاذ.. إن لم يكن على أيدي أبناء الحركة الإسلامية أو بعضهم على الأحرى.. وعلى أيدي المنظمات الأممية التي رتعت بدولارها الكافر في المؤسسات والمصالح حتى الحكومية تحارب قيم الإسلام وتنشر رذائل وفواحش الغرب.. كل ذلك تحت سمع الإنقاذ وبصرها الأخ محمد الحسن الأمين .. هل تسعى لإسقاط الإنقاذ؟ هل تسعى لتأليب الناس عليها؟ إن حماستك الشديدة واندفاعك في التهديد بالقانون والتلويح به في وجه المتظاهرين يشي بأنك خارج نطاق الحديث وأنت تتكلم عن أمر لا تدرك أبعاده الحقيقية. أراد أحد الشعراء أن يمدح أباه بقصيدة وكان حظه من الشعر مثل حظ أخينا محمد الحسن الأمين من المناظرة.. فعدت قصيدته في أبيه من باب عقوق الوالدين.. أراد أن يمدح أباه فهجاه.. ومحمد الحسن الأمين أراد أن يناصر الحكومة فألّب الناس عليها.. ألم يسمع محمد الحسن الأمين بالحكمة النبوية المشهورة «أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً»؟ ألا يعلم محمد الحسن الأمين أن نصر الظالم أن ترده إلى الحق وإلى الصواب؟ لقد كان حرياً بالأخ محمد الحسن الأمين أن يقول إن الشريعة ظلت تعيش في حالة دغمسة منذ دستور 98 وذلك باعتراف الأخ الرئيس في القضارف. والدغمسة عرابها شيخك الترابي الذي ناصرته ردحاً ثم هداك الله إلى الصواب فهجرته وهاجرت من المنشية إلى ما هو خير منها ولو قليلاً!! لقد ظلت مفوضية «أصل المسألة» لمحاربة الفساد تتحدث عن الجبايات والمكوس وهي البدعة الانقاذية الصرفة التي أعجزت حتى رئيس الجمهورية.. فكم مرة أشار وأمر وأصدر تعلمياته بوقفها.. ولكن دون طائل.. ثم انكشف المستور.. ظهر شيء اسمه التجنيب وكله من مال المكوس والجبايات ثم ظهر أخطبوط آخر اسمه المخصصات وأنا أتحداك عديل يا أخ محمد الحسن الأمين أن تقوم بعملية حسابية لمخصصات نصف عدد الدستوريين الذي اعترفت به الدولة 828 دستورياً أو ثلثهم فستجد أن ذلك يساوي ترليونات كثيرة في العام.. ثم في عشرة أعوام.. !! حسبي الله!! ثم أضف إليه مال الترضيات الذي حظيت به الحركات المتمردة في الشرق والغرب ومن قبل في الجنوب والمال الذي يعطى تحت التربيزة للأحزاب التقليدية المشاركة في الحكم وغير المشاركة والتي جعل محمد الحسن الأمين يستخف بها ويستصغر شأنها في مغالطة إنقاذية فاضحة.. ناسياً أنها شريك في الحكم.. ولو أن المؤتمر ظنها كما ظنها محمد الحسن الأمين لما رضي أن تكون شريكًا له في الحكم!! ولقد ظلت مفوضية أصل المسألة لمحاربة التفكك والانحلال تنوه إلى أن فقه الإنقاذ حول المرأة لا يسنده نقل ولا يقره عقل. إن نسبة ال«25%» التي أقرتها الإنقاذ لمشاركة المرأة في الحكم وفي المؤسسات الدستورية أزأرت النساء على الرجال.. على الآباء والازواج والاخوان والأعمام والأخوال.. وامتلأت دواوين الحكومة ومكاتبها وامتلأت الطرقات والمراكب بما لا يسرك أن تراه ولا أن تقع عليه عينك «ولك الأولى وليس لك الثانية» ولو كنت تنظر إلى وجهها دعك من أردافها وصدرها وخصرها. وكثير من الألفاظ السوقية التي وفرتها لعنة غياب الشريعة وغياب الوالي الحقيقي والحكمي.. ثم نأتي إلى الوزيرات الشابات وأقف عند الشابات والله لا يحب الجهر بالسوء من القول.. رغم أنني كنت سأتحدث عن الحسن ولن يسوءني أن تغضب مني نساء الأرض جميعاً فأمي واحدة.. ولم تكن هكذا رحمها الله.. ولو كن جميعاً أمهاتي ما استحللت مداهنتهن ولا منافقتهن ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.. و«قرن في بيوتكن» وبعد كل هذا لا يجد محمد الحسن الأمين مبرراً لخروج المتظاهرين «ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس». وأقول للأخ الرئيس ثبته الله على الحق والله.. والله الناس ديل ما محرشين.. لكن تحرشهم أقوال نافع وعنترياته ومثل أقوال محمد الحسن الأمين. ومحمد الحسن الأمين يضيق ذرعاً بالنظام الديمقراطي عند ما يمارسه غيره ضده.. أقول له «يداك أوكتا وفوك نفخ» وقد جئتم بالديمقراطية بديلاً من المشروع الحضاري.. وأنا أقول في الديمقراطية قولاً لن يسمح المراقب الداخلي بنشره.. والديمقراطية مشروع علماني وهي والإسلامat logser heads ولن يلتقيا أبداً أبداً. واقول للأخ الرئيس.. إن الإصلاح ميسر وفي متناولك فأقدم وتوكل على الله وأعد هيكلة الحكم في المباني والمعاني والرجال وأقم وجهك لله حنيفاً.. فأنت أول من اكتشف الدغمسة في الشريعة.. ولا تخشى في الله لومة لائم وسيقف خلفك رجال يرون الكرسي مغرماً والبعد عنه مغنمًا. وإن بين المتظاهرين والمحتجين مندسين.. في الطرقات وفي الإنترنت هذا هو القول الصحيح لا ما يقوله محمد الحسن الأمين.. يقومون بالتخريب وحرق الإطارات وتدمير الممتلكات في الطرقات.. ويقومون بسب العلم والعلماء حتى يوشكوا أن يسبوا شرع الله.. وكلها سخائم قد سلها الله ليعرفها أهل الإنقاذ.. بل أهل الحركة الإسلامية لأنهم هم أهل الإنقاذ الذين هم أهلها.. وإذا كان أصحاب العنتريات لا يحسنون كيف إدارة الحكم ولا كيف يميزون بين أعداء الله وأوليائه فنصيحتي لهم أن يترجلوا.. وأمر الله يستغني عن الرجال. ابتهال وضراعة اللهم اشغلني بعيوبي عن عيوب الناس واشغل الناس بما شئت عن عيوبي فإني إن اشتغلت بعيوب الناس أثمت وإن اشتغل الناس بعيوبي افتُضحت وأعوذ بك من يوم حصاده الإثم أو الفضيحة