تقول الحكاية إن أحد القيادات من أنصار الترابي المقربين جدًا من شيخ حسن قد ساءت ظروفه المادية بعد أن «فطمتهم» الحكومة عقب المفاصلة الشهيرة بين البشير والترابي، لكن رغم ذلك وقف في صف الشيخ، المهم الراجل كان يكافح في معيشة الأولاد من خلال عمله في عربة أمجاد، وكان يعمل بالليل خوفًا من ناس المرور... الحكاية ضاقت بيهو ضيق شديد، لدرجة إنو قالوا قعد يكره اليوم العرف فيهو الترابي... والرجل كان متابَع ومراقَب من المعسكر الآخر حيث كانت تراقبه العيون وتحيط بكل صغيرة وكبيرة ذات علاقة به سواء في البيت أوخارجه، لأنه كان رجلاً مهمًا وكادرًا مقتدرًا ومؤثرًا، وبينما هو في تلك الحالة المزرية، جاءه صاحبه من المعسكر التاني: اسمع يا شيخ فلان إنت حالتك دي العاجبك فيها شنو، الترابي الكنتا طالع ونازل معاهو هسع مالو ما وقف معاك، والله أولادك بياكلو شنو ولاّ بشربو شنو ما بجيب ليهم خبر، ولا بسأل عنك.... هوووووي ياشيخ «فلان» عليك الله فارق لينا الزول دا وتعال معانا شوف معايش أولادك الربنا بسألك عنهم، يوم القيامة ما بسألوك من الترابي، بسألوك من المساكين الجعانين ديل «وهو يشير إلى أبناء صاحبه النيام المرهقين»... طرق القيادي صاحب الأمجاد مليًا في الأرض، وقبل أن يقول أي شيء عاجله صاحبه بالقول: نحنا ما دايرين منك حاجة غير بس تخلي الزول ده وتشوف مصالحك، إنت بس قول أيوة وخلي الباقي عليْ، أمورك كلها بظبطا ليك... أومأ صاحبنا بالموافقة تحت وطأة الحاجة وجبروتها، ثم انطلقا إلى «شيخ كبير» لأداء فرائض الولاء والطاعة وإعلان الانسلاخ من «الشيخ القديم» وأداء قسم الولاء، بعد إكمال هذه المراسم وودعا «الشيخ الجديد» همس صاحبه في أذنه: خلاس يا « أخو» إنت والفقر اتفارقتو، ومن يوم الليلة الأمجاد قرَّشْها في البيت ما تشتغل بيها، وبعد كدا هيئ نفسك للمنصب الوزاري الجديد.... انتظر صاحبنا أسبوعًا واسبوعين وشهرًا وشهرين مافيش زول جاب خبرو، فاض بيهو الصبر، وشك في الأمر، وتحت وطأة الحاجة نفسها لجأ مرة أخرى إلى الأمجاد، وطفق يعمل ويعمل بعد أن ئس من الوعد، وبينما هو شاحن «طرحة» وفاتح الرادي سمع اسمو في التشكيلة الوزارية وزيرًا للدولة، قبض الفرامل بجنون، شتمه الركاب: يازول يا أطرش ماكملتنا دي فرامل شنو العبيطة دي... قال صاحبنا وهو يخاطب أعضاء الفردة: «لمن تتكلمو مع وزير اتكلمو بأدب، ودي آخر فَرْدَة يا فِرَدْ ومجانية كمان، الوزرا اللي ذاعوهم ديل أنا فيهم.».. لكن النعمة مابتدوم جا سيف التقشف وشال راسو زي قفل الفتيل، حدث ذلك وسط تكهنات ترجح هجرته إلى «الشيخ القديم».. طبعًا متخيلين دي تكون حلمه، لكنها حقيقة وواقع... ما دوامة.