{ إذا كان تخفيض الوزراء بالدولة ليس لمعالجة ناجعة لفجوة الموازنة العامة لأنه لا يشكل هذا الحل، ولا للإسهام وإنما كان هذا التخفيض رامزاً لجدية وهمة الحكومة في اجتياز مرحلة الخطر «الإنفاقي»، فإن هذه «الرمزية» خشينا أن تمس استمرار بعض الوزراء الذين يبقى ثمار وجودهم في مواقعهم أهم من رمزية «الضرع بعد الحلب».. وضرع البقرة بعد حلبها لا يدر لعجلها الصغير لبناً كثيراً.. ومن هؤلاء الوزراء وزير الشباب والرياضة بولاية الخرطوم الأستاذ الطيب حسن بدوي، فهو على المستوى الشخصي «طيّب» المعشر، «حسن» السلوك «بدوي» من بوادي جبال النوبة في جنوب كردفان الخضراء الغرّاء، الفرعاء جبالها.. لكن على المستوى السياسي العام فإن السيد الوزير الطيب تحققت على يديه إنجازات شبابية ورياضية نقل بها الولاية من «التقليدية» إلى ركب التقدمية وسط الشباب وفيهم الرياضيون، وكأنما شعارها المرفوع هنا هو «شباب تعمير لا تدمير».. وطبعاً فإن قوات الشرطة في هذا الشعار الشبابي تبقى صاحبة مصلحة حينما تتوقف التظاهرات «السلبية» من أجل حفظ وصون الأرواح والممتلكات العامة والخاصة. استحدث الوزير «الطيب» مراكز شبابية بأحدث طراز بسبب جاذبيتها ورعى كذلك باستشارته مدرسة لاميسيا لتعليم كرة القدم في وقت أصبح فيه أداء كرة القدم واحداً لا فرق بين أندية القمة وأندية الدرجة الثانية كما يشاهد كل مشاهد لكرة القدم. وإذا كان الوزير الطيب من الشباب فلنحرّف أغنية إبراهيم الكاشف ونقول «أصلو النشاط حق الشباب».. ووالي الخرطوم دكتور عبد الرحمن الخضر الذي استفاد من معاونيه الشباب، يبقى هو ممن أرواحهم شباب، فهو أخ الشباب ولا نقول كما يقال «أبو الشباب» رفضاً لمعناها الحقيقي. اغتيال بلندية وقراءة الصورة { الشهيد وبإذن الله إبراهيم بلندية رئيس المجلس التشريعي بجنوب كردفان هل حقق الاعتداء عليه مكسباً سياسياً للمجموعة المسلحة المعتدية، أم حقق لها مكسباً نفسياً تمثل في تشفيها من البرلماني الأول في الولاية لأنه أصبح بالنسبة للمواطن في ولايته من ناحية رفاهيته اقتصادياً وخدمياً أهم من أصحاب الفشل النضالي أمثال يوسف كوة وعبد العزيز الحلو الذي ينتمي إلى أم من جنوب كردفان؟! لا مكسب سياسي في الاعتداء على بلندية ورفاقه الستة «رحمهم الله» أما المكسب النفسي فهذا ليس هو ما ينتظره مواطن جنوب كردفان الذي فشلت الحركة الشعبية بعد التوقيع على اتفاقية نيفاشا أن تحقق له ما كانت ترفعه شعارات لاستدرار عواطفه.. وحتى الذي كان يمكن أن يخدم أشواق أبناء جنوب كردفان ويحقق طموحاتهم في الخدمات وإيجاد الوظيفة المجدية يبقى ضمن تسعة آلاف معتقل دون محاكمة في سجون الحركة الشعبية بدولة جنوب السودان، إنه تلفون كوكو أبو جلحة. ومن اعتقال «أبو جلحة» إلى اغتيال بلندية فإن قراءة الصورة السياسية في جنوب كردفان، يمكن أن تكون هي أن أبناء جبال النوبة لا يصلحون لشيء غير أن يكونوا وقود حرب الحركة الشعبية، وأن أرضهم الغنية النديّة لا تصلح لغير مشروعات التآمر الغربية الصهيونية. دفاعاً عن حكومة جوبا { يبدو أن حركة مناوي قد تلاشت تماماً من معادلة الضغوط الميدانية على حكومة الخرطوم، وإنه ليس أمام جنودها إلا العودة للمربع الأول للأزمة الأمنية في إقليم دارفور، إذا كان التمرد عام 2003م هو المربع الثاني للأزمة، ويدل على هذا التلاشي الأسلوب الاستغنائي الذي أصبحت تتعامل به معها حكومة جوبا، فقد جاء في الأخبار أن مناوي غادر إلى كمبالا غضبان أسفاً بعد تنصل حكومة جنوب السودان من دفع مرتبات قوات حركته. لكن دعونا هنا ندافع عن حكومة جوبا ونقول من أين ستأتي له بالمرتبات بعد وقف إنتاج نفط الجنوب؟! وبعد وقف النفط فإن ما يأتي من أموال إلى جوبا من الخارج أولى به الجيش الشعبي وقوات الحلو وعقار.. وهم وقود ماكينات مشروع السودان الجديد أولى به من حركات دارفور التي لم تحدد حتى الآن ماذا تريد، مع أن الحركة الشعبية متحدة وتتمدد في دولتين. وحركات دارفور لا تتحد في دولة واحدة.