والحرب العالمية الثانية تضع أوزارها، كانت اليابان ترقد على أحزانها وهي تعيش الدمار في هيروشيما وناجازاكي، وما شهدته تلك الديار من خراب كان يصعب تعويضه في زمن وجيز، والحرب قضت على الأخضر واليابس، فاجتمعت القيادة السياسية بعلماء اليابان وبدأت رحلة التفكير في مخرج لتلك الأوضاع الاقتصادية والسياسية الحرجة، فكان القرار بتخصيص «80%» من موارد الدولة للتعليم، ونجحت اليابان في ذلك وهي الآن من أكبر الدول الصناعية وأعظم دول العالم اقتصادياً، ونمور آسيا كان البحث عنها في خارطة العالم يحتاج للكثير من التدقيق لضعف مواردها واقتصادها وتدهور أوضاعها ولكن الآن هذه النمور في قمة دول آسيا بفضل التعليم، والعالم أجمع يتقدم بفضل التعليم ودعم الدولة لهذا التعليم، والسودان في سنوات سابقة كان يُعتبر منارة العلم، وكثيرون تخرجوا في جامعة الخرطوم وفي مدارس الخرطوم، ولكن الآن هذه المدارس تشكو حالها من الإهمال وانعدام الدعم، مدارس السودان عامة الآن تعاني من تردي البيئة التعليمية ومن انعدام الأموال التي تسيرها مما جعلها تعتمد على المجالس التربوية والوزارة تنظر لهذه المجالس تدفع أم لا تفعل، فلا يهم، فالدولة تعلن مجانية التعليم وتملأ الصحف بهذا الحديث مما يجعل أولياء الأمور يصدقون هذه المجانية والوزارة تقف تتفرج على مسلسل انهيار التعليم في السودان. إن أردنا التقدم الاقتصادي والتفوق الزراعي والصناعي فلا بد أن تدعم الدولة التعليم ولا بد أن تهتم بالمدارس والمعلم والتلميذ حتى نخرج أجيالاً تستفيد منهم الدولة كما استفادت العديد من دول أوربا والعالم العربي من العقول السودانية، فلا يعقل أن تفكر الدولة في الازدهار والخروج من الضائقة الاقتصادية ومدارس الخرطوم كغيرها من المدارس في السودان يجلس تلاميذها على الأرض، ويبحث أولياء الأمور عن الكتب لأبنائهم في الأسواق المختلفة، وتجتمع المجالس التربوية لجلب الدعم من المواطن البسيط الذي يحمل هموم المعيشة والعلاج و... و... والكثير من الأشياء التي جعلت المرء يقطع الأرحام في سبيل الحصول على قفة الملاح. وكثيرون يسألون لماذا نحن نتراجع والأمم غيرنا تتقدم؟ لماذا يتدهور التعليم في وجود التقنيات الالكترونية الحديثة وازدهار وسائل التعليم الحديثة؟ نرجو أن يفكر ساستنا الذين يملأون الدنيا ضجيجاً في مؤتمرات التعليم المختلفة في مخرج لأزمة التعليم من أجل مستقبل مشرق للأجيال القادمة ونرجو كذلك أن تخصص الدول ميزانية محترمة للتعليم حتى نلحق بالأمم التي كانت من خلفنا وتطورت بفضل دعمها للتعليم.