بالرغم من بدء التنقيب عن الذهب عشوائيًا الذي صاحبته سلبيات عدة ومخاطر انعكست على المنقبين بوفاة أعداد كبيرة منهم إضافة إلى الآثارالصحية والبيئية إلا أن عائداته كان لها أثر واضح في تحسين الوضع المعيشي لعدد كبير من الأسر ورغم الإيجابيات إلا أن آثاره الاقتصادية أثرت سلبًا على الزراعة في انصراف أعداد كبيرة من الأيدي العاملة وانخراطها في التنقيب بجانب التهريب والتكلفة العالية للتأمين ومكافحة التهريب إذ بلغ عدد المنقبين ما يقارب مليون شخص في شتى ولايات السودان المختلفة وسعت الدولة إلى إيجاد بدائل لسد العجز في الموازنة وتنفيذ البرنامج الثلاثي لتجاوز مرحلة ما بعد الانفصال، الذي يهدف إلى تقليص حجم الحكومة بنسبة «45%» في الأعوام «2012 2013»، وإلغاء الدعم عن السلع الإستراتيجية كالقمح والسكر والوقود والواضح أن البدائل المذكورة لا يمكن تحقيقها في المدى القريب، لذلك وضعت الدولة أهمية خاصة للذهب في استقطاب الدعم الخارجي كبدائل جاهزة لتعويض فاقد عائدات نفط الجنوب من خلال التعدين التقليدي ورغم أنه سلعة ناضبة كالنفط ولكنه حقق عائدات كبيرة خلال الربع الأول من هذا العام، ورغم الفجوة الاقتصادية الداخلية والخارجية التي يواجهها اقتصاد السودان أصبح التركيز على البحث عن بدائل لتعويض فاقد النفط الذي أثر خروجه على الميزانية العامة للدولة بنسبة تفوق ال (50%)، ليأتي الذهب في صدارة البدائل لتعويض النفط، لا سيما أن هنالك إنتاجاً للذهب وصادرات عبر الشراكة السودانية والأجنبية، كما أن إنتاج الذهب وتصديره ارتفع بعد التعدين الأهلي لتشكل عائدات صادرات الذهب خلال هذا العام نسبة مقدرة من العائدات إذ بلغ حجم الصادر نحو (45) طن ذهب يتوقع أن ترتفع إلى (60) طناً بنهاية العام، واتجهت وزارة المعادن إلى تشجيع الاستثمار في الذهب ليتم تنظيم قطاع التعدين بدخول شركات استثمارية وطنية ومحلية وأجنبية وقد شهدت توقيع اتفاقات للتنقيب عن الذهب والمعادن المصاحبة نحو (50) شركة وطنية وأجنبية مع وزارة المعادن وأعلنت مؤخرًا أن إيرادات الذهب تغطي (66%) من عجز الموازنة بعد فقدان إيرادات النفط متوقعًا أن يحقق (2,5) مليار دولار بنهاية العام الجاري فيما أكدت وضع إجراءات جديدة لتسهيل عمل الشركات وتقديم كافة التسهيلات وحل الإشكالات التي تعترض عملها ضمن توجيهات رئيس الجمهورية في تذليل كافة العقبات التي تعترض عمل الشركات والمستثمرين في الولايات، خاصة بعد دخول عشرات من الشركات بجنسيات مختلفة في قطاع التعدين بالبلاد، مؤكداً أن الوزارة بدأت خطوات بشأن تكوين آلية تجمع الشركات التعدين في الولايات التي تشهد هذا النشاط حتى تتمكن من تقديم الخدمات للمجتمعات الأهلية كما أكد وزير المعادن كمال عبد اللطيف أن وزارته ستقوم بفتح عدد من النوافذ خلال الشهر الجاري في كل من العبيدية وأبو حمد ودلقو وسودري في مضاعفة الربط المقدر لهذا العام بأكثر من «50» طنًا حيث افتتح وزير المعادن مؤخرًا مع نائب مدير بنك السودان وكلاء بنك السودان نافذة لشراء الذهب بمحلية الصباغ بولاية القضارف، مؤكدًا اهتمام الدولة بالمعدِّنين التقليديين وذلك بفتح نوافذ لشراء الذهب في مواقع الإنتاج تشجيعًا للمنتجين على توريد إنتاجهم للدولة بصورة مباشرة على أن يقوم البنك بشراء الذهب بالسعر العالمي وقال إن هذه الخطوة تعمل على ترقية ثقافة المعدِّنين بالتعامل مع الجهاز المصرفي خاصة بفتح الحسابات واستقطاب التمويل، مبيناً أن وزارته وضعت خطة محكمة بإحداثيات معينة لمربع «161» يجري طرحها على المستثمرين فضلاً عن الإجراءات المتخذة لتوفير عدد من الخرط الجوية والمعلومات الجيولوجية التي تختصر المسافة لدخول الشركات مرحلة الإنتاج، ومن جهته أوضح نائب محافظ بنك السودان بدر الدين أن هذه النوافذ تعمل على تسهيل عمليات البيع والشراء في مواقعهم مما يسهم في مكافحة تهريب الذهب، مؤكدًا أن البنك المركزي يعمل على تشجيع المصارف لفتح فروع لها في مناطق الإنتاج مع العمل على فتح نوافذ جديدة بالبنوك للتمويل الأصغر.. وكشف محمود اكتمال تركيب مصفاة الذهب توطئة لافتتاحها خلال الشهر الجاري، ولم يكن حديث الخبير الاقتصادي بروفيسور عصام عبد الوهاب بعيدًا عن هذا الحديث حينما ركز على الأثر الاجتماعي مبينًا أن الذهب نجم عنه اكتشاف كميات مقدرة وقال إن آثارة الاجتماعية كبيرة حيث شهدت هجرة أعداد كبيرة كما تم تغيير في نمط الحياة بإعادة مصادر دخل جديدة ونبه على أن التعدين التقليدي الأهلي الأكثر حجمًا في السودان مقارنة بالتعدين الرسمي في منطقة ارياب موضحًا أن هنالك أرقامًا تقديرية للتعدين ولا توجد مثلها في الرسمي وأكد بوب أن الآثار الاقتصادية نتجت عنها شبكات منتظمة للاقتصاد الخفي وقال إن التعدين الأهلي أكبر من أن تتحكم فيه الدولة مؤكدًا انعدام رؤية واضحة في كيفية الاستفادة منه وسيظل ينمو بآثاره البيئية المدمرة والاجتماعية المحفوفة بالخطر، وقال: ستظل الحكومة (تجعجع) بأن لها نصيبًا وتتحكم في الذهب وهذا غير صحيح والصحيح أن لها أساليب إدارية واقتصادية للاستفادة منه ولكن لم يتم تطبيقها.. وفي ذات الاتجاه أكد الخبير الاقتصادي د. محمد الناير أن التعدين التقليدي له الفضل في ثورة إنتاج الذهب وتحسين مستوى العديد من الأسر، مبينًا أن التعدين التقليدي تحفه مخاطر كثيرة، داعيًا الدولة للتوسع في التعدين المتنتظم للفائدة العامة، مشيرًا لامتلاكها جزءًا من نصيب الذهب وعائده من النقد الأجنبي لدعم إيرادات الموازنة.