كان يوم إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة بمصر هو يوم استخلاص العبر والدروس حضره تاريخ مصر منذ عهد الفراعنة وقبل ثمانية آلاف سنة كما وصفها المحللون والمراقبون ذلك أن إعلان فوز «محمد مرسي» بتنصيبه أول رئيس مدني مسلم يأتي بانتخابات حرة نزيهة حقيقية تعبر عن تطلعات شعب مصر منذ ذلك التاريخ وثورة 25 يناير 2011. كان من أبرز سمات ذلك اليوم أن شعب الثورة والعقل والضمير الجمعي لشعب مصر جاءوا يستقبلوا ويهنئوا «محمد مرسي» فكان الحرج يكمن في أنه ماذا لو أعلن سواه؟! حضرته أيضاً حركة التاريخ الحديث حقبة استعمار مصر واحتلالها على أيدي الإنجليز وحكم فاروق واندحاره على أيدي ثورة 23 يوليو كما حضره كل رموز تلك الثورة حتى انتهت بآخر رمز لها «حسني مبارك». ولعل لسان حال «محمد نجيب» أول رؤسائها يختلف عن جمال عبد الناصر الذي كان في ذلك الزمن يعبر عن ملامح حقبته المثقلة بشعارات العروبة والخطب الرنانة ومؤتمرات عدم الانحياز ومعسكرات الاتحاد السوفيتي وباندونق والاتحاد والاشتراكي والعلمانية والبطش بالحضور من أبناء شعبه والتنكيل بالإسلاميين ثم النكسة ولجوئه للسودان ومغادرته المفاجئة للحكم قبل أن يحقق لشعبه وأمنه ما كان يعلنه بخلفه السادات الذي سار على نهجه كما وصفوه بالاستيكة لكنه هو الآخر مضى بالنكسة بأسلوب آخر بالرغم من انتصار أكتوبر فجاء بكامب ديفيد وشق الصف العربي وأقصى الخصوم من الذين فجروا معه يوليو وحكاوى «القطط السمان» وضرب مراكز القوى ورويداً رويداً عزل مصر عن عالمها العربي والإسلامي ومكن لإسرائيل دون أن يحقق في حقبته طموحات ذلك الشعب الذي كانت تتكون بذرة 25 يناير في ضميره والسادات لا يعلم.. وتنتهي حقبته وتؤول السلطة «للكارثة» حسني مبارك، وكأنه اقتاده ذلك اليوم للمنصة ليقول له استلم من بعدي «ألبد تحت الطربيزة»!! وينتهي السادات باغتياله و«يلبد» من بعده مبارك بمقدرات وآمال الشعب المصري في حياة حرة كريمة ثم يخطط لتمليك مصر لأبنائه من بعده مفرغاً يوليو كلها في قارورة نسل مبارك!! كان كل ذلك التاريخ حاضراً يوم إعلان النتيجة. ثم إن خطاب محمد مرسي يستوعب كل تلك الأوجاع والمآسي. فبعث الأمل لمصر جديدة أهم ما قدم أمصالاً سريعة لاستئصال تلك الأمراض المزمنة.. أولها وحدة الشعب فحملت خطاباته التي هي في شكل روشتة نفس الأدوية المجربة التي عالجت أممًا من قبل وبدأت بوقاية النخبة الحاكمة من أمراض العصر وزيف الدنيا وحب السلطة والكذب والنفاق والروشتة جاهزة عليها ختم يقول: لينصرن الله من ينصره. لكل من يرغب صادقاً في الشفاء.