ارتبطت الهجرة في العقلية التقليدية بأنها فرصة للمجتمع وليس خسارة، والصحيح أن الدول الآن تستثمر في الموارد البشرية والعقول والقدرات، ولعل الدولة انتبهت لذلك مؤخرًا فأنشأت وزارة لتنمية الموارد البشرية بتأهيلها وتدريبها لتواكب المنافسة القوية التي يشهدها سوق العمل. العلاقة بين الدولة والمغتربين لم تكن على مايرام وكثيرًا ما سمعنا شكاوى الأخيرين من الضرائب والجمارك التي تفرضها عليهم الأولى لدرجة أن بعضهم فضل أن يبقى مهاجرًا بينما تصم الدولة المغتربين بالتهرب من دفع ضريبة الوطن ولكن ثمة تحركات لخلق شراكة مثمرة بين الدولة والمغترب يجتهد فيها جهاز السودانيين العاملين بالخارج تمثلت في مؤتمر اقتصاديات الهجرة الذي تنعقد في هذين اليومين دورته الثانية بمركز مامون بحيري برعاية النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس المجلس الأعلى للهجرة الأستاذ علي عثمان محمد طه لتقنين اقتصاديات الهجرة وإدراجها في سياق الاقتصاد الوطني بشكل علمي وبحث المحفزات والسياسات الكفيلة بتشجيع المغتربين على ذلك عبر التحويلات والاستفادة من الخبرات المتوافرة من الأكاديميين لتعميق اقتصاديات الهجرة وبحث المعوقات التشريعية والبيروقراطية والإجرائية أمام الاقتصاد بالمهجر واستعراض التجارب الإقليمية والدولية الأنسب والاستفادة منها حسب الكلمة التي ألقاها مدير مركز دراسات الهجرة والسكان بروفيسير الهادي عبد الصمد. الأمين العام لجهاز المغتربين دكتور كرار التهامي انتقد البنية التشريعية واصفا إياها بالضعيفة وبين أن تحويلات المغتربين تشكل «705%» من إجمالي التحويلات وتمثل حوالى «3» مليارات داخل الجهاز المصرفي وقال إن الوطن الذي يستقطب المستثمرين من كل فج قمين بأن يستقطب أبناء الوطن ولعل الكتور يقصد تبسيط الإجراءات التي تجعل المغترب يتلوى من الألم وهو يعبر من مكان لمكان ومن إجراء لإجراء بينما هو مستعد لدفع الأكثر.. ولعل في حديث وزير رئاسة مجلس الوزراء أحمد سعد عمر ما يطمئن كرار إذ وعد بإنزال توصيات المؤتمر إلى أرض الواقع خاصة وأنه يكتسب أهميته من الظروف الاقتصادية الراهنة التي تعيشها البلاد، وأشاد بالشعب السوداني الذي أصبح ملمًا حسب تعبيره بالمتغيرات العالمية فأحبط كل المؤامرات التي كانت ستطيح أمنه واستقراره. نوقشت في الجلسة الثانية من المؤتمر عدة أوراق عمل أولها ورقة «قضايا تبسيط الإجراءات الهجرية والقانونية والإدارية» التي أعدها وقدمها د. الكندي يوسف تحدث فيها عن الحوافز والإعفاءت الجمركية والضريبية وقضايا تعليم أبناء المغتربين وزكاة المغتربين وتبسيط الإجراءات الهجرية باعتبارها مدخلاً لعلاقة قوية مع المغترب وغيرها من القضايا. أما الورقة الثانية فتناولت تجربة السودان في مجال إصدار الصكوك وأعد الورقة مدير عام سوق الأوراق المالية د. عثمان حمد، وقدم الخبير الاقتصادي والنائب الأول لمحافظ بنك السودان سابقًا د. عبد المنعم محمود القوصي ورقة عن السياسات المالية والمصرفية الجاذبة لتحويلات المغتربين واستثماراتهم.